الإرشاد الزراعي تعالج موضوع المتاجرة والسمسرة بالمواد الزراعية المدعومة
لم يرتقِ العمل في الوحدات الإرشادية خلال العقدين الماضيين من الزمن إلى الشكل الأمثل، حتى إنه لم تتحقق الغاية المرجوة من وجود تلك الوحدات، حيث بقيت الوحدات الإرشادية تعتمد في عملها خلال السنوات الماضية على الاجتهاد والتفسير المنفرد والتحليل غير المستند إلى طرائق علمية حديثة، والمستغرب أنه خلال السنوات الماضية لم يسجل لهذه الوحدات أي نشاط علمي نموذجي يذكر، في حين اقتصر دورها فقط على المطالبة بلوجستيات المزارعين من مازوت مدعوم وسماد وأدوية زراعية وإلى غير ذلك، وبذلك أصبح الشغل الشاغل لأغلبية العاملين في هذه الوحدات هو المتاجرة والسمسرة في المواد الزراعية المدعومة المقدمة للمزارعين، وعلى اعتبار أن هذه الوحدات الإرشادية هي المحرك الرئيسي للنشاط الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، فكان لا بد من الانتقال بهذه الوحدات من عملها التقليدي غير المجدي إلى عمل أكثر حداثةً وتطوراً، وهذا ما تعيه وتدركه الإدارة الحالية لمديرية الإرشاد الزراعي في الوزارة، حيث باشرت ومنذ تسلمها لمهامها بإحداث نقلة نوعية في عمل هذه الوحدات، من خلال توحيد العمل فيما بينها واعتماد برامج وأدلة إرشادية شاملة لجميع الوحدات، حيث تحتوي هذه الأدلة على أحدث الطرق الفنية الإرشادية ذات الصبغة العلمية، وأمام الواقع الجديد لعمل هذه الوحدات تكون مديرية الإرشاد الزراعي بالوزارة قد قطعت شوطاً كبيراً في التخلص من عُقد الماضي المتمثلة في المتاجرة والسمسرة.
نشر التقنيات
مدير الإرشاد الزراعي في الوزارة الدكتورة انتصار الجباوي أوضحت أن المديرية أنجزت خلال الفترة الماضية ثلاثة أدلة إرشادية، تعتمد في مضمونها على العلمية والحداثة في العمل الإرشادي الزراعي، حيث كانت البداية مع دليل البرامج الإرشادية الذي يقوم برصد مشكلات النشاطات الإرشادية، وذلك بهدف تحديد برنامج النشاطات الإرشادية من ندوات وبيانات عملية بما يتوافق مع الروزنامة الزراعية لكل نشاط زراعي بشقيه النباتي والحيواني، إلى جانب إحداث دليل المباريات الإنتاجية، الذي يشعل روح المنافسة بين المتقدمين للتنافس على المراتب الأولى في الإنتاج ليتوج بطل الإنتاج، ويشعر بالفخر لما حققه، سواءً من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية، لأن العائد المجزي سيعود عليه بالنفع بالدرجة الأولى، ويتحقق هدف الإرشاد بنشر التقنيات التي يمارسها الفلاح بنفسه لرفع مستوى الإنتاج، بالإضافة إلى دليل ثالث يسمى دليل مدارس المزارعين الحقلية، حيث تعد مدارس المزارعين الحقلية تعليماً غير رسمي للبالغين والتي تشمل حالياً الكثير من الأهداف كالزراعة العضوية، وتربية الحيوانات، وإدارة التربة، وإدارة المياه الجوفية، وصحة الإنسان، والأنشطة المولدة للدخل مثل الحرف اليدوية.
وبينت الجباوي أن مفهوم مدارس المزارعين الحقلية دخل أكثر من 87 دولة وخرّجت من 10 إلى 20 مليون مزارع على مستوى العالم. فهي تعد الأنسب للتحديات والفرص التي تتطلب قرارات أو ممارسات إدارية خاصة بمكان محدد، وتالياً تعتمد ميزتها النسبية على التكامل ما بين المبادئ التالية المتعلقة بالتعلم الموجه، وأساسه الحقل، والتعلم التجريبي، وما بين مراقبة وتحليل وتقييم وتجريب على مدى فترة زمنية كافية لفهم ديناميكيات العلاقات الرئيسية (الزراعية البيئية، الاجتماعية-البيئية)، وما بين أيضاً اتخاذ القرارات الفردية والمشتركة، وبناء القدرات الفردية والمجموعة.
مجموعات التمكين
ونوهت الجباوي بأن الدليل الأخير يعد وسيلة لتمكين المزارعين الضعفاء من إنشاء مجموعات التمكين الاقتصادية المتماسكة الخاصة بهم، القادرة على المغامرة في مساعٍ جماعية موجهة تجارياً، وقادرة على التفاعل مع مقدمي الخدمات والوسطاء في السوق.
يشار إلى أنه انطلاقاً من أهميتها، كان لابد من وضع دليل عمل وآلية واضحة للمرشد الزراعي لتنفيذها بالشكل الصحيح ومحددات وشروط نجاحها، مع الأمل بإدخال هذه الأدلة التي تبين عمل المرشد الزراعي في الوحدة الإرشادية ضمن مناهج الإرشاد في كليات الزراعة والمعاهد والثانويات الزراعية، بغية إطلاع وتعريف المفرزين للوحدات الإرشادية من المهندسين الزراعيين والمراقبين الزراعيين بآلية عمل المرشد الزراعي وما هو مطلوب منه إرشادياً، أيضاً تنفيذ عدد من الدورات التدريبية من قبل النقابات والاتحادات، ولاسيما نقابة المهندسين الزراعيين للمهندسين الجدد المفرزين للوحدات الإرشادية من خلال فروعها في المحافظات على هذه الأدلة.
تشرين – محمد زكريا
إضافة تعليق جديد