حوار بين مدارس البورتريه السويسرية
يعتبر فن البورتريه أحد أنواع الرسم التي ينظر إليها الفنانون على أنها معقدة، لاعتمادها على تقديم الشخصية عبر ملامح الوجه.
ويرى النقاد أنه كلما برع الرسام في توضيح تفاصيل الشخصية وفهمها المشاهد، كلما كان العمل ناجحا، ويتبارى الرسامون لتقديم أفكار جديدة لإثراء هذا الفن الذي يعود إلى بدايات التاريخ.
ويقدم متحف الفن في لوغانو جنوبي سويسرا في موسمه الشتوي، مقارنة بين ثلاث مدارس تخصصت في فن البورتريه، قال إنها "تمثل توجهات مختلفة أثرت مسيرة هذا النوع من الرسم في القرن العشرين" حيث جمع أعمال أربعة من الفنانين الذين لعبوا دورا في تطوير البورتريه في القرن الماضي.
المدرسة الأولى من أعمال الروسي ألكسي فون غافلينسكي (1864-1941) والثانية للوحات الفرنسي هنري ماتيس (1869–1954) والثالثة تضم أعمالا لكل من السويسري فرديناند هودلر (1853-1918) والألماني وليام ليمبروك (1881- 1919).
ويقول مؤرخو الفن أن غافلينسكي "ظهر كأحد المبدعين في فن البورتريه، إذ جاء في فترة كانت المدرسة الكلاسيكية التعبيرية هي الغالبة على هذا المجال، حيث حرص كبار الرسامين في القرن التاسع عشر على تجسيد ملامح الوجه والشخصية بالتركيز بدقة على الملامح بواسطة الألوان والظلال".
في حين اختار غافلينسكي أن يستخدم الخطوط الأساسية في الوجه، التي توضح سماته وبعض خصوصياته بقلم الرصاص من دون ظلال، فالبنسبة له لا يهم أن تعرف من هو صاحب الصورة، بقدر ما يمكنك التعرف على شخصيته، إن كان سعيدا أو حاد الطباع، رجلا كان أو امرأة.
وفي المرحلة الثانية من مسيرة غافلينسكي مع البورتريه، بدأ باستخدام الألوان، ولكن في مساحات كبيرة على الوجه، دون أن تكون أداة لتفصيل الملامح، وإنما لتحديد زوايا الضوء وإعطاء الأبعاد الدرامية المناسبة على اللوحة، فنجح بالخطوط ومساحات الألوان في توضيح سمات الوجه الأفريقي والآسيوي والقوقازي على سبيل المثال.
في المقابل كانت مدرسة البورتريه تتطور بريشة رسامين آخرين، مثل السويسري هودلر، حيث تشير اللوحات المعروضة له أنه كان يفضل ربط تفاصيل الوجه مع حركة الجسم، وهو ما يجعل أعماله بين البروتريه والجسم الكامل أثناء الحركة، مع الاهتمام بالمجال المحيط به.
وعلى الرغم من ظهور مدارس التكعيبية والتجريدية ومراحل من الفن التشكيلي في النصف الأول من القرن العشرين، ودخول تلك التوجهات على فن البورتريه، مثلما هو الحال في لوحات بيكاسو وغيرهم، إلا أن التوجهات التي اختارها المعرض للمقارنة بين تطور فن البورتريه، ركزت على تلك التي تعنى بالشخصية بشكل مباشر وليس عن طريق السريالية مثلا.
ففي اللوحات التي قدمها المعرض بريشة ماتيس، يجد الزائر استخداما واضحا للألوان في تعابير الوجه، ولكن دون التركيز على التفاصيل الدقيقة، وتلعب الألوان هنا دورا هاما في تحديد بعض سمات الشخصية، لا سيما في منطقة العيون.
أما لوحات ليمبروك، فكانت مزيجا من البورتريه الكلاسيكي، مع التجديد في انسيابية الخطوط التي كانت العامل الأساسي في جميع لوحاته المعروضة، والتي كان يستعين بها حتى في الظلال وتصوير خلجات الوجه، بدلا من المساحات الملونة.
تامر أبو العينيين
المصدر: الجزيرة نت
إضافة تعليق جديد