لا جديد في مضمون الدراما السورية هذا العام؟
تبقى مشكلة الدراما السورية ـ كما تقدم نفسها الآن على شاشة رمضان ٢٠٠٨ ـ على صعيد بنية النص الدرامي والمضمون الذي يحمله، أنها جاءت رداً على سؤال تسويقي يطالب بحضورها وسط الإنتاج الدرامي العربي، وصدىً لسلوك السوق الذي يسعى لاستثمار نجاحات سابقة حققتها أعمال درامية سورية سابقة لاقت رواجاً جماهيرياً وقت عرضها. وهو الأمر الذي رجَّح كفة التكرار في كثير مما ينتجه السوريون كل عام؛ وإلا ما معنى أن ينتجوا هذا العام خمسة من مسلسلات البيئة الشامية، وتكون جميعها محصورة في فترة زمنية متقاربة وجميعها يقدم نفسه بإيقاع درامي واحد: البطل فيه هو »الحارة«، ومحور الأحداث حكايات مثقلة بالحكمة والموعظة والمواقف النبيلة، تمتدّ بشكل أفقي.. هي أقرب من الثرثرة منها إلى أحداث تتنامى وتتصاعد وتتأزم..
وعلى نحو يمكن القول إنَّ ما طالعناه، مثلاً، في الأسبوع الأول من مسلسل »باب الحارة« يمكن اختصاره بحلقة واحدة، بل ويستطيع المشاهد أن يتابع المسلسل بعد الأيام الستة دون أن يشعر أن شيئاً فاته.
وبينما تراجعت الدراما التاريخية (كمّاً) في الإنتاج السوري فقدمت عملين اثنين (لورانس العرب، قمر بني هاشم)، بدأت الكوميديا السورية تستعيد جزءاً من عافيتها وليس كل العافية؛ فقد كشف الأسبوع الأول من رمضان عودة الكوميديا الاجتماعية »بقعة ضوء« في جزئها السادس إلى بعض توازنها، بينما فشل مسلسل »حارة على الهوا« في الخروج من دائرة تكرار مسلسلات كوميديا التهريج، التي ربما أضحك بعضُها المُشاهدَ وقت عرضها، ولكنها جميعها لم تنجح في أن تكرس حضورها في ذاكرته.
وبالعودة إلى الإنتاج السوري هذا العام والذي قارب الثلاثين عملاً تلفزيونياً، ومع الأخذ بعين الاعتبار المراجعة السابقة، يبرز السؤال: ما الجديد إذاً في مضمون ما يقدمه السوريون هذا العام؟
الأجوبة المحتملة لمثل هذا السؤال، ستبقى محصورة في الدراما الاجتماعية السورية المعاصرة، التي يحسب لها هذا العام استمراراها في طرح قضايا مسكوت عنها بجرأة، ومن زوايا ضيقة لم يسبق للدراما التلفزيونية أن تناولتها؛ كما تفعل اليوم دراما »ليس سراباً« للمخرج المثنى صبح، التي شُغلت حتى الآن بالكشف عن خفايا الحدود الاجتماعية الفاصلة، وربما المتناقضة، بين الأديان المختلفة، أو كما تطرح دراما »رياح الخماسين« التي تتناول علاقة سجين سياسي بمحيطه الأسري والمجتمعي، أو من خلال إعادة إنتاج صورة »أولاد العرب« في لندن درامياً في مسلسل »عرب لندن«، بالإضافة إلى مسلسل »ليل ورجال« الذي يكشف بأسلوب مشوّق وعلمي المشعوذين، ويسلط الضوء على الجانب النفسي لدى من يلجأون إلى الشعوذة، واستعدادهم لتقبل ما يأمرهم به الدجالون.
وفي المسلسلات الأربعة السابقة، نحن أمام بنية نص درامي مختلف ـ على الأقل ـ بالمضمون الذي يحمله، وهو الحدّ الأدنى الذي من شأنه الخروج بهذه الدراما من هوة التكرار، الذي نأمل أن يترافق مع مستوى فني مقبول، نجد أنَّ الحكمَ عليه منذ الآن مبكر.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد