"تكتيك" وأحقاد الحبر

10-12-2008

"تكتيك" وأحقاد الحبر

الجمل- بشار عيسى: وكأن العرض المسرحي "تكتيك" للمبدع عبد المنعم عمايري تحوّل كرة يتقاذفها من أراد ومتى يشاء, وهذا أولاً يُلِّح علينا بأن نعمل وبمسؤولية ٍ جادةٍ على تنقية المشهد الثقافي السوري من بعض الآفات التي تتغلغل في نسيجه وتعمل على ظهوره شكلاً مقزوماً عامله الأساسي الغيرية السالبة القاتلة التي تُحقِّق ذات الفرد وليست ذات الجماعة التي تُكوِّن مشهداً واحداً حامله التقنية الفكرية الإبداعية النقدية المألوفة .

والإلحاح الثاني هو : لماذا عبد المنعم عمايري ؟

الذي يحدث الآن هو ذاته وربما بالتفاصيل الصغيرة ما حدث في أعقاب العرضين السابقين الآثرين  " صدى" و"فوضى" ففي أعقاب هذين العرضين كثيرة هي الأقلام التي نزّت حقداً لا حبراً ومن ثم عانت القهقرى عائدةً لمعالجة مبضعها الصدأ فمنها من أصرَّ على حقده ومنها من عالج المبضع ليعود مألوفاً , والآن في "تكتيك" أرى في الغالب كيمياء الحبر الآنف الذكر وهذا لا يشكِّل انتهاكاً لإبداع العمايري بل اللعب على ذاكرة المُتلقي والمُتلقي ذاكرته حيّةٌ أكثر من الجميع .  كنت في السالف من زمن قد طلبت من عبد المنعم توخي الحذر في تقديم الصدمة , على أن يقدمها جرعات متعددة لا دفعة واحدة خشية أحقاد الحبر.

لن أتناول "تكتيك" بالنقد التقني العلمي الذي يُفضي إلى كشف  يخدم واقع المسرح السوري ,بل أتناول عبد المنعم عمايري كتلة واحدة منذ الوقوف الأول على الخشبة وصولاً إلى "تكتيك" مروراً بأعماله الدرامية التي بيّنَت تقنيته العالية كممثل والبعد الإنساني الذي طالما حلمنا أن يكون عليه المثقف السوري ولن أنسى وأنا في هذا الطريق أدب عبد المنعم عمايري , أدبه المسرحي والقصص التي تنتظر تعميمها في المشهد السوري .

عبد المنعم المبدع الجامع يُحرّض الكثير من الخفافيش أن تحوم حول تخوم إبداعه , وفي مادة صحفية حققتها في آذار الفائت كنت قد أشرت إلى إمكانية حدوث فوضى في الرؤية النقدية لأي عمل مسرحي يُقدِم عليه العمايري , وفي الحوار المباشر معه في أعقاب هذه المادة سألني عن دوافع الخوف أحلت ذلك إلى إبداعه المفرط حدّ الصدمة في وسط من عناصره أقلامٌ مازالت تضع الغيرية السالبة والشللية سمتاً أساسيا ً في نسيج حبرها . وعروضه التي تقدّمت "تكتيك" شكّلت كمن يريد قلب السرير على سبات المسرحيين والمشهد المسرحي فكانت بحق كذلك , وفي الواقع الراهن من  المجازفة الاعتقاد أننا نعيش واقعا مسرحيا معافى ما زلنا في مرحلة التجريب والبحث وصولاً إلى المنشود وفي خضم هذا الواقع تأتي "تكتيك" لتقلب السرير من جديد على سبات يصل حدّ اليباس .

لذا يا صديقي عبد المنعم لن تسرق الأقلام الحمقاء إبداعك المفرط بإصرار لتصرفه طاقةً كي تُغذي غلّها , والكرة التي بدأت بها من السذاجة أن يظنها الآخرون هشة بل هي الفولاذ الذي يثقب خلابا السماء كي تَتقِد الشمس من جديد . وأنا في مقعدي وعلى بعد مئات الكيلومترات ربما تسلل إلي الخوف عليك لبرهة لكني نفضته وما استطاعوا أن أقع في أحقاد حبرهم كما لم تقع .

 

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...