هوس الموبايل بين السوريين
تحول الخليوي الى حاجة لا غنى عنها لدى السوريين بعد فترة ليست بالقصيرة نُظر اليه على نطاق واسع باعتباره كمالياً وترفاً لا يحتاجه إلا رجال الأعمال وأصحاب المداخيل المرتفعة. وبعد مرور نحو 6 سنوات على عمل الشركتين المخدمتين في سورية، أصبح عدد المشتركين فيهما ينافس عدد المشتركين بالثابت بواقع 2.3 مليون مشترك مقابل 2.6 مليون بحسب معطيات العام الماضي. وأدت تلك الأرقام الى ظهور نشاط اقتصادي وتقني وخدمي يتمحور حول تأمين أحدث الأجهزة والصيانة والاكسسوارات وتنزيل النغمات، ويشغل آلاف الشباب في القطاع. ويتحدث العاملون في بيع الأجهزة وصيانتها عن تحول مهم في اهتمام الزبائن نحو الأجهزة الأحدث والأفخم على رغم ثمنها الباهظ نسبياً مقارنة بمعدلات الدخل ومستويات المعيشة المنخفضة. ويقول أحمد صاحب احدى الصالات في مخيم اليرموك الى الجنوب من دمشق، انه شخصياً يفضل العمل بالاجهزة الأحدث لكونها مرغوبة أكثر وربحها أكبر. ويضيف ان الاقبال على الموديلات القديمة نسبياً ضعيف ويندر زبائنه باستمرار وغالباً ما يكونون من المشتركين الجدد أو من كبار السن وغير المهتمين بالأحدث في عالم الاتصالات عموماً.
ويرى فراس الذي افتتح صالة بيع أخيراً بعد أن عمل فترة في الصيانة، ان الزبائن باتوا يتعاملون مع الجهاز وكأنه جزء منهم، وعلى هذا الأساس يحاولون اقتناء الأحدث والذي يكون غالباً الأغلى ثمناً. ويضيف ان زبائن الأجهزة الفخمة هم غالباً من الذكور «للمباهاة وحب الظهور بالدرجة الأولى بصرف النظر عن قدرات الجهاز التي لا يستخدمونها غالباً». ويضيف فراس ان كثيرين من زبائن الأجهزة الأغلى ثمناً موظفون عاديون يتجاوز سعر الجهاز ضعف راتبهم الشهري وبعضهم يشتري الجهاز بالتقسيط مع أن ثمنه لا يتجاوز الـ 20 ألف ليرة (الدولار 52 ليرة).
بيع مزدهر
وتحولت صيانة الأجهزة وتجارتها الى مجال مربح كما يشير بعض العاملين في القطاع. ويقول أسعد الذي افتتح صالة للبيع في احدى ضواحي دمشق، ان الديكور وحده كلف نحو 500 ألف ليرة فضلاً عن قيمة البضاعة وأجرة الموظفين، لافتاً الى ان «الأمور تسير في شكل معقول حالياً باعتبار الفترة تشكل فورة في هذا المجال بعد التسهيلات النسبية التي قدمتهما الشركتان المشغلتان وهو ما رفع عدد المشتركين الى تلك الأرقام». ويتوقع أسعد «تحولاً حاداً في العمل في غضون عامين الى ثلاثة بعدما تغرق السوق بأعداد كبيرة من الأجهزة، فضلاً عن ازدياد صالات الخدمة والبيع».
ولا تشكل تلك الحالة نموذجاً، اذ اجتهد كثير من الشباب برؤوس أموال متواضعة لإطلاق مشاريع صغيرة لخدمة الأجهزة وبيع الاكسسوارات وحتى الأجهزة المستخدمة. وتنتشر معظم المحلات في الضواحي الشعبية المحيطة بدمشق حيث الاكتظاظ البشري الكبير وضعف الامكانات المادية.
ويقـول حـسان الذي ضم المهنة الى محله الصغير المخصص لبيع العطور والتذكارات البسيطة، ان ربحه يتـركز على تغيير غطاء الجهاز وتنزيل النغمات على رغم تواضعها وأحياناً شراء الأجهزة المستعملة وبيعها. ويلفت الى ان هذا النشاط تحول الى جزء مهم من عمله بعد أقل من عام على بدايته به.
وتشير التقديرات الى ان سوق الخليوي يضم ما بين 3.5 الى 4 ملايين جهاز تتجاوز أسعار بعضها حاجز الـ 35 ألف ليرة سورية، فيما تصل قيمة تلك الأجهزة الى نحو نصف بليون ليرة. وعلى رغم تأخر دخول بعض الخدمات من الناحية التقنية، فإن الأجهزة المتوافرة تعد الأحدث عالمياً وتدخل سورية بطرق مختلفة وعبر وكلاء كبريات الماركات العالمية، ويتم ادخال كميات أخرى تهريباً أو هدايا يشتريها السوريون العاملون في دول الخليج خصوصاً. واللافت تلك التسميات التي تحضر غالباً مع النماذج الأحدث كـ «الشيطان» و «الدمعة» و «قاهرهما» و «الهامر» و «الباندا» و «الجنتل» و «كابريس»... وغيرها من التسميات ذات المصدر الخليجي غالباً.
محمد الخضر
المصدر : الحياة
إضافة تعليق جديد