«بقعة ضوء» شاهد على رقابة «الفضائية السورية»

09-09-2008

«بقعة ضوء» شاهد على رقابة «الفضائية السورية»

يشهد المسلسل السوري »بقعة ضوء« على موجة انحسار ونكوص الرقابة في سوريا، ثم ازدهارها من جديد، كما لم تشهد البلاد من قبل. ولعل هذا »الازدهار« كان سبباً أساسياً في تراجع المسلسل إلى ما هو عليه اليوم. وخريطة عرضه على المحطات التلفزيونية خير دليل، حيث تحتضنه خمس محطات فقط؛ هي »الليبية«، »الفضائية السورية«، »دنيا« و »شام« السوريتان، و»المنار« اللبنانية. العمل مشغول سلفاً تحت سقف التعليمات، فقد قال مخرج هذه النسخة من »بقعة ضوء« سامر برقاوي : »إن الشركة المنتجة كانت حريصة أن تعمل ضمن التعليمات، ومع ذلك نفاجأ اليوم بكمية حذوفات غير معقولة على التلفزيون السوري«. ورغم أن »لا معنى للحذف طالما أن العمل يُعرض كاملاً على فضائيات أخرى«، فقد بدا المخرج حريصاً على جمهور محطة بلده الأولى، ومستاء من الحذف العشوائي وغير المفهوم. وبرغم أن العمل خضع سلفاً إلى رقابة لجنتيْ القراءة والمشاهدة، إلا أن يداً غامضة فوق اللجنتين راحت تشطب وتحذف من غير سؤال. وفي هذا الإطار قال المخرج: »لقد اتصلنا وسألنا لنعرف من هو المسؤول عن الحذوفات الجديدة، ولكن لا أحد يقرّ بالمسؤولية. طلبنا منهم أن يحذفوا بعلمنا، كي يظهر الأمر مقبولاً، ولا جواب أيضاً«.
وكي لا يظل أمر الرقابة عشوائياً وتعسفياً إلى هذا الحدّ يتساءل مخرج »بقعة ضوء« عن ما يسميها »لائحة الممنوعات أو الضوابط الواضحة«، ويسأل: »أم أن الهامش سيظل هلامياً تبعاً لمزاج الرقيب؟ لقد مرّ في نسخ سابقة من المسلسل ما هو أخطر بكثير، فلماذا لا يمر القليل؟«.
ولدى سؤاله عن بعض نماذج الحذف أشار برقاوي إلى لوحة بعنوان »حفلة مجانين« كتبها أيمن رضا، وهي تحكي عن مجموعة من نزلاء مشفى للمجانين يهربون من حافلة ويختفون في المدينة، لكن السائق (يجسده أيمن رضا) يجد حلاً في مجموعة عتّالين في وسط الطريق، يأخذهم إلى الحفل، ثم إلى المشفى، ليتحولوا هم بدورهم إلى مجانين بعد حفلات التعذيب والإبر المهدئة، أما هؤلاء الذي فلتوا في المدينة فسنرى صورهم بعد ثلاث سنوات مرشحين للانتخابات، أو مسؤولين يدشنون المشاريع، وهكذا..
لقد حذفت الرقابة هنا كل ما تلى نقلة الثلاث سنوات، أي تحول المجانين إلى مسؤولين. وبالتالي ضاعت فكرة اللوحة الأجمل في »بقعة ضوء« حتى الآن. هذا إلى جانب لوحة عن »تاريخ التخدير« حذف منها مشهد المدينة التي تنام على وقع خطاب تعبوي. إلى جانب عبارات هنا وهناك غير مفهوم حذفها. فلا يعرف برقاوي مثلاً لماذا تحذف عبارة »اربط الحمار محل ما يقول لك صاحبه. ما دام الحكومة تقول لك هكذا، إذاً..«.
لكن من الواضح أن لا أحد يعرف أين ينبغي أن يربط الحمار. لا أحد فعلاً يستطيع أن يحزر. وعلى سبيل المثال أيضاً يصـــعب أن نتخيل سبباً لأن تحذف قناة »المنار« شارة »بقعة ضوء« التي صارت هي كل هويته، لا ندري أي سوء في تلك الموسيقى كي تحذف. لا أحد يمكن أن يحزر!.

راشد عيسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...