الإنترنت هل يخفت بريقه؟

18-12-2008

الإنترنت هل يخفت بريقه؟

تضمحل الرهانات على احتلال العالم الافتراضي مكانة العالم الواقعي في المستقبل القريب، هذا ما أعلنه أخيراً الباحث الألماني المتخصص في الدراسات المستقبلية ماتياس هوركس. وقد عبّر عن استنتاجاته المتراكمة من دراسته للواقع الآن ولتجارب بعض مستخدمي الإنترنت، قائلاً إن هذه الشبكة فشلت في فرض نفسها كمرشح للتحكم بيوميات البشر. «مجموعة صغيرة، ولكن متصاعدة عددياً، من مستخدمي الإنترنت الذين كانوا يعدّون من المدمنين عليه، ينسحبون شيئاً فشيئاً الآن»، أكد هوركس متحدثاً عن 2,6 مليون شخص أصبحوا يعرِّفون أنفسهم كـ«مستخدمين سابقين» لبرامج المحادثة، وأنهم فضّلوا التركيز على تدعيم علاقاتهم الاجتماعية المباشرة والتقليدية.
من خلال متابعته لصفحات التعارف كـ«فايس بوك»، وجد هوركس أن الأصدقاء الافتراضيين لا يتمتعون بالقدرة على بناء علاقات وثيقة في ما بينهم، ما يجعل الصداقات التي يقدمها الإنترنت غير قادرة على التعويض عن غياب العلاقات الواقعية أو نقصها، وقال إن معظم المنتديات الإلكترونية تشهد نقاشات حول نقاط تدور في فلك «الخدعة الافتراضية» التي اكتشفها البعض بأشكال كثيرة، في خدمات الإنترنت الاجتماعية.
تطرق هوركس إلى فكرة منع المراسلات الإلكترونية التي طبقتها شركات أوروبية «لأن استعمال البريد الشخصي في العمل يضيع وقت الإنتاج ويعيق الروتين الوظيفي المطلوب»، فتم إصدار القوانين التي تحظر استعمال البريد الشخصي أثناء الدوام، أو تفحص الرسائل البريدية في أيام معينة من الأسبوع، هوركس تحدث أيضاً عن دور الانتشار المتنامي لأعداد المقاهي والمطاعم ووسائل الترفيه الجماعية، التي خففت من حدّة سيطرة سوق الخلوي والكمبيوترات على العقل الترفيهي الفردي الذي حكم الإنسان في العقد الماضي. ما يجعل هوركس «متفائلاً» بانحدار نسبة تعلق الإنترنت بالحياة الفردية وتحكّمه بالعلاقات الاجتماعية.

خضر سلامة

المصدر: الأخبار

التعليقات

الانترنيت عالم واقعي و فضاء حقيقي. و سمته الافتراضية تشبه سمات التلفاز و العاب الشطرنج و الفديو. حتى الأحلام هي جزء من واقع وجودنا . و التأثيرات التي تفرضها هذه -المجردات !!- على حياتنا تتجلى بمظاهر وظيفية و سلوكية. يبقى شيء قلة يلتفت اليه و هو انه مايزالون يتعاملون مع الانترنيت بعمومية شديدة : مثل التعاطي الأول مع التلفاز... لكن احد لا يريد الانتباه الى أن سلوكيات و آليات عمل الانترنيت تخضع لمنطق التطور و التفاعلية. فمثلاً برنامج مثل البالتوك حصل أو ظهوره على انتباه مستخدمي الانترنيت في العالم.. و لاحقاً خبى نجمه لصالح برامج و تطبيقات أخرى.. نفس الشيء بالنسبة للICQ . ياهو نفسه لم ينج من الحاجة الداخلية لدى الانسان للتغيير و التي تعد عامل سلوكي حاسم في تاريخ كسر الاحتكارات الاقتصادية. فظهور غوغل المتواضع في بدايته أدى الى ثورة مازالت تتصاعد أرباحها. الفايس بوك نفسه سييصل الى حد الاشباع. و بالتالي حالات المد و الجزر هي جزء من هوية نضوج الانترنيت و تطورها و حياتها-الواقعية- و التغييرات السلوكية و المعرفية التي فرضتها الانترنيت في العالم واضحة التأثير .يبقى الصراع او الجدلية بين الواقعي و الافتراضي خاضعين لمدى تمدد كل منهما في المساحة الشخصية أو الجمعية في بيئة ما : تماماً كالتلفاز . فبعضنا لا يجد لنفسه في مرحلة ما الوقت أو الرغبة لمتابعة التلفاز و يأتي وقت يصبح التلفاز واقع يستطيل على مدار الساعة. و لكن هذا ينطبق على أي شيء. فقد تعتاد قهوة أو مطعم معين لفترة. ثم تهجره نتيجة طارء على ترتيباتك الحياتية. تغيير السلوك أو العادات هو حالة انسانية لا تقتصر على العالم الواقعي و لكن تنسحب على كل مساحة النشاط الانساني.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...