العلاج النفسي قصةٌ لا خواتم لها

08-04-2011

العلاج النفسي قصةٌ لا خواتم لها

تحتاج إلى من يستمع لمشاكلك وهمومك في أشد المحن في الحياة، فتلجأ متشجعاً إلى طبيبك النفسي المخوّل القيام بهذه المهمة، لكنك تنسى في الوقت ذاته أن اقتصار الأمر على جلسة أو اثنتين أمر شبه مستحيل، لتكتشف لاحقا أن التخلص من هذا العلاج أصعب من الانخراط فيه.
اعترفت مارتين (52 عاما) أنها «قصة مشاعر وانفعالات» بعدما خضعت لعدد من الجلسات التحليلية طيلة 20 عاما، لكنها لم تنف أن الأمر ساعدها في كثير من المحطات الحياتية رغم شعورها بضرورة التوقف عن متابعة العلاج النفسي.
مسألة معقدة؟ عادة ما تفرض العلاجات السريعة، كتلك المتعلقة بالتصرّف والإدراك، عددا من الجلسات المتخصصة، وتمارين يقوم بها المريض بمفرده، وأهداف يجب الوصول إليها.. وكلها تفاصيل تشكل «عقد العمل» بين الطبيب ومريضه، الذي يعلم منذ البداية متى سيشفى من «فوبيا العناكب» أو «الخجل المزمن» أو غيرها من «الأمراض»... لكن في مدارس علاجية أخرى، يختلف الأمر كثيرا لجهة تحديد نهاية الجلسات ومدتها الإجمالية، خصوصا عندما تحتل اللقاءات المبرمجة بين الطبيب والمريض، مكاناً أساسيا في اللاوعي لدى الأخير، وهو الجزء العقلي الذي يقود العلاقة بين الجانبين و«يدوزنها».
سيغموند فرويد نفسه ـ أب العلاجات الشفهية المرتكزة على اكتشاف اللاوعي ـ لم يترك أي نصيحة تذكر حول كيفية الانتهاء من هذه الجلسات. على العكس، هو الذي استفاض في الكتابة عن اللاوعي الذي يجعل المريض يبادل محلله شعور الطفل لأبيه، وبالتالي استعادة علاقات الماضي في الحاضر.
«نهاية العلاج النفسي لحظة مهمة جدا، لأننا نقرأ من خلالها تصرفاتنا في لحظات الافتراق».. هذا ما اعتبرته المحللة النفسية ايزابيل كوروليتسكي مهما للمريض، مشيرة الى أن «مثل هذا الاستحقاق يكشف عن استراتيجياتنا غير الواعية التي نهجر على اساسها من نحبّ او نتهرّب من مسؤولياتنا او نصبح اكثر تحررا»... وأضافت أنه في الوقت الذي يقرر فيها المريض التخلي عن العلاج، يبدأ العمل الجدي بالنسبة للطبيب، «ففي حين يشكو المريض من ضيق وقته او حالته المادية، اشعر ان عليه مواصلة التمارين متحديا مصاعبه والشروط الحياتية وموظفاً رغبته بالتوقف بأمور اخرى اكثر فعالية».
أما سوفي (47 عاما) فشعرت انه في كل مرة كانت تطالب طبيبها بوقف الجلسات، كان جوابه «الوقت لم يحن بعد». وبعد ثلاث سنوات، اتى الوقت المناسب «لنتكلم عن النهاية»، غير أن هذه النهاية احتاجت الى جلسات اضافية لمدة عام. «هذا ما لم اعتبره منطقيا، فاضطررت الى شراء هدية امتنان تقليدية لأقول له الى اللقاء».
الى اللقاء وليس وداعاً. لانه في الواقع لا مجال للانتهاء من العلاج النفسي. فمع وفاة طبيبة ايزابيل يويل النفسية، شعرت كاتبة «شجرة الليمون» بأزمة داخلية لم تستطع تفسيرها. وقالت «سألت نفسي لماذا شعرت بهذا السوء حيال خبر وفاتها؟ هل هي فعلا نهاية علاجي النفسي؟». من خلال الكتابة عن تجربتها، اكتشفت يويل انها لم تستطع «التحررّ» من علاقتها بطبيبتها، وهي اليوم بحاجة الى استكمال علاجها بمفردها، وهو ما سمّاه فرويد: التحليل الذاتي.


السفير نقلاً عن «لو فيغارو»

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...