المعارضة اللبنانية تؤيد مرشح الأكثرية وتنتظر إعلاناً رسمياً منها

01-12-2007

المعارضة اللبنانية تؤيد مرشح الأكثرية وتنتظر إعلاناً رسمياً منها

لولا البيان السياسي العالي النبرة الصادر، أمس، عن بكركي، ومن دون أية مناسبة سياسية، فإن المسار العام لترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ظلّ يتحرك إيجابا، ولكن ببطء، من دون أية تفسيرات لعدم قيام فريق الأكثرية بتبني الترشيح علنا، الأمر الذي سلّط الضوء على وجود عثرات داخل «البيت الأكثري» السياسي والحكومي، قبل أن ينتقل البحث الى مرحلة التوافق السياسي العام مدخلا لا بد منه لانجاز التعديل الدستوري المطلوب.
ومع إطلاق «حزب الله» أول إشارات إيجابية له تجاه ترشيح قائد الجيش، ليكتمل بذلك عقد موافقة المعارضة، بدا أن عامل الوقت صار ضاغطا على الجميع وأن أي تأخير قد يؤدي الى إضاعة «الخرطوشة الأخيرة» على حد تعبير قطب بارز في الموالاة، ولعل ذلك هو السبب الذي دفع ببعض السفراء العرب الى المطالبة بتسريع آليتي التوافق والتعديل سعيا الى تقريب موعد الانتخاب المحدد مبدئيا في السابع من كانون الأول.
وفيما لم يتسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري حتى ليل أمس، أي اقتراح رسمي من الأكثرية، على عكس ما كان متوقعا، وذلك بسبب اعتراض بعض مسيحيي قوى الرابع عشر من آذار، وخاصة «القوات اللبنانية» وبعض النواب المستقلين، الحاليين والسابقين، وأبرزهم المرشحان بطرس حرب ونسيب لحود، فإن «حزب الله» أطلق أول إشارات إيجابية باتجاه ملاقاة خيار ميشال سليمان التوافقي.
فقد أعلن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، في لقاء سياسي، مساء أمس، أن «حزب الله» سمع بترشيح قائد الجيش عبر وسائل الإعلام وقد قيل إن موقف بعض النواب شخصي ولا يعبر لا عن موقف تيار المستقبل ولا الأكثرية، ولذلك، نحن ما زلنا ننتظر أن يتحول هذا الأمر الى اقتراح رسمي

يتم تسليمه الى الرئيس نبيه بري بوصفه المفاوض باسم كل المعارضة، وفي كل الأحوال فإن موقف «حزب الله» سيكون مبنيا على نقطة الارتكاز الأساسية المتمثلة بموقف حليفه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، فنحن قررنا السير بخياراته في الموضوع الرئاسي حتى النهاية، وطالما أن العماد عون أطلق موقفا ايجابيا، فإن «حزب الله» يشهد لقائد الجيش مواقفه الوطنية من المقاومة وفي الداخل، في محطات عدة، ولا سيما خلال «حرب تموز».
واعتبر قاسم أن خيار قائد الجيش هو خيار ايجابي بالنسبة الى «حزب الله»، وشدد على أن التوافق السياسي «هو المدخل الضروري لانجاز التوافق على التعديل الدستوري».
وفيما أكدت أوساط مقربة من بري أنه لم يتلق أي اقتراح رسمي من الأكثرية حتى الآن، قالت أوساط قيادية في فريق الرابع عشر من آذار إن ما يجري حاليا هو ترتيب البيت الداخلي للأكثرية، خاصة في ضوء حالات اعتراضية على ترشيح قائد الجيش، الأمر الذي حال دون عقد لقاء موسع، أمس، ما اضطر الجانب السعودي للدخول على خط تذليل العقبات، فيما كان مستشار رئيس الحكومة الدكتور محمد شطح، يزور قائد «القوات اللبنانية»، لليوم الثاني على التوالي لتذليل عقبة اعتراض الوزير جو سركيس مع وزير مسيحي آخر (على الارجح شارل رزق).
وقال عضو في كتلة «القوات اللبنانية» لـ«السفير» إن مواقف جعجع الأخيرة «ليست رفضا للتعديل الدستوري، بل عبارة عن أقل من موافقة متحفظة حتى الآن، لأن في الأمر انتقالا من حالة الى حالة، من الرفض المطلق والمبدئي لتعديل الدستور الى اعتبار القضية قابلة للنقاش وموضوعا قيد التداول».
وأكد النائب «القواتي» نفسه، أنه فور تذليل الاعتراضات ستجتمع قوى الأكثرية، ملمحا الى امكان الاستعاضة عن الاجتماع الموسع باجتماع رباعي يضم النائب سعد الحريري وجعجع والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل (تردد أنه عقد ليل أمس في قريطم).
وعقد اجتماع وزاري في السرايا الكبيرة برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي دعا «الى وجوب أخذ مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية على محمل الجد وخصوصا انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان». وشهد الاجتماع نقاشات في ضوء الاتصالات المستمرة، وبرزت تحفظات لبعض الوزراء على التعديل أو الآليات المقترحة للتعديل الدستوري.
وقال أحد الوزراء المشاركين في الاجتماع لـ«السفير» ان الحكومة تواكب وتنتظر موقف الرئيس بري و«حزب الله»، وكذلك الخطوات الدستورية الواجب اتخاذها وخاصة موقف رئيس المجلس من تعديل المادة 49 من الدستور. وأكد الوزير نفسه رفض الحكومة المساومة على شرعيتها وقانونيتها ودستوريتها ولكنه أشار الى الانفتاح على كل ما من شأنه إنهاء الفراغ الدستوري.
وفيما كانت الأكثرية تحاول صياغة موقف سياسي ودستوري موحد، فإن المعارضة، كانت مشدودة الى ما صدر من مواقف أمس، عن بكركي، وكذلك الى الآلية الدستورية للتعديل، حيث عقدت اجتماعات عمل أبرزها بين الرئيس بري والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، فيما كانت الاستعدادت تكتمل ليلا لإقامة مهرجان سياسي في وسط بيروت بعد ظهر اليوم، لمناسبة إكمال الاعتصام السلمي للمعارضة عامه الأول.
في هذه الأثناء، خضع البيان الصادر عن البطريرك الماروني نصر الله صفير، باسم أمانة سر البطريركية المارونية، الى تفسيرات متعددة، خاصة حول توقيته السياسي، على مسافة خمسة أيام من موعد الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة، وغداة إعلان العماد ميشال عون موقفه المفاجئ بتبني ترشيح قائد الجيش.
وعرض بيان بكركي لمسار التسمية القسرية من قبل البطريرك صفير ووصف الوضع القائم بأنه «خطير» وقال «لا ندري ما اذا كان هناك من يقدر خطورته من المسؤولين الذين يمتنع بعضهم عن دخول المجلس النيابي ويكتفي بالتوقف في الممرات يوم يدعى جميع النواب الى جلسة انتخاب رئيس»، واستنكر موقف الوزراء المستنكفين عن حضور جلسات مجلس الوزراء وكذلك إقفال مجلس النواب وقال إنه «يرتب مسؤولية كبيرة على من أقفله، أيا تكن الذرائع». وأكد أن المطلوب الآن «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية قبل فوات الأوان. وهذا أمر يقع على مسؤولية جميع النواب».
وقال متابعون لأجواء البيان، إنه عبارة عن صرخة وجع في مواجهة ما اصاب بكركي من خيبة أمل بعد استدراجها الى فخ التسمية، وإنه جاء استجابة لرغبة بعض المطارنة الناقمين ممن تمت محاولة استيعاب اعتراضهم بلهجة البيان الحادة.
وفيما أخذ كثيرون على بكركي عدم تناولها قضية التعديل الدستوري ولو بإشارة سريعة، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري ردا على سؤال للصحافيين حول تعليقه على بيان بكركي «لم يتسن لي أن أقرأه»!
وعلم أن اتصالات جرت بين بكركي وبعض قيادات المعارضة بشكل مباشر وغير مباشر من أجل تبديد المناخات السلبية التي تركها البيان.
في غضون ذلك، نقل زوار السفير السعودي عبد العزيز خوجة عنه إشادته بـ«المواصفات التي تؤهل العماد ميشال سليمان لمواجهة جميع الاحتمالات الخطيرة التي تتهدد منطقة الشرق الاوسط في المرحلة المقبلة والتي قد لا تكون بعيدة عن لبنان، مما يجعل من انتخابه ضمانة لجميع اللبنانيين دون استثناء».
وبرز موقف لافت للانتباه للسفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان استبعد فيه أن يعمد الرئيس العتيد إلى نزع سلاح «حزب الله»، وأشار إلى أن التعديل الدستوري (لمصلحة قائد الجيش) إذا تم سيختلف عما كان عليه عام 2004 «حيث فرضت سوريا التعديل على البرلمان اللبناني».
وأشار فيلتمان في حديث صحافي إلى أن العماد ميشال سليمان مدرك تماماً لموقف الأمم المتحدة من المحكمة الدولية وقراراتها، إذ تمت مناقشتها معه مرارا، وجدد التأكيد على دعم الولايات المتحدة للرئيس المنتخب من قبل غالبية أعضاء المجلس النيابي اللبناني الذين «يتصرفون من دون ضغط خارجي ولن ينتخبوا شخصاً لا يلتزم سيادة لبنان وديموقراطيته واستقلاله والقرارات الدولية»، مشيداً بمؤسسة الجيش «التي شكلت معجزة بوحدتها وحظيت باحترام جميع اللبنانيين».
من جهتها، كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية انه بعد يومين من «إطلاق» عملية السلام في الشرق الأوسط، خلال مؤتمر أنابوليس يوم الثلاثاء الماضي، «ثمة مؤشرات الى ان الحملة الدبلوماسية الجديدة تشمل تحولاً في الاستراتيجية الاميركية، واستعدادا للتسوية مع سوريا».
أضافت الصحيفة ان «حلفاء واشنطن» في لبنان «وافقوا هذا الأسبوع على إنهاء معارضتهم لترشيح» العماد ميشال سليمان للرئاسة، معتبرة قائد الجيش إحدى الشخصيات «المفضلة» لدى سوريا.
وأشارت الصحيفة الى ان بعض الخبراء يربطون بين قرار 14 آذار، ومشاركة سوريا في مؤتمر أنابوليس. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن ادارة الرئيس جورج بوش لم تحث حلفاءها اللبنانيين على اتخاذ قرار حول التسوية «في هذا الاتجاه او ذاك»، مضيفة ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس اعتبرت التسوية بشأن الرئاسة في لبنان أحد اهدافها خلال المؤتمر. وتابع المسؤول الاميركي «سيكون من المبالغة القول ان ثمة تغيرا كبيرا هنا» في العلاقة بين واشنطن ودمشق، موضحا «لكن لا شك ثمة دينامية مختلفة».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...