عولمة التطبيع التكنولوجي مع إسرائيل من «أبل» و«ياهو» إلى هواتف «غالاكسي»
بين الحين والآخر يطلق بعض النشطاء السياسيين اتهامات بحق شركات تتعامل مع إسرائيل، ويرد آخرون بالإنكار تارة والاستخفاف تارة أخرى. وقليلاً ما ترتكز الاتهامات على معطيات صلبة يصعب إنكارها أو دحضها، وتدفع أنصار التعامل مع هذه الشركات إلى تغليف نصرتهم لها بواقع أنها شركات دولية. ولكن ثمة معطيات تصدر عن الشركات نفسها أو عن جهات إسرائيلية لا يمكن اعتبارها مغرضة أو تضمر الضغينة للشركات التي تستثمر أموالاً طائلة في إسرائيل.
وفي العقد الأخير كثر الحديث عن تحول إسرائيل إلى مختبر عالمي للتكنولوجيا العالية، خصوصاً في مجالي علم الحاسوب والاتصالات، وهو ما دفع شركات عملاقة إلى الاستثمار بشكل واسع، وبمبالغ طائلة هناك. وبين أبرز الشركات، التي أنشأت مراكز أبحاث وتطوير وأيضاً مصانع، كل من «أبل»، و«غوغل»، و«مايكروسوفت»، و«انتل». وبحسب آخر المعطيات يعمل في إسرائيل حالياً ما لا يقل عن 260 مركز أبحاث وتطوير تشغل ما لا يقل عن 20 ألف خبير ومهندس.
وبرغم أن أكبر الشركات المستثمرة في إسرائيل هي شركة «انتل»، إلا أنه قبل الغوص في تفاصيل علاقاتها بإسرائيل واستثماراتها هناك يجدر إلقاء نظرة على شركات أخرى نستهلك نحن، في الغالب، منتجات كثيرة منها، قد تكون صنعت أو طورت في إسرائيل جزئياً أو كلياً. وفي الشهر الماضي، عقد في إسرائيل مؤتمر «رابطة الصناعات المتقدمة» (IATI)، وهو ما وفر فرصة لتجميع المعلومات.
وقالت المديرة العامة للرابطة كارين مئير روبنشتاين «إننا نستطيع الفخر بنيل إسرائيل اعترافاً من جانب رقم قياسي من الشركات المتعددة الجنسيات، التي اختارت أن تقيم هنا مراكزها للأبحاث والتطوير. ومما يثير الافتخار القومي أن ملايين الناس في العالم تستخدم يومياً حواسيب مع معالج إنتل، وتكنولوجيا بحث غوغل أو خدمات شركة مايكروسوفت، وعملياً يستخدمون منتجات إسرائيلية أنتجت في كريات غات، حيفا أو هرتسليا».
وعلى سبيل المثال، فإن شركة «أبل» أنشأت لها مراكز تطوير في كل من حيفا، «هرتسليا» و«رعنانا»، ويعمل فيها ما لا يقل عن 500 خبير. وقد اعتبرت الأوساط الإسرائيلية دخول «أبل» إلى خط الإنتاج الإسرائيلي الحدث الأهم للتكنولوجيا الإسرائيلية مؤخراً. وقبل عام ونصف العام، اشترت «أبل» شركة «أنوبايت» الإسرائيلية بمبلغ 400 مليون دولار، وأقامت بالتوازي مركز تطوير في حيفا.
وتطور «أبل» في إسرائيل بشكل أساسي شرائح لمختلف أجهزتها، كما تطور مكونات لذاكرة الأجهزة المحمولة. ويقع جهد «أبل» في إسرائيل ضمن محاولات التخلص من اعتمادها على قطع ومكونات شركات أجنبية مثل «سامسونغ». وقد استغلت «أبل» تراجع الفرع الإسرائيلي لإنتاج الشرائح التابع للشركة العالمية «تكساس
انسترومنت» في رعنانا، وقامت بتشغيل 200 مستخدم أرادت «تكساس انسترومنت» طردهم، بل أنها استأجرت مقر الشركة، وحولته إلى مركز تطوير ثالث لها.
يذكر أن من أهم مديري شركة «أبل» في العالم هو الفلسطيني من حيفا المتخرج من جامعة «التخنيون» جوني سروجي.
كذلك، أنشأت شركة «سامسونغ» مركزين للتطوير في كل من «رمات غان» و«ياكوم». ويعمل في «رمات غان» وحدها 250 مستخدماً. ولا يقوم هذان المركزان بتسويق منتجات «سامسونغ»، بل إن أحد مركزيها هو أحد أكبر مراكز التطوير للشركة خارج كوريا الجنوبية.
ووفق المعلومات الإسرائيلية فإن «سامسونغ»، اعتمدت في جهازها الأخير «غالاكسي إس 4» على جزء من التكنولوجيا التي تمّ تطويرها في مركزها الإسرائيلي. وتشير المعلومات باهتمام إلى أن ما تفاخرت به «سامسونغ» في هاتفها الأخير، وهو تشخيص النظرة أي أنه عندما تزيح نظرك عن شريط فيديو يُعرض على الشاشة يتوقف الشريط تلقائياً، هو من إنتاج المركز الإسرائيلي. كما أن كاميرا «غالاكسي»، وهي كاميرا نوعية بشاشة لمس ونظام «أندرويد»، طوّرت كلها تقريباً في إسرائيل.
وقد تخصّص مركز «سامسونغ» في «رمات غان» بتطوير كاميرات وتكنولوجيا تصوير للأجهزة الهاتفية المحمولة والكاميرات الرقمية وكاميرات السيارات. وتبيع «سامسونغ» لشركات كثيرة في العالم حواسيب كاميرات وتكنولوجيا تصوير تم تطويرها في مركزها الإسرائيلي.
وهناك أيضاً شركة «ياهو»، التي أنشأت لها مركزي تطوير في تل أبيب وحيفا يشغلان حوالي 50 مستخدماً. وتعتبر نشاطات «ياهو» في إسرائيل ضئيلة مقارنة بحجم نشاطات هذه الشركة في العالم، ولكنها نشاطات تتوسع باستمرار. وتنوي الشركة أولاً مضاعفة عديد مستخدميها في إسرائيل، خصوصاً في مختبرها القائم في حيفا، حيث تجري الأبحاث في مجالات البحث عن المعلومات.
وتم في مركز الشركة في حيفا تطوير تكنولوجيا تسمح باستخدام صور يلتقطها متنزهون في كل أرجاء العالم عبر موقع الصور المعروف بـ«فليكر» لتحديد مسارات لنزهات ناجحة. وهذا ما أنتج برنامج النزهات المعروف باسم «Time Traveler» (السفر عبر الوقت) لشركة «ياهو» الذي أطلق العام الماضي. ويجري في مركز الشركة في تل أبيب تطوير تقنيات النشر الإعلاني عبر تقنيات تحدد سبل النشر في شبكة الانترنت.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد