هل من "مارتن لوثر" سوري يوقف توزيع صكوك غفران "كنيسة المعارضة" ؟

11-03-2012

هل من "مارتن لوثر" سوري يوقف توزيع صكوك غفران "كنيسة المعارضة" ؟

حكاية "صكوك الغفران" معروفة للجميع، وهي على شكل أختام كان يمضيها البابا أو من يمثلون الكنيسة الكاثوليكية، وتخوّل الحاصل عليها الإعفاء من العقاب والتطهير من الخطايا والذنوب و الحصول على العفو الذي يمنحه دخول الجنّة، ولاحقا صارت الكنيسة تبيع هذه الصكوك، إلى أن جاء عام 1517م، عندما قام أستاذ اللاهوت الراهب "مارتن لوثر" بالإعلان عن مبادئه التي هاجم بها "صكوك الغفران" التي كانت توزع من قبل الكنيسة، وأعلن أن الإنسان يمكن أن ينال الخلاص من خلال الإيمان بالمسيح(عليه السلام)، ونتيجة لذلك أعلن البابا ليو العاشر، طرد لوثر واعتبره مارقا.

ويبدو أن قصة "الصكوك" تشبه حاليا بعض تفاصيل الواقع السياسي السوري حاليا. من عجائب الوضع السياسي الحالي في سوريا، أن مسؤولا يقضي عشرات السنين في عمله الرسمي لدى مؤسسات الدولة، وتحوم حوله شبهات الفساد، ونحن نعلم جميعا حجم الفساد الذي تورط فيه قسم كبير من المسؤولين السوريين في السنوات الماضية، يصبح "بطلا ثوريا" إذا قرر أن يغادر النظام فجأة، وفي اللحظة ذاتها توجه الاتهامات لقسم كبير من نشطاء وشخصيات المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا بأنهم "عملاء للنظام السوري" و"مارقين" (كما تم اتهام مارتن لوثر) لمجرد إبداء آراء والتعبير – بشكل سلمي- عن آراء ناقدة لفصائل أخرى في المعارضة.

علما أن المسؤول الفاسد، الذي ينشق ويحصل على "صك الغفران والبراءة" من قبل "كنيسة" بعض أطياف المعارضة، "لا يعترف" و"لا يعتذر" عن "خطاياه" التي اقترفها إبان وجوده في النظام، فاسدا، لصا، سارقا، من أموال الشعب، وإنما يضحك على الناس عبر "كلمتين"، فيما رصيده البنكي يبقى كما هو، والشعب السوري يعاني ويعاني.

وبناء على هذا الواقع السياسي السوري، تخيلوا النتيجة التي يتم الوصول إليها: إن أشخاصا مثل عبدالعزيز الخير، وفاتح جاموس، وميشيل كيلو، وغيرهم، من الذي قضوا سنوات طويلة من حياتهم في السجون السورية هم عرضة لتهمة "معاداة الثورة" و"الخيانة" و"التعامل مع النظام" و"التشبيح" لمجرد أنهم عبروا عن آراء لا تتوافق مع توجهات فصائل في المعارضة، في حين أن بعض المسؤولين – الذي كانوا ينهبون ويرتشون ويسرقون خيرات البلد إبان وجود هؤلاء المعارضين في السجن- أصبحوا الآن أبطالا ثوريين لمجرد أنهم قفزوا من عربة السلطة.

قد يقول قائل: لكن أيضا بعض المعارضين السوريين الذين دخلوا السجون لا يحق لهم مصادرة الشارع والناس وليسوا مقدسين، ومن الواجب نقدهم. هذا صحيح، لكن هؤلاء يعبرون عن آرائهم بشكل سلمي، وبالتالي يقتضي الرد عليهم بشكل سلمي بعيدا عن التشهير بهم، كما أن هؤلاء لم يسرقوا أموال الشعب وليسوا فاسدين. من النظريات المريضة والتي تستحق بحق دراستها في مخابر التحليل النفسي أن يتم اتهام أشخاص قضوا سنوات من حياتهم في السجون السورية بأنهم كانوا مثلا في السجن يتجسسون لصالح المخابرات على معارضين أخرين !

فهل "يخرج مارتن لوثر سوري" وينتقد "صكوك الغفران" الصادرة عن "كنيسة المعارضة" ؟ ربما .. ولكن في ذلك الوقت سوف يُعتبر "مارتن السوري" "مارقا" أيضا !

المصدر: سيريا بوليتيك

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...