حلب تتوعد الأميين بحرمانهم من جواز السفر ورخصة قيادة السيارة!
يشكل الأميون في حلب، وخصوصاً في ريفها، نسبة لا يستهان بها مقارنة بباقي المحافظات السورية حيث تعتبر المحافظة الأولى في نسبة أعداد الأميين بسبب التخلف عن الالتحاق بالمدرسة أو ارتفاع أعداد المتسربين منها، ورأت اللجنة الفرعية لمحو الأمية في اجتماعها الأخير ضرورة القيام بخطوات زجرية ورادعة ولو بمجرد اقتراحات راهناً بحق الأميين بهدف حضهم على الالتحاق بصفوف محو الأمية التي تفتتحها مديريات ونقابات ومؤسسات مختلفة.
وخلص اجتماع اللجنة بجملة من الاقتراحات تصب في خانة التحرر من الأمية على طريق التخلص منها نهائياً، ومنها اشتراط التحرر من الأمية للراغبين في الحصول على جواز سفر أو رخصة قيادة سيارة، ما اعتبره بعضهم نوعاً من التضييق على خناق هؤلاء في حين رأى آخرون في الاقتراحين وسيلة عملية وناجعة تلزم الأميين على الالتحاق بدورات محو الأمية وتشجع أولياء الأمور على منع تسرب أبنائهم من المدارس «وإلا لن يغدو بمقدورهم السفر للعمل خارج البلاد أو قيادة السيارة مستقبلاً ليضيعوا فرصة اقتناء وقيادة سيارة أجرة تروج مهنتها في حلب وتحقق دخلاً لا بأس به لمحدودي الدخل»، وفق قول أحدهم.
ومن الاقتراحات منح امتيازات خاصة بالمتحررين من الأمية، التي تحول عوائق اجتماعية واقتصادية وثقافية دون التحاقهم بصفوف محو الأمية، إذ يقدم هؤلاء على الأميين أثناء الحصول على قروض مكافحة البطالة والتي تكثر الطلبات في الريف للاستحواذ عليها، وكذلك الأمر بالنسبة لقروض المصارف الزراعية ما يعني أن اتخاذ قرار بشأن هذا التوجه سيدفع بالمتخلفين عن صفوف الأمية نحو الالتزام بفصولها ومناهجها والحصول على «صك براءة» منها.
وما يحول دون خفض نسبة الأمية في حلب التهاون في تسرب التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي الأولى لالتحاقهم بورش تعلمهم «النقش على الحجر» منذ الصغر كتأصيل لمفهوم اجتماعي وتقليد يسبق تعلم المهنة على تعلم أصول القراءة والكتابة لاعتبارات مادية لا يمكن تقديم مسوغات مادية وكافية بشأنها، حيث جرت العادة أن يلتحق أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة في حلب بفرص عمل موسمية في الصيف وخصوصاً ورش الألبسة والأحذية التي تنتشر في كل شارع وحي ما يدفع الصغار إلى التخلف عن فصولهم الدراسية قبل التحرر منها نهائياً عند ارتفاع مكاسبهم المادية المغرية للآباء الذين لم يحظ معظمهم بقسط وافر من التعليم أيضاً.
وحمل محافظ حلب الدكتور تامر الحجة الجهات المعنية مسؤولية انخفاض نسبة المتحررين من الأمية لعدم التزامهم بخططهم الواجب تنفيذها في هذا المجال والتي يقع عبء تحملها على مديريات الشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة والتربية والزراعة واتحادات الفلاحين والعمال والحرفيين والنسائي وشبيبة الثورة ونقابة المعلمين وإدارة السجون ودائرة تعليم الكبار ووكالة الغوث، وطالب المحافظ وسائل الإعلام والمنظمات الشعبية ورجال الدين بلعب الدور اللازم والمنوط بهم تجاه حملات التوعية التي تحض على العلم والتخلص من الأمية.
وإلى الآن تم تنفيذ 294 دورة لمحو الأمية من أصل 1157 دورة بموجب الخطط الموضوعة للحد من أعداد الأميين في المحافظة، وتقدم للامتحان منذ بداية العام ولغاية نهاية الشهر الماضي 5839 دارساً ودارسة نجح منهم 4430 متحرراً ومتحررة من الأمية، إلا أن غياب الحوافز النقدية والعينية من أهم العوائق التي تحول دون زيادة أعداد الملتحقين بصفوف التحرر من الأمية كما أن عدم الالتزام بالعقوبات بحق المتسربين من المدارس يفاقم المشكلة التي يجب التعامل معها كتهديد جدي وخطير يجابه المجتمع الحلبي.
وعلى حين انخفضت نسبة الأمية من 23.7 بالمئة في العام ما قبل السابق إلى 19 بالمئة العام السابق، قدرت نسبة التسرب من صفوف التعليم الأساسي 24 بالمئة لعام 2004 مقارنة بنسبة 11.5 على مستوى القطر. وتعمل المحافظة لحل المشكلة على تنفيذ مشروعات مجمعات المدارس التي اتخذ قرار بشأنها أخيراً وفتحت اعتمادات باهظة لإنجازها في المدينة في انتظار نقل التجربة إلى الريف. ولا تزال حلب تحوي 163 مدرسة طينية معظمها تابع لمنطقة عين العرب ويفترض تحويل 10 منها إلى بناء إسمنتي، ويصل عدد التلاميذ المتسربين من مدارس التعليم الأساسي في مركز المدينة إلى 4310 من الذكور و2784 من الإناث.
خالد زنكلو
المصدر: الوطن السورية
التعليقات
نعم للتشجيع- لا للتضييق
إضافة تعليق جديد