«هايتبوك» موقع إلكتروني يمجد الكراهية والأفعال الشريرة
ينجذب كثيرون الى شبكة الانترنت بفعل الوفرة الهائلة فيها، إذ تفيض المواقع الالكترونية بما هو غث وسمين وخير وشر وتسلية وشطط وتواصل بريء وغير بريء وغيرها. ويقدم بعضها تلك المحتويات في وجبات رقمية بعضها يسير الهضم لذيد الطعم وبعضها الآخر عسير ومرّ كالعلقم. ويستطيع مستخدم الانترنت ان يلجأ الى اي منها ويختار ما يناسب رغباته وحاجاته وميوله واذواقه، من دون اي عائق تقني او وازع اجتماعي او رقابة صارمة. ويبدو ان هذه المواقع تتشابه في تقنياتها وآلياتها وخدماتها الالكترونية الى حد بعيد، لذا فإنها في منافسة حادة لاجتذاب اكبر عدد ممكن من هواة الانترنت وتحقيق المزيد من الثروات المالية.
تلك هي حال الموقعين التوأمين «فايسبوك» Face Book و«هايتبوك» Hate Book ، اللذين ولدا من رحم تكنولوجيا المعلومات وان في اوقات متباعدة؛ إذ ظهر موقع «فايسبوك» عام 2004 في حين ان «هايتبوك» رأى النور في شهر ايلول (سبتمبر) المنصرم من هذا العام. فهما يتشابهان من حيث الشكل والابواب وتحميل الصور والفيديو وآليات الاستخدام ومجانيته، ويختلفان في الجوهر من حيث الغايات والرصيد الاجتماعي وسعة الانتشار العالمي. وبمعنى آخر، فإن «هايت بوك»، وترجمة اسمه «كتاب الكراهية»، هو نسخة مناقضة لـ»فايسبوك» والوجه المظلم منه؛ إذ يرتكز الى مبدأ المنافسة غير الشريفة والاختلاف بمعنى «خالف تعرف». ويبدو أن الغاية تبررالوسيلة بالنسبة الى المشرفين على موقع «هايتبوك»، لا سيما ان رواده لا يشكلون الا نسبة ضئيلة بالمقارنة مع مستخدمي «فايسبوك» الذين يتجاوزون اربعة ملايين زائر. ويبدو أن جلّ مرتادي «هايتبوك» من الفاشلين واليائسين والباحثين في مملكة الشر عمن يعشقون الكراهية في مختلف ارجاء العالم ومد جسور التواصل في ما بينهم. وتالياً، يبدو «هايتبوك» وكأنه الموقع النقيض لـ»فايسبوك» الاجتماعي بامتياز وكأن الاثنين يجسدان رقمياً الصورة التاريخية للأخوين العدوين قابيل وهابيل.
جاءت ولادة «هايتبوك» بمبادرة من «معهد العلامة التجارية العلمية» الالماني. ويتخصّص في نشر الكراهية وتعميم الافكار العدوانية والشريرة لدى شريحة اجتماعية منحرفة تستهوي مثل هذه الميول الشاذة اخلاقياً. فعلى صفحته الرئيسة، تجد عدداً من العناوين المثيرة مثل «هذا الموقع مخصص لكل من يريد الشر اكثر من الخير» و»كن في رأس لائحة الاشرار» و»نحن نحب الكراهية» و»هذا العالم لا يستأهل سوى السخرية» و»كن شيطاناً» و»كن خارج هذا العالم» و»أكره كل شيء بالتساوي فالكره مجاني». وتذيل صفحة الاستقبال عبارة «انتقد ، اشتم ، قل ما تشاء من افكار شريرة والمعارضة فهي ترادف النجاح». ويعلق احد الاختصاصيين الاجتماعيين على هذه المقولات بقوله: «ربما كانت هذه الشعارات مصدر قوة الموقع واساس شهرته».
واللافت ان موقع «هايتبوك» اختار اللون الاحمرعن سابق تصور وتصميم كتجسيد ورمز واضحين لفكرة الشر.
وبالنسبة الى آلية الاشتراك، يفترض بالعضو المنتسب الى «هايتبوك» ان يسجل اسمه في لائحة طويلة تتضن صفات عديدة من الكراهية؛ ثم عليه ان يختار واحدة منها كتعريف عن نفسه لكي يوضح لاحقاً في الخانات التي يرى الموقع أنها جديرة بأعضائه مثل «الفاشلين» و«الكارهين» و«التافهين» و«الشياطين» و«رجل اعمال يائس» و«تاجرمخدرات» و«مدمن على الكحول». ويسأل الموقع المنتمي إليه عن الهوايات التي يكرهها كبعض البرامج التلفزيونية او الافلام السينمائية او الموسيقى او المطالعة اوالموضة او غيرها، شريطة أن تكتب الأراء باسلوب ساخر استفزازي لكي يحاكي ما يكتب في بقية المواقع من نصوص تفيض بنبرة حادة من الكراهية.
ويلاحظ في موقع «هايتبوك» ان مساحة الخصوصية الذاتية تنخفض الى ادنى درجاتها. ويستطيع المستخدم ان يطّلع على الرسائل العادية للآخرين او يرميها في سلة المهملات، مع الإشارة إلى أن اعداد «الأعضاء الأعداء» (وهي صفة العضوية في الموقع) الذين يكرهون بعضهم بعضاً يمكن ان ترتفع خلال دقائق، ولكن من دون حاجة لمعرفة اي منهم. إن المملكة التي يرتادها هؤلاء وفقاً لما يقول «الشيطان»، وهو عضو في موقع «هايتبوك»، هي «تافهة وجميع من يعيشون فيها يعشقون الكراهية».
وعلى عكس ما يحصل في موقع «فايسبوك»، لا يستقبل الزائرالجديد لموقع «هايتيوك» لا بالترحاب ولا بطريقة مهذبة؛ وانما بعبارات الاستفزاز والحقد التي يتبادلها مع اقرانه وقد تصل أحياناً الى حدود التمييزالعنصري كالتعامل مع بعض الجماعات «المكروهة» مثل العرب او اليهود او السود او البيض او غيرهم . كما ينظم الموقع مسابقات للأعضاء تهدف الى تجميع اكبر عدد من نقاط الكراهية والعداوة ويحوز المنتصر لقب «زعيم الشر» بين المجموعات المتنافسة. فمثلا حظي الرئيس الفرنسي نقولا ساركوزي بأكثر من 22 عدو مقابل 16 للرئيس الأميركي جورج بوش.
وفي سياق مشابه، سجلت الشبكة العنكبوتية عام 2006 ظهور بعض المواقع المشابه لفكرة «هايتبوك» مثل موقع «أيزلاتر» (وترجمتها «العازل») الذي يقدم خدماته للاشخاص المعزولين اجتماعياً، ويطرح عليهم حلولاً من نوع أن يُنظر إليهم باعتبارهم في عداد المفقودين او المتوفين!.
علي حويلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد