أربعة شهداء من الجيش والأمن الداخلي: «داعش» يضرب في طرابلس
للمرة الاولى منذ انتهاء موجة العمليات الإرهابية في لبنان عام 2016 (تفجيرات القاع)، وبعد أقل من سنتين على تحرير الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها التنظيمات الإرهابية في جرود السلسلة الشرقية، شهد لبنان عملية نفذها «ذئب منفرد» من تنظيم داعش الإرهابي.كانت أجواء عيد الفطر تُخيِّم على مدينة طرابلس، قبل أن يخرج مسلّحٌ يرتدي حزاماً ناسفاً ويحمل جعبة ذخائر وسلاحاً فردياً وعددا من القنابل اليدوية، ليطلق النار في شوارع المدينة.العملية الإرهابية بدأها الإرهابي عبدالرحمن مبسوط من سرايا طرابلس ومركز مصرف لبنان في المدينة. رمى قنبلة يدوية، واطلق النار على رجال الأمن، ثم انتقل ليستهدف دورية لقوى الامن الداخلي، ما ادى إلى استشهاد أحد عناصر الدورية، وإصابة آخر بجروح خطيرة (استشهد لاحقاً متأثراً بجراحه).
أحد الشهود العيان وصف ما جرى فقال إن الإرهابي أطلق النار على سيارة قوى الامن، ثم اقترب منها ليطلق النار على العنصرين الجريحين بهدف الإجهاز عليهما، قبل أن يغادر، وهو يصرخ بكلام غير مفهوم، مستقلاً دراجة نارية.أثناء تحرّكه، كانت دورية من الجيش في طريقها إلى مكان العملية، فأطلق النار باتجاه آلية للجيش، ما أدى إلى استشهاد عسكري، وجرح آخرين.أكمل الإرهابي طريقه. كانت دوريات الجيش والامن الداخلي وسائر الاجهزة، تلاحقه، إضافة إلى شبان من أهل المدينة.
دخل إلى مبنى قريب من دار التوليد. صعد إلى سطح المبنى السكني. اقتربت قوة من الجيش، فأطلق عليها النار، ما أدى إلى إصابة ضابط وعدد من الرتباء بجروح. أرسِلت التعزيزات إلى منطقة العملية. تقرر اقتحام المبنى، لكن بعد التأكد من خلوه من المدنيين. فالإرهابي دخل شقة فيه، وخشيت قوة الجيش الداهمة من أن يلجأ الإرهابي إلى أخذ السكان رهينة. وبعد التثبت من خلوّ المبنى، تقرر تنفيذ الدهم. وقع اشتباك بين مبسوط وقوة الجيش، ما أدى إلى استشهاد ضابط برتبة ملازم أول.بعد زيادة الضغط عليه، فجّر الإرهابي نفسه بحزام ناسف كان في حوزته. قبل انتهاء العملية، كانت المعلومات قد انتشرت عن تاريخه الإرهابي. عبدالرحمن مبسوط هو احد الذين غادروا لبنان إلى تركيا عام 2015، سعياً للالتحاق بجماعة «داعش» الإرهابية. بقي في تركيا أكثر من شهر، لأنه لم يتمكّن من عبور الحدود نحو منطقة سيطرة داعش، لكنه دخل إلى إدلب. ومن داخل المحافظة السورية الشمالية، التي كانت للتو قد سقطت بيد إرهابيي «النصرة» وحلفائهم، تواصل مع تنظيم داعش، لينضم إلى صفوفه. بعد أشهر، عاد إلى لبنان. جرى توقيفه عام 2016، ليُحال على القضاء العسكري. سُجِن في سجن رومية المركزي، قبل ان يخرج عام 2017.
عمليته الإرهابية امس ليست غير مسبوقة، لجهة تنفيذ شخص واحد (يُطلق عليه تسمية «ذئب منفرد»، أي انه ليس عضواً في مجموعة، بل يعمل بصورة مستقلة) هجوماً إرهابياً، سواء بتنسيق مع قيادته تنظيمه او من دون تنسيق. مطلع العام 2000، نفّذ مسلّح هجوماً على السفارة الروسية في بيروت. حينذاك، قيل إن عمليته أتت بهدف الانتقام من روسيا بسبب هجومها العسكري في الشيشان. عملية الليلة الماضية قد تكون اخطر من تلك التي وقعت قبل 19 عاماً، بالتزامن مع اشتباكات «الضنية» الشهيرة. فحينذاك، كان مهاجم السفارة الروسية، كما مسلحو الضنية، من خارج السياق العام المحلي. اما اليوم، فثمة العشرات من اللبنانيين ممن قاتلوا إلى جانب الإرهابيين في سوريا، وعادوا إلى منازلهم. والتنظيمات الإرهابية عبّرت علناً، كما في التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية مع عدد من الموقوفين، وفي المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية، عن إطلاق «موجة» من الذئاب المنفردة حول العالم. جرى تنفيذ عدد من العمليات في دول أوروبية. اما في لبنان، فعملية الإرهابي مبسوط هي الاولى، والأمل كل الامل في أن تكون الأخيرة.
إضافة تعليق جديد