البرابرة الجدد: محاولة الإطاحة بالأسد جاءت بداعش
الجمل ـ ترجمها عن الروسية مظهر عاقلة: "الدولة الإسلامية" والوضع الحالي خير دليل على فشل نظرية الفوضى الخلاقة والقوى التي إدعت سيطرتها على مسار الأحداث في الشرق الأوسط والتي عمدت للقيام ب"ثورات ملونة" بدت لهم للوهلة الأولى بسيطة وسهلة ,معتمدين فيها على الإسلاميين الرديكاليين الساخطين على حكوماتهم بالإضافة الى من يدعون الديمقراطية لقلب نظام الحكم في العديد من الدول التي كان حكامها لفترة ليست ببعيدة أصدقاء الولايات المتحدة والذين أضحوا فجأة عبئاً وحملا ثقيلا ..
لكن الخطأ الكبير الذي وقع به مهندسو هذه الثورات,طموح الدمى المتحركة إلى تحقيق الذاتية السياسية والسيطرة على مفاصل الحياة الإقتصادية والسياسية والعسكرية.
لم يرَ المتطرفون الاسلاميون في أنفسهم دمية للولايات المتحدة وحلمهم في بناء دولة الخلافة تسارعت خطواته بشكل كبير وسعوا لتعميمه في جميع الإتجاهات للإستيلاء على أكبر قدر ممكن من أراضي"الكفار".
يبدو أن تجربة طالبان التي خاضتها واشنطن لمدة 10 سنوات كانت بدون جدوى ولم تعلم الأمريكيين الذكاء بل على العكس فمن جديد وفي الموجة الثانية من الثورات الملونة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصرت الولايات المتحدة بالمراهنة علناً على الأوصوليين الإسلاميين كأداة للقضاء على أنظمة بالية .الإ أن النتائج كانت مثيرة للدهشة .
في مالي أطلق العنان للإسلاميين بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة وفرنسا ولكن في اللحظة التي فكر فيها الإسلاميون التخلص من النظام العميل لواشنطن وباريس أرسلت القوات وتمت محاربته.
في ليبيا قسم الإسلاميون البلاد وفصلت المناطق النفطية كلياً وعملت محطاتها على بيع النفط في السوق السوداء حتى لأكثر الدول مناهضة لأمريكا"كوريا الشمالية",أما الحكم الهزيل والضعيف في ليبيا والمنهك بالجماعات المسلحة المتناحرة أطبقت عليه واشنطن .
في مصر وبعد وصول الأخوان دعمت الولايات المتحدة الإنقلاب العسكري لخيبة أملها في تنظيم الإخوان المسلمين الذي أظهر عجزا في إدارة البلاد.
في دول الخليج يغض الطرف على القمع الدموي للإسلاميين .
أما في سوريا بدأت الحرب بمساندة "الديمقراطيين والأحرار" لمحاربة نظام الأسد ومن ثم تم الاستعانة بالإسلاميين الرايديكاليين الذين مع مرور الوقت أظهروا نواياهم الغير نظيفة والبعيدة عن الإسلام.حيث تمكنوا من إحياء خلافة قوية إستطاعت السيطرة على أجزاء من سوريا والعراق.
الفوضى وتدمير دول الشرق أوسطية هدف مشترك ل"الدولة الإسلامية" وواشنطن ولكن من المفارقة "الدولة الإسلامية"التي تحقق خطط الولايات المتحدة المرسومة من عام 2007 تقوم الأخيرة بجمع إئتلاف لمحاربته ومعلنة عدم قيام أي خلافة من شأنها إعاقة الأهداف المرسومة .
من الواضح أن الأمور خرجت عن السيطرة، إن الشرق الأوسط الجديد يختلف كثيراً عما كان معد له ,وفي ظل هذه الأحداث سعت واشنطن لزج إيران في معركتها ضد "الدولة الإسلامية" لكن إيران لم تكن في عجلة من أمرها لسحب الكستناء من النار الأمريكية.
أما بالنسبة للمنادين بالديمقراطية اضطروا للصراخ والطلب من الولايات المتحدة لحمايتهم من دولة الخلافة الذين هم أنفسهم وأسيادهم سمنوها وعظموها.
الولايات المتحدة لاتريد التدخل في حرب جديدة وخاصة على أرض العراق ,لذلك بدأ التحالف بخطوط عريضة منها تسليح الجيش العراقي وتدريبه ومن المرجح أن تشارك روسيا في الحرب على الإرهاب وخصوصاً بعد تهديد مقاتلي"الدولة الإسلامية" بتفجير الوضع في القوقاز.
وبدأت بالفعل بعض الضربات الجوية على مواقع يتحصن بها مقاتلو "الدولة الإسلامية" في العراق ولكن على الرغم من الحرب الإعلامية بين واشنطن ودمشق وسعي الولايات المتحدة لتدريب المعارضة "المعتدلة" وتسليحها ليس فقط لمحاربة نظام الأسد وإنما أيضاً "الدولة الإسلامية",سيكون من الضروري لواشنطن الذهاب لوراء الكواليس والتعاون مع الأسد مكرهين ومقتنعين أنه الحليف المنطقي ضد "الدولة الإسلامية".
بشكل عام خطة الولايات المتحدة ساهمت وبشكل كبير في بناء مشروع مستقبله قائم على الرؤوس المقطوعة والمذابح وعلى الرغم من المحاولات المحمومة لسحق هذا المشروع إلا أن "الدولة الإسلامية" سوف تقوى ويزداد جيشها بسبب السكان الفقراء وإغتنام الأسلحة الحكومية والغير حكومية,الخضوع تحت راية سوادء أوخضراء من دول الجوار سوف يكون واقع مؤلم وقاسي وسيعاني منه الجميع.أما مايخص الراية السوداء فمقاتلوها سيسعون بإصرار لقتل الإجانب وجنود الأسد والمسيحيين المحليين وحتى شركاء الأمس من الديمقراطيين لأنهم العائق أمام تحقيق هدف بناء دولة الخلافة القائمة على مبادئ الشريعة.
ومن هذا المنطق "الدولة الإسلامية" هم البرابرة الجدد الساعين لتدمير كل معالم الحضارة للدول التي تطآها قدمها.
أمريكا لن تسعَ لحرب جديدة في نفس المكان الذي غادرته مسرعاً ولم يكن من الضروري خلق "الدولة الإسلامية" لإنشاء كردستان وتقسيم العراق وسوريا وتركيا .لكن المحاولات المستمرة للإطاحة بالأسد كانت السبب بغض الطرف عن الإسلاميين ونشوء "الدولة الإسلامية" والأن واشنطن تواجه عواقب لعبتها الماكرة ضمن ظروف يصعب السيطرة عليها الإ بتحالف شبيه بتحالف بوش الإبن وشن حرب جديدة على دولة الخلافة التي يعتقد البعض أنها ستنتهي ولكن لن تنتهِ.
Colonel Cassad
18\09\2014
ترجمت من المصدر:
http://trueinform.ru/modules.php?name=News&file=article&sid=29875
إضافة تعليق جديد