التطورات الدبلوماسية السورية على المسرحين الأوروبي والأمريكي

22-07-2008

التطورات الدبلوماسية السورية على المسرحين الأوروبي والأمريكي

الجمل: تشير المعلومات المتداولة إلى حدوث بعض التطورات الإيجابية في مسار الدبلوماسية السورية وعلى وجه الخصوص في المسرحين الأوروبي والأمريكي.
* ما هي أبرز المؤشرات الدبلوماسية الجديدة؟
على خلفية مشاركة الرئيس الأسد في دبلوماسية القمة المتوسطية وتقدم المحادثات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة انتقلت الدبلوماسية السورية إلى خطوة جديدة وتمثلت أبرز مؤشراتها في الآتي:
• على خط دمشق – واشنطن:
- لقاء ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى مع رياض الداوودي المستشار القانوني للخارجية السورية وكبير المفاوضين السوريين في المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل.
- تحركات مجموعة عمل سوريا – الولايات المتحدة ضمن مشروع البحث عن الأرضية المشتركة على خط دمشق – واشنطن بما يؤدي إلى تقية العلاقات بين البلدين ودرء التوترات عن منطقة الشرق الأوسط.
• على خط دمشق – باريس: يرتب الرئيس نيكولاس ساركوزي لزيارة دمشق في شهر أيلول المقبل.
• على خط دمشق – بيروت:
- سيقوم الرئيس اللبناني ميشيل سليمان بزيارة دمشق في مطلع الأسبوع القادم.
- صعد إلى السطح ملف تبادل السفارات بين البلدين.
* ما هي أبرز ردود الأفعال؟
وصفت آن سومريست المتحدثة الرسمية باسم مكتب شؤون الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية لقاء الداوودي – وولش بأنه:
• روتيني.
• لا يمكن اعتباره بمثابة مؤشر لتغير في السياسة الأمريكية إزاء سوريا.
• يرتبط بمجموعة خاصة وليس بالحكومة.
التطورات الدبلوماسية على خط دمشق – واشنطن، دمشق – باريس، دمشق – بيروت، دفعت من الاتجاه المقابل إلى بروز حملة ممانعة وتشكيك وعلى وجه الخصوص من جانب عناصر اللوبي الإسرائيلي في أمريكا والذين بدت ردود أفعالهم المعاكسة أكثر تطرفاً وعدائية من ردود أفعال تل أبيب.
• ديفيد شينكر خبير البنتاغون ومعهد واشنطن للشؤون السورية واللبنانية وصف التطورات الجديدة على النحو الآتي:
- حاول التشكيك في مجموعة عمل سوريا – الولايات المتحدة من خلال وصفها بأنها ليست منظمة غير حكومية مدنية مستقلة وإنما هي وثيقة الصلة والارتباط بالحكومة السورية ووصف أعضائها بأنهم موظفين في الحكومة السورية.
- حاول التشكيك في مدى قدرة اجتماع الداوودي – وولش على كسر الجمود وحالة البرود في علاقات دمشق – واشنطن وزعم بأن لواشنطن العديد من المشاكل العالقة التي ليس بمقدور هذا اللقاء حلها.
• عوري نير خبير الشؤون السورية – الأمريكية المسؤول عن التغطية الصحفية للعلاقات السورية – الأمريكية وصف التطورات الجديدة على النحو الآتي:
- لقاء الداوودي – وولش ليس لقاءً عادياً طالما أن كبار المسؤولين السوريين لا يأتون بشكل روتيني إلى واشنطن.
- اللقاء مهم من وجهة النظر السورية ولكنه غير مهم من وجهة النظر الأمريكية.
* بين دبلوماسية دمشق ودبلوماسية واشنطن:
تعتبر الدبلوماسية الإدارة الرئيسية لتنفيذ توجهات السياسة الخارجية وتأسيساً على ذلك، فإن دبلوماسية سوريا إزاء واشنطن تقوم وتستند على سياسة سوريا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وبالمقابل تقوم دبلوماسية واشنطن إزاء دمشق على سياسة الولايات المتحدة الخارجية إزاء سوريا، وبالتالي فإن ما بين دبلوماسية دمشق ودبلوماسية واشنطن يرتبط بشكل جوهري بالخلافات في وجهات النظر بين توجهات السياسة الخارجية السورية وتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية إزاء قضايا الشرق الأوسط.
النظرة التحليلية الفاحصة إزاء الحراك الجاري حالياً على خط دمشق – واشنطن يشير إلى الآتي:
• دبلوماسية المسار الأول: شهدت عدداً من النقلات والخطوات السورية والتي من أبرزها مشاركة الرئيس الأسد في قمة باريس والمحادثات السورية الإسرائيلية غير المباشرة.
• دبلوماسية المسار الثاني: وتجري وقائعها حالياً في واشنطن من خلال جهود مجموعة العلاقات السورية – الأمريكية ولقاء الداوودي – وولش.
وعلى خلفية هذين التطورين يمكن التكهن بكل سهولة بأن زخم دبلوماسية المسار الأول ودبلوماسية المسار الثاني سيعزز احتمالات انتقال علاقات واشنطن – دمشق باتجاه دبلوماسية المسارات المتعددة وهي المرحلة التي قد تتضمن:
• التفاهم في صنع السلام.
• التفاهم في حماية السلام.
• التفاهم في بناء السلام.
الانتقال من دبلوماسية المسار الأول والثاني إلى دبلوماسية المسارات المتعددة لن يكون صعباً أمام دمشق وذلك لعدة أسباب تتعلق بالموقف الاستراتيجي الجزئي والكلي الأمريكي:
• البيئة الداخلية الأمريكية: تعاني الإدارة الأمريكية الجمهورية من أزمة تدنى شعبية البيت الأبيض والحزب الجمهوري وحالياً اضطرت إدارة بوش إلى محاولة تبني مواقف أقرب إلى مواقف الديمقراطيين بهدف تحسين شعبية الحزب الجمهوري ومن أبرز الأمثلة على هذه المواقف:
- اعتماد أسلوب التهدئة مع إيران.
- التلويح باحتمالات الانسحاب الأمريكي من العراق.
• البيئة الخارجية الأمريكية: تعاني إدارة بوش من تداعيات مشروع الحرب المفتوحة ضد الإرهاب ومن تزايد وتائر الحرب الباردة على خط واشنطن – بكين وخط واشنطن – موسكو وحالياً ليس في مصلحة الولايات المتحدة التمسك بمواقفها المتشددة ضد سوريا خاصةً وأن أمريكا أصبحت تواجه احتمالات خسارة تحالفها الاستراتيجي مع تركيا إضافةً إلى أن الاستقرار النسبي لأوضاع الملف اللبناني قد جعل من الصعب على البيت الأبيض المضي قدماً في العمليات السرية داخل لبنان.
* التحولات القادمة في استراتيجية سياسة واشنطن إزاء دمشق:
تتم عملية صنع السياسة الأمريكية إزاء سوريا والشرق الأوسط بالتنسيق بين البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي الأمريكي وبسبب التزام أمريكا بأمن إسرائيل فإن مجلس الأمن القومي الأمريكي يلعب دوراً رئيسياً في صناعة قرار السياسة الخارجية الأمريكية إزاء سوريا.
• خلال فترة الرئيس الديمقراطي كلينتون ظلت استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية إزاء سوريا تقوم على مبدأين هما صنع السلام والاحتواء.
• خلال فترة الرئيس الجمهوري بوش ظلت استراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية إزاء سوريا تقوم على مبدأين هما استهداف النظام السوري وفرض النموذج السياسي الغربي.
سياسة إدارة بوش إزاء سوريا أدت إلى تصدي سوريا لمخططات استهداف نظامها ومحاولة فرض النماذج السياسة عليه وقد لعبت سوريا دوراً رئيسياً في ردع المشروع الأمريكي عن طريق قيامها بإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة بما يلعب دوراً وقائياً ويقيم المزيد من حواجز الصد في مواجهة زحف واشنطن الذي وصل إلى مراحل متقدمة بعد غزو العراق. هذا، وكانت أبرز حواجز الصد التي نجحت دمشق في إقامتها:
• تعزيز علاقات أنقرة – دمشق بما ترتب عليه حرمان محور واشنطن – تل أبيب من الحصول على المزايا النسبية لجهة تنفيذ الهجوم ضد إيران.
• تحالف دمشق – طهران الذي نجح في حصر المشروع الأمريكي ضمن حدود العراق بحيث شكلت سوريا الحاجز الأول الذي منع تمدد المشروع شمالاً وشكلت إيران الحاجز الثاني الذي منع تمدد المشروع شرقاً وصولاً إلى أفغانستان وباكستان.
• دعم حزب الله اللبناني الذي نجح في كسر الإرادة العسكرية الإسرائيلية بما أفشل مخطط تطبيق نظرية تأمين الحدود الشمالية الإسرائيلية على المجال الحيوي السوري – اللبناني.
• دعم حركة حماس الفلسطينية التي نجحت في تهديد أمن إسرائيل عن طريق ما فرضته من إجهاد أمني – عسكري جعل استراتيجية الأمن الإسرائيلي تواجه حالة شد الأطراف على النحو الذي أرهق القوام السياسي الإسرائيلي.
السياسة الخارجية الأمريكية القادمة إزاء سوريا في مرحلة ما بعد كانون الثاني القادم على الأغلب ستكون سياسة ديمقراطية تعتمد العودة إلى مبدأ صنع السلام والاحتواء اللذين كانا في مرحلة إدارة كلينتون ولكن مع احتمالات أن تتم عملية تطبيق المبدأين ضمن صيغة جيو-سياسية جديدة، ومن أبرز التعديلات المتوقع حدوثها في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي إزاء سوريا وشرق المتوسط تشير إلى فكرة الحفاظ على التوازن التي تقوم على توجهات دعم إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً وفي الوقت نفسه منعها من القيام بأي اعتداء يهدد المنطقة إضافةً إلى محاولة استثمار التهدئة في إجراء مفاوضات السلام بين الأطراف.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...