المؤتمر الوطني الفلسطيني بدمشق يطالب بفلسطين من البحر إلى النهر
اختتم «المؤتمر الوطني الفلسطيني» الذي عقدته الفصائل في دمشق، على مدى ثلاثة أيام، أعماله أمس بالدعوة الى «حوار وطني شامل» يستهدف تحقيق المصالحة الوطنية على أساس اتفاق مكة وتفعيل «منظمة التحرير الفلسطينية». وشدد المؤتمر على رفضه نتائج مؤتمر انابوليس وتمسكه في المقابل بـ»فلسطين من البحر الى النهر»، كما دعا مصر الى «كسر الحصار المضروب» على غزة وعدم الاستجابة «للضغوط الأميركية والإسرائيلية» لإغلاق الحدود مع القطاع.
وانتهت جلسات يوم أمس من المؤتمر، الذي عقد تحت شعار «التمسك بالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني والوحدة الوطنية طريق التحرير والعودة»، بعدما قدمت كل لجنة من اللجان الثلاث توصياتها، بقراءة للبيان الختامي الذي جاء في ست صفحات، تتضمن 23 بندا، ركزت على «احترام إرادة الجماهير... التي عبرت عن وفائها وتأييدها لخيار المقاومة».
وشدد البيان على «الرفض القاطع لنتائج مؤتمر انابوليس والتأكيد ان فريق اوسلو لا يمثل الإجماع الفلسطيني وغير مفوض الحديث باسم شعبنا في الداخل وأماكن الشتات ودول الاغتراب» كما أكد «الرفض القاطع لسياسة فريق اوسلو التي ينتهجها ضد المقاومة ولا سيما سلام فياض وأجهزته الأمنية». وأدان «أي اعتداء على المقاومين واعتبارهم ميليشيا خارجة عن القانون».
ودعا البيان «قيادة فتح وكوادرها الى المساهمة في دفع الحوار الوطني ومعالجة الانقسام وتوفير المناخ المطلوب لتصويب كل مظاهر الخلل التي ينتهجها فريق اوسلو الذي أدار الظهر لتضحيات حركة فتح» مناشدا «الاخوة في فتح وحماس الاحتكام الى الحوار والتفاهم على أساس ما اتفق عليه في اتفاق مكة» الذي وقع في شباط .2007 وأشار البيان الى أن «لغة الحوار هي السبيل الوحيد لحل خلافاتنا» مطالبا بـ»تحريم الاقتتال بين الأشقاء».
ودعا البيان الى «إطلاق حوار وطني شامل لإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، على أسس وطنية وديموقراطية ومؤسسية، يشارك فيها الجميع من دون استثناء، وتستند إلى الميثاق الوطني الفلسطيني، لتعود المرجعية الوطنية العليا لشعبنا وممثله الشرعي والوحيد».
ورفض المؤتمرون «كل المخططات التي تحاول تقسيم السيادة على القدس»، مشددين على أن «عودة اللاجئين الفلسطينيين الى أراضيهم ومدنهم وقراهم حق طبيعي كفلته الشرعية الدولية غير قابل للتصرف أو التنازل».
وأعلن البيان «التمسك بفلسطين التاريخية من البحر الى النهر حقا للشعب الفلسطيني وجزءا من الأرض العربية لا يجوز التنازل عنه ماضيا وحاضرا ومستقبلا» مؤكدا «رفض أي إجراءات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين والاعتراف بحقوقهم الأساسية ومطالبة الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية بالعمل على إعادة بناء مخيم نهر البارد وتعويض اللاجئين من سكانه».
وطالب البيان مصر بممارسة «دورها لكسر الحصار المضروب» على غزة مثمناً «موقفها الإيجابي تجاه قيام شعبنا بالعبور الاضطراري إلى مصر». ودعا القاهرة الى «القيام بخطوات إضافية لتسهيل مرور الفلسطينيين وعدم الاستجابة للضغوط الأميركية والاسرائيلية لإغلاق الحدود والعمل لبسط السيادة المصرية والفلسطينية على معبر رفح وبذل الجهود لرفع الحصار ووقف العقاب الممنهج الذي تمارسه اسرائيل ضد شعبنا».
وانتهى البيان إلى الإعلان عن تشكيل «لجنة متابعة عليا تمثل القوى والفصائل ولجان العودة وشخصيات فلسطينية، تنبثق عنها أمانة سر لتنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر وتسيير العمل اليومي».
وبعد قراءة البيان، عقد رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر بسام الشكعة ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة طلال ناجي، مؤتمرا صحافيا، تمنى خلاله الشكعة أن يتم تنفيذ نتائج «الحوارات التي حصلت في القاهرة والأراضي المحتلة في فلسطين، ولم تنفذ لأن هناك إصرارا في الاستمرار في الاتفاقات مع إسرائيل بسبب الضغوط الأميركية والإسرائيلية».
واعتبر ناجي، من جهته، أن المؤتمر يشكل خطوة للأمام ويضم كل القوى الفلسطينية مشددا على أن «فتح لا تستطيع الادعاء بأنها تمثل الشرعية الفلسطينية، فنحن وهم الشرعية الفلسطينية، ونحن وهم الشعب الفلسطيني ومن دون أن نلتقي لا يمكن أن تتحقق الوحدة الفلسطينية». أضاف أن «لا وحدة مع المفرطين والمساومين».
وشرح ناجي سبب توجيه دعوتين مختلفتين الى حضور المؤتمر، تتضمنان صياغتين لموضوع الدولة الفلسطينية، الأولى تحددها بحدود العام 1967 والثانية تتجاهلها. وقال ان سبب الصياغة الأولى هو الرغبة في مشاركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «فوضعنا في الدعوة ما نعتقد أنه قاسم مشترك بيننا وبينهم ولا يمثل السقف الفلسطيني». ولكن بعد عدم استجابة فتح وتراجع الجبهة الشعبية، قال ناجي «صححنا الدعوة بأخرى وأصبحنا بحل من الأولى» مشيرا الى أن ضغوطا مورست على العديد من عناصر فتح لعدم الحضور. ووصف هذه الضغوط بأنها «ترهيب وترغيب... هددوا برواتبهم حتى لا يحضروا المؤتمر».
أما الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان شلح، فقال «نشيد بالموقف المصري الذي أدى الى فتح الحدود ونناشد الاخوة في مصر ان يواصلوا هذا الإسناد وألا يرضخوا للضغوط الاميركية والاسرائيلية» معربا عن رضاه على نتائج المؤتمر الذي جاء «صرخة لكل أمتنا بجميع قواها الحية بهدف استنهاض إمكاناتها وقدراتها دعما للقضية الوطنية العليا».
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية توم كايسي قد أعرب عن خيبة أمله من استضافة سوريا للمؤتمر. وقال «للأسف، يبدو مجددا برغم التصريحات العديدة الصادرة عن النظام السوري، أن هناك جهدا قائما لمواصلة دعم بعض هذه الجماعات الفلسطينية الرافضة». أضاف «لقد كنا ممتنين لحقيقة ان السوريين حضروا مؤتمر انابوليس وقدموا ما أملنا أن يكون دعما لإرادة الشعب الفلسطيني للعيش بسلام مع اسرائيل في إطار حل الدولتين... ومن المؤسف رؤيتهم يستضيفون هذا من النوع من المؤتمرات التي ليست سوى عبارة عن تجمع لأفراد يعارضون ما نعتبر انه تطلعات الشعب الفلسطيني، والاسرائيليين ايضا».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد