بوش يقوم (بانقلاب قصر) قبل عقد صفقة مع الديمقراطيين

14-11-2006

بوش يقوم (بانقلاب قصر) قبل عقد صفقة مع الديمقراطيين

الجمل:  تقدم الشعب الأمريكي في السابع من تشرين الثاني الحالي إلى صناديق الاقتراع، وذلك من أجل اختيار من يمثله في مجلس النواب الأمريكي، ومن يمثله في مجلس الشيوخ الأمريكي، ومن يصلح لأن يكون حاكماً لولايته.
توازنات ميزان القوى داخل الأجهزة التشريعية الأمريكية كانت تقوم على الحقائق الآتية:
* توزيع القوى السياسية  في الكونغرس عشية انتخابات السابع من تشرين الثاني.
- عضوية مجلس النواب الأمريكي: 232 جمهورياً، 252 ديمقراطياً، ومستقل واحد.
- عضوية مجلس الشيوخ الأمريكي: 55 جمهورياً، 44 ديمقراطياً، ومستقل واحد.
وقد تميزت هذه الفترة بسيطرة الجمهوريين بالكامل على السلطتين التشريعية، والتنفيذية التي سيطروا عليها بعد فوز جورج بوش مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2004م، وهزيمة جون كيري المرشح الديمقراطي آنذاك.
أيد الشعب الأمريكي في السنوات الخمس السابقة الحزب الجمهوري، وذلك لأن تداعيات أحداث الحادي عشر من أيلول دفعت الناخب الأمريكي إلى تأييد سياسات الجمهوريين الصقورية، التي تركز على التدخل والعدوان، والتشدد في إعطاء الأولوية القصوى لاعتبارات الأمن القومي والهيمنة الأمريكية القائمة على استخدام القوة.
خلال الفترة الماضية جرت مياهاً كثيرة على طاحونة السياسية الأمريكية، واستطاع الجمهوريون تكييف أجندتهم وفقاً للمعطيات الميدانية على كل الصعد، وبتركيز على نقد لا جدوى وعدمية الحرب ضد الإرهاب واحتلال العراق وأفغانستان، وفي المقابل كان الجمهوريون بقيادة جماعة المحافظين وبوش، غارقين حتى أذنيهم في توجهاتهم الصقورية التي تجد غذاءها في مرض ولع الحرب وتمجيد القوة التدخلية في شؤون الغير.
* توزيع القوى السياسية في الكونغرس بعد انتخابات السابع من تشرين الثاني:
- عضوية مجلس النواب الأمريكي: 230 ديمقراطياً، 196 جمهورياً، ومستقل واحد.
- عضوية مجلس الشيوخ الأمريكي: 49 ديمقراطياً،49 جمهمورياً، واثنين من المستقلين المتحالفين بشدة مع الحزب الديمقراطي.
انقلبت الطاولة تماماً على رأس الجمهوريين، فقد خسروا الأغلبية في مجلس النواب، وأصبحوا أقلية، ومن ثم لن يكون بمقدورهم إصدار القوانين المتشددة التي كان يقوم بتفصيلها جماعة المحافظين الجدد، وأيضاً في مجلس الشيوخ، أصبح الجمهوريون أقلية، وذلك في مواجهة 49 ديمقراطياً، ومعهم اثنين من المستقلين المتحالفين مع الحزب الديمقراطي، إضافة إلى أنهم يتميزون بأن معارضتهم لتوجهات الحزب الجمهوري تفوق معارضة الديمقراطيين له، وبالتالي، فإن مجلس الشيوخ القادم، سوف يتعرض لرقابة صارمة على أداء الرئيس بوش، والأجهزة التنفيذية.. وبكلمات أخرى: لن يستطيع الرئيس بوش وديك تشيني تمرير أجندة المحافظين الجدد بسهولة.
الصراع حالياً، وخلال بقية هذا الشهر، وشهر كانون الأول القادم يدور حول ترتيب الأوضاع والمواقف داخل الأجهزة التشريعية والتنفيذية، ويمكن استعراض أبرز المؤشرات على النحو الآتي:
• على مستوى الأجهزة التشريعية: يدور حالياً صراع داخل الحزب الديمقراطي، على مقعد زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس، وذلك بين نانسي بيلوزي، وأحد النواب الديمقراطيين الآخرين، كذلك هناك صراع آخر بين اثنين من أعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ حول من يتولى منصب زعيم الأغلبية، وهذا الصراع يستمد جذوره من الصراع الداخلي بين التيارات الداخلية المكونة للحزب الديمقراطي.. وتجدر الإشارة إلى أن جماعات اللوبي الإسرائيلي وبالذات منظمة الإيباك تحاول القيام بمناورة أخرى للالتفاف على نتائج الانتخابات الأمريكية، بحيث تحاول الجمع بين النواب اليهود، والمنتمين إلى تيار المسيحية الصهيونية، وأصدقاء إسرائيل، ومن كلا الحزبين وفق برنامج مشترك يقوم على أساس اعتبارات دعم إسرائيل، ضرب إيران، عدم الانسحاب من العراق، عدم التفاوض مع سوريا، بعدم دعم الفلسطينيين.
• على مستوى البيت الأبيض: يحاول الرئيس بوش حالياً القيام بعملية جراحة تجميلية للبيت الأبيض والأجهزة التنفيذية، وذلك بتطهير عناصر المحافظين الجدد، واستبدالها بعناصر أخرى جديدة، بحيث تصبح الأوضاع مقبولة للديمقراطيين، وعلى الأغلب أن جورج بوش يهدف إلى تمهيد المسرح من أجل عقد صفقة مع الديمقراطيين مقابل موافقتهم على بقاء الوجود الأمريكي في العراق، والموافقة على تبني الأجندة الإسرائيلية المتعلقة بإيران، وسوريا والفلسطينيين.
التفاعلات المتوقعة سوف تتمحور حول النقاط الآتية:
* تعيين غاتز: مازال كثير من الديمقراطيين يرفضون الموافقة على تعيين غاتز بدلاً عن رامسفيلد، وذلك بسبب دور غاتز في الآتي:
- فضيحة إيران كونترا.
- الإشراف على عمليات (السمسرة) الإعلامية.
- تأييده لبرامج التنصت الشامل داخل أمريكا.
* أجندة السياسة الداخلية: يطالب الديمقراطيون بالمزيد من التغيير في الأوضاع الداخلية وبالذات في الجوانب الآتية:
- تقليل الضرائب.
- تقيل الإنفاق الحكومي وضبط وترشيد الميزانيات والتقيد بها، إضافة إلى عدم السماح بأي بنود اتفاق إضافية.
- تأمين المزيد من الحريات، وإلغاء برنامج التنصت على الأمريكيين دون إذن قضائي مسبق، وعدم الرقابة على الإعلام والانترنت.
- مراجعة تقرير لجنة أحداث الحادي عشر من أيلول، والتحقيق في الأكاذيب التي وردت فيه.
* على صعيد السياسة الخارجية: يطالب الديمقراطيون بالآتي:
- الانسحاب من العراق.
- التخفيض والتقليل من تأثيرات ملف الحرب ضد الإرهاب، وحسم أمر الوجود الأمريكي في أفغانستان.
- التفاوض مع سوريا وإيران.
- التشدد في التعامل مع الصين.
- التشدد في التعامل مع أزمة دارفور.
أبرز التوقعات حول الأداء السياسي الأمريكي المتوقع خلال الفترة المقبلة، تشير إلى وجود ثلاثة معسكرات:
• المتفائلون: ويرون أن السياسة الأمريكية سوف تصبح أكثر ذرائعية وبراجماتية، بحيث سوف ينصب تركيزها على توسيع الحريات والمنفعة الاقتصادية، كذلك سوف تنسحب أمريكا من العراق وأفغانستان.
• التوفيقيون: ويعتقدون أنه سوف تحدث صفقة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول الأجندة الرئيسة الفائقة الحساسية، مثل حرب العراق وأفغانستان، بحيث يتنازل كل طرف عن بعض موافقه، ويخفف من تشدده على النحو الذي يؤدي إلى تقاطع مصالح الجمهوريين مع الديمقراطيين ضمن برنامج توفيقي مشترك.
• المتشائمون: ويقولون إن الأمور لن تتغير، فالديمقراطيون سوف يمضون في نفس طريق الجمهوريين، وإن كان ذلك سوف يحدث وفقاً لشعارات ووسائل أخرى، وبالتالي فإن الوجود الأمريكي سوف يستمر في العراق وأفغانستان، كذلك سوف يتزايد الدعم لإسرائيل، ويدللون على هذه الأطروحة، بأن عملية التطهير التي سوف ينفذها جورج بوش في البيت الأبيض والأجهزة التنفيذية سوف تكون في نهاية الأمر مجرد (انقلاب قصر)، يستبدل الجيل الثاني من المحافظين الجدد، بالجيل الثالث منهم، والذي يتمركز جزء كبير منه حالياً ضمن الصف الثاني من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومن ثم سوف تستخدم الإدارة الأمريكية المناورة القائمة على استخدام الوجوه الجديدة في تنفيذ الأجندة القديمة وبالتالي فإن عملية استبدال رامسفيلد بروبرت غاتز هي فقط محاولة من جانب تحالف بوش- تشيني القيام بطرق وسن حد سيف المحافظين الجدد، خلال فترة استراحة الشهرين الحاليين، ثم يواصلان المضي قدماً في مشروع الهيمنة بسيف البنتاغون الجديد: روبرت غاتز.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...