خطاب أولمرت في الكنيست: هروب إلى الأمام عبر قصف الجميع
الجمل: بمناسبة بدء الكنيست الإسرائيلي دورة أعماله الشتوية، قدم إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي خطاباً سياسياً بالأمس أمام الكنيست اعتبر الأول من نوعه منذ انتهاء حرب إسرائيل- حزب الله في الشهر الماضي.. والخلفيات التي تشكل معالم المشهد السياسي الإسرائيلي الحالي، تتمثل في الأتي:
- تزايد الانتقادات لحكومة أولمرت، بسبب أداء الجيش الإسرائيلي في لبنان، والذي ترتب عليه هزيمة إسرائيل على يد مقاتلي حزب الله.
- تزايد الانتقادات لجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في جنوب لبنان، بوساطة منظمات حقوق الإنسان الدولية.
- التحركات الأمريكية الهادفة إلى بناء حلف (المعتدلين) العرب، بقيادة الأردن، مصر، السعودية.
- تزايد العنف بمعدلات غير مسبوقة في العراق.
- تدهور موقف الحزب الجمهوري الداعم لإسرائيل في انتخابات الكونغرس الأمريكي.
- انفجار فضائح الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف، وبدء الإجراءات القضائية ضده في قضايا التحرش الجنسي.
احتوى خطاب أولمرت على أبرز الأجندة السياسية، والتي سوف يتشكل على أساسها برنامج عمل الحكومة الإسرائيلية خلال العام المقبل، ومن أبرز المفاصل التي احتوى عليها الخطاب:
• بالنسبة للجانب الفلسطيني: تحدث أولمرت عن رغبته في إجراء لقاء واسع مفصل مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وقال: «لدينا اتصالات مكثفة معه ومع رجاله، وأنا مستعد لمقابلته فوراً، إذا وافق، لكي تناقش سبل القيام بإحداث تقدم وفقاً لخارطة الطريق..».
• بالنسبة للجانب اللبناني: اعتبر أولمرت أن الحرب في لبنان تمثل انتصاراً لإسرائيل، برغم سقوط الآلاف من صواريخ حزب الله على إسرائيل وسقوط أكثر من 159 قتيلاً إسرائيلياً.. كذلك دعا ايهود أولمرت فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني إلى لقاء مباشر من أجل النقاش والحوار حول بناء السلام بين لبنان وإسرائيل.
• بالنسبة للجانب السوري: أعلن ايهود أولمرت عن وقف أي مفاوضات مع سوريا، واشترط ضرورة أن تكف وتتوقف سوريا عن دعم وتأييد حزب الله وحركة حماس، وتتخلى عن إيواء ورعاية الإرهاب.
• بالنسبة للجانب الإيراني: قال ايهود أولمرت إن إيران تمثل الخطر الداهم الذي أصبح يهدد وجود إسرائيل، وقال: إن إسرائيل يجب أن تعمل بقوة مع المجتمع الدولي (الأمم المتحدة)، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وذلك من أجل مواجهة هذا الخطر الإيراني.. وأعرب أولمرت عن سروره من بروز (محور السلام العربي) في مواجهة إيران.
• ردود الأفعال إزاء خطاب أولمرت، انحصرت في منطقة الشرق الأوسط بشكل رئيس، وكان من أبرزها:
- من الجانب الفلسطيني تحدث (صائب عريقات) المفاوض الفلسطيني، قائلاً بأنهم سوف يبذلون كل ما في وسعهم من أجل لقاء القمة الأولى بين الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن لا تاريخ محدد قد تم وضعه لذلك.
- بالنسبة للجانب اللبناني: أعلن فؤاد السنيورة عن رفضه القاطع اللقاء مع أولمرت، وقال بالحرف الواحد: إن لبنان سوف يكون آخر دولة تعقد اتفاقاً للسلام مع إسرائيل.
خطاب الرئيس الإسرائيلي، على ضوء وقائع التحديات والمخاطر المحدقة بمنطقة الشرق الأوسط لا يعدو عن كونه مناورة سياسية إسرائيلية جديدة، تهدف إلى تضليل الرأي العام الدولي، والعربي، حول النوايا الحقيقية لإسرائيل، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك:
• ان ايهود أولمرت يتزعم حزب كاديما، وقد تم انتخابه على أساس برنامجه الذي يركز على إنجاز هدف رئيس هو: قيام إسرائيل بالانسحاب من جانب واحد من الضفة الغربية، وذلك على غرار الانسحاب الذي تم من قطاع غزة.
• يقوم ايهود اولمرت حالياً بحملة عسكرية ضد قطاع غزة، إضافة إلى أنه أعلن صباح اليوم عن نية الحكومة الإسرائيلية باتجاه «قصف الجميع» في قطاع غزة والضفة الغربية.
• تضمن حديث أولمرت تهديداً إسرائيلياً باتجاه سوريا وإيران.
• خطاب أولمرت أتى قبل سفره إلى موسكو بيوم واحد، وذلك لمقابلة الرئيس الروسي بوتين، وعلى ما يبدو فإن محتوى الخطاب وما ورد فيه عن (رغبة إسرائيلية في السلام) سوف يشكل الخلفية الأساسية التي سوف يعتمد عليها أولمرت في مباحثاته مع القيادة الروسية.
• حديث أولمرت عن (محور السلام العربي) في مواجهة إيران يعكس رغبة إسرائيلية في المضي قدماً باتجاه تمزيق الخارطة السياسية في منطقة الشرق الأوسط إلى ثلاثة محاور: الأول محور (المعتدلين) في مواجهة (محور ثاني) يضم الأطراف العربية الرافضة للهيمنة الإسرائيلية الأمريكية.. والآن (محور ثالث) من بعض الأطراف العربية التي سوف تتبنى أجندة معاداة إيران.
إن الهدف الحقيقي وغير المعلن هو العمل من أجل إقناع روسيا بالتوجهات الإسرائيلية الرامية إلى:
- أن تدعم روسيا تحالف (المعتدلين) العرب.
- أن تتخلى روسيا عن إيران.
- أن تضغط روسيا على سوريا من أجل التخلي عن دعم حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
- أن تدعم روسيا المشروعات النفطية الهادفة إلى نقل نفط وغاز منطقة بحر قزوين الوسطى عبر إسرائيل.
- العمل من أجل توقيع اتفاقيات تعاون تكنولوجي روسي- إسرائيلي.
أما ما ورد بشكل معلن في خطاب أولمرت، فلا أهمية له، فعلى سبيل المثال يتحدث أولمرت عن (إحراز التقدم في خارطة الطريق).. وهو يعلم تمام العلم أن خارطة الطريق قد أشرف هو شخصياً على ذبحها، عندما تبنى دعم الهجوم ضد غزة، ورفض التعاون مع السلطة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطياً، واعتدى على لبنان، ودعم مشروع قانون الإرهاب الفلسطيني الذي أصدره مجلس النواب الأمريكي دون أن يميز بين (جماعة محمود عباس) والجماعات الفلسطينية الأخرى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد