د. فؤاد شربجي ينتقد دكاكين السياسة المصرية
السوريون لا يحتاجون لقرار من سلطاتهم ليستشعروا حقيقة مواقف الساسة العرب تجاههم و تجاه الأمة العربية...
والسوريون ليسوا قاصرين لينتظروا حكومتهم – مهما كانت- ليفهموا معنى التهديد عندما يوجه إلى بلدهم، والسوريون يعرفون ويحسون أن فريقاً لبنانياً ينخرط في السياسة الأميركية العاملة بجد على استهداف استقرارهم و أمنهم و حياتهم ...
السوريون متمسكون بأمنهم و استقرارهم و حياتهم ويعايشون الحالة العراقية واللبنانية والفلسطينية بشكل لا يعايشه أحد من العرب، حيث يسكن بين السوريين مليون عراقي لاجئ، وحوالي مليون فلسطيني، و الأزمة في لبنان تصل لكل بيت في سوريا بحكم الروابط العائلية السورية و اللبنانية....
لذلك كله فإن السوريون باتوا غير مرتاحين و ربما غير منسجمين مع لياقات الدبلوماسية السورية الرسمية التي تعمل مع الحكومات العربية...
وإذا كنا نريد أن نسمي الأشياء بأسمائها فإن الشعب السوري بات غير مقتنع بالموجبات التي تحكم حكومتهم ليكون دبلوماسياً مع من يساهم بتهديده... والشعب السوري منغاظ ... نعم منغاظ من لطف خارجيته ودبلوماسييه مع بعض العرب الذين يعملون بتوجيه من أميركا، وينضرون إما بسياسات فريق 14 شباط أو باتجاه سياسات تريدها إسرائيل.
نعم -السوريون- منغاظون من سلطاتهم الدبلوماسية لأن مايصدر عن بعض العرب يستحق لهجة تعبر عن هذا الشعب الذي يستشعر مايجري على حقيقته...
وكمثال فإننا سمعنا أن أقلاما مصرية انبرت غاضبة لانتقادنا رئيسها الذي تحدث باسمه سعد الحريري وعجبنا أن هذه الأقلام لم تغضب لتطاول الحريري على مكانة مصر، وعجبنا الأشد أن مبارك لم يطلب من هذه الأقلام تصحيح ما ارتكبه الحريري بحق مصر و بحق سوريا لأن مصر تستحق مكانتها و تستحق رجالاً يدافعون عن هذه المكانة و لو كره الأميركيون .
مصر دولة المركز للأمة العربية وصاحبة الدور المركزي في جمع العرب... هكذا يشعر العرب تجاه " أم الدنيا " وحاضنة القومية العربية شعبياً...ولكن ما نسمعه من رايس، وولش، وبوش، عن دور مصر كدور محوري لما يسمى دول الاعتدال، يجلعنا نفهم تصريحات الدبلوماسية المصرية حيث صرح (أبو الغيط) فور وصوله إلى بيروت: (ارفعوا أيديكم عن لبنان).... وكي لا يبقى المنادى غامضاً فقد قام فريق 14 شباط في لبنان بإعراب جملة أبو الغيط شارحين للعالم أنه يقصد سوريا ويحذر سوريا تماماً كما يحذرها الأمريكان عندما يتحدثون عن انتخابات لبنان (دون تدخل خارجي)، إن (التدخل الخارجي) بعرف الأمريكان هو سوريا ...
وللأسف هذا ما تردده الدبلوماسية المصرية، وإذا كان الأمر عكس ذلك، وإذا كانت الدبلوماسية المصرية لا تقصد مصر فلماذا لاتعلن الخارجية المصرية ذلك، لماذا لاتوضح لنا أنها لا تقتصد سوريا؟؟؟!!
عندها سننحني لهذه الدبلوماسية التي تقف ضد التدخل الخارجي الأمريكي أو الفرنسي أ و ...أو ....ولا تقصد سوريا ....
ثم مصر العريقة بمعاني الدبلوماسية عندما تسمح لسعد الحريري أن يقف على منبر مبارك ليقول "أبلغت من جهات عربية وأجنبية أن هناك مخططاً يديره مسؤول سوري لاغتيالي واغتيال السنيورة"... أبلغت هذه، آتت بعد خروجه من عند مبارك وإذا كان الحريري قد استغل ضيافة الرئيس المصري فلماذا لم توضح السلطات المصرية أنها غير معنية بما يقوله الحريري من اتهامات لسوريا.
الأمر الآخر والأهم أن سعد الحريري نقل عن مبارك أن(التدخل في لبنان ممنوع) وأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي... إذا كان (الحريري) قد استأذن مبارك قبل أن يهدد من(يتدخل) سوريا فإن الرئيس المصري موافق على ماجاء به الحريري.
وإن كان الحريري قد تجاوز حدود اللياقة الدبلوماسية ونقل ما فهمه من مبارك فالأحرى بالدبلوماسية المصرية أن تصحح الخطأ كي لا نظن أن الرئاسة في مصر جزءاً من فريق لبناني موتور.
بعد كل ذلك فإننا نسأل ما رأي مصر بما قاله بوش من أن (السنيورة جزء من الأمن القومي القومي الأميركي) ؟؟...
ومارأي مصر مما صدر عن جمال مبارك من أن (العلاقات بين مصر وأمريكا هي جزء من الأمن القومي المصري) ؟؟
وهل نتذكر ما قاله مبارك عن حزب الله وأسر الجنديين الإسرائيليين، وهل نستحضر كيف حملت مصر المقاومة اللبنانية مسؤولية حرب تموز؟؟؟
اليوم نسأل عن قمة عبد الله مبارك ، هل هناك قرار بتغطية عربية لانتخاب رئيس لبناني ينفذ المخطط الأمريكي في المنطقة أم يجوز لنا أن نطمع بعروبة الزعيمين لنسمع موقفاً يكرس كرامة وعزتهم لا خضوعهم تحت اسم الاعتدال ...
سنعيد ماقاله هيكل عن مصر مبارك :
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق
إنه هيكل ...وإنها مصر .....
والشعب السوري بينهما.
د. فؤاد شربجي
المصدر: موقع تلفزيون الدنيا
إضافة تعليق جديد