سعاد جروس تكتب عن شعار المرحلة:الطاعة ..العفة..الفقر
الجمل ـ سعاد جروس : في معرض رده على ما يتردد عن حركة التشييع في المنطقة قال الأمين العام السيد حسن نصر الله بما معناه أننا لسنا بحاجة الى تشييع الناس كي نزيد عددنا, حسبنا زيادة الانتاج لانجاب المزيد من الأطفال. وقد رحبت النساء بهذه الفكرة كما بدا واضحاً في الشاشة, إذ زادتهن الفكرة حبوراً وبشاشة, ربما لشعورهن بمركزية ومحورية دورهن في معركة تتطلب انتاجاً لسلاح بات الفيصل في أي معركة آتية, وهو نوع معقد من السلاح الديمغرافي اللازم والذي أثبت استحالة التحكم فيه أو القضاء عليه, ولا سيما لسد حاجة الصراعات الطويلة الأمد. وكان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قد سبق السيد نصر الله في دعوته الإيرانيين للتكاثر, لقدرة إيران على استيعاب 60 مليون إيراني جديد؛ الكثرة العددية السلاح الأنجع في معركة الوجود الاستئصالية الدائرة في المنطقة, وهذا ما أثبتته التجربة الفلسطينية.
أما في سوريا, فما زالت حكومتنا مهمومة بالانفجار السكاني الذي سيحصل في العام 2080 إذا استمر التكاثر كما هو عليه الآن, ولم يسجل انخفاضاً آمناً, ولا سيما أن الاستراتيجية الدولية في إشعال حرائق الحروب في المنطقة, تتسبب بإحداث طفرات في ارتفاع عدد سكان سوريا. فكلما التهبت بقعة قام أهلها بتهريب سلاحهم الديمغرافي إلى الأراضي السورية خيفة من الانقراض. فأصبح الحال: هؤلاء يتناسلون وأعداد السكان في سوريا يرتفع, ومع دخول الاحتلال الأميركي للعراق عامه الخامس يكون عديدنا قد زاد مليوناً ونصف المليون نسمة, دخلت من البوابة العراقية, وإذا استمر تهديد الوضع في لبنان على هذا النحو فمن المرجح أن يزيد العدد مليوناً آخر, وليس أقل من ذلك إذا استمر الاقتتال الفلسطيني الداخلي وعربدت اسرائيل في البر والجو.
ولا نشك في افادة حكومتنا الموقرة من التجربة الأميركية بوضع الخطط الاستباقية, لشن حملة سرية لقطع نسل السوريين من خلال سياستها الاقتصادية, وكيفية ابتلاعها وهضمها للأعداد الهائلة المتدفقة للاجئين, فدعت البشر يتكدسون فوق بعضهم بعضاً, ويتنافسون على المأوى ولقمة العيش, فلا عجب أن نبتت للأسعار أجنحة جهنمية لتطير عالياً نحو السحاب. فمن كان جيبه عامراً بالقروش البيضاء هرب بريشه من الأيام السوداء, ومن كان على الحصير زاد هماً وتعتيراً, وآل الى الضمور أو التناسل كحل وحيد في صراع البقاء, وهكذا يصبح لمهمة الهيئة السورية لشؤون الأسرة هدف حقيقي ومغزى لشعارها «أطفال أقل مستقبل أفضل», معنى لا جدال عـــــليه, يـــربـــــط المستـــــقبل الـــــزاهر بقطع دابر النسل.
وكما أعطى السيد نصر الله دوراً للنساء في انتاج السلاح الديمغرافي, تعطي الهيئة للمواطن السوري دوراً روحياً في بناء المستقبل, من خلال نخوة العفة ومحق الوصال, فتوفر على الحكومة عناء التفكير في حلول للأزمات الناشئة عن كثرة السكان النازلة على رأسها كجلمود صخر حطه السيل من عل, يفرغ جعبتها من المال, وحركتها من البركة, كأن تحدد على سبيل المثال سعر بيض الدجاج, فيضرب التجار والدكنجية عرض الحائط بهكذا قرار, ويقولون للزبون اشترِ البيض من الحكومة فعندنا لا وجود لهذه الأسعار, وقس على هذا... وعليه إذا استمر الحال على هذا المنوال من الداخل والخارج فليس أمام الشعب السوري سوى رفع شعار الرهبنة بنذوره الثلاثة €الفقر والعفة والطاعة€ كحل أمثل ثلاثة بواحد €توبر... عقّم... بيّض... وفّر... شو بعد بدنا أكثر€؟
بهكذا سبق أو استباقيات, نضمن راحة «ضمير» الحكومة ورضا أولي الأمر والنهي من راجحي العقول الألباب, فلا يقلق وزير المالية من تهرب المواطنين من ضريبة الرفاهية, ولا يفزع وزير الاتصالات من تنامي عدد مستخدمي الانترنت واضطراره للقبض على عنق أصحاب المواقع الالكترونية, كما يرتاح نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد من الهندسة العبثية لـ«نيو لوك» الاقتصاد العجوز الذي لا يجدي بوتكس «الاقتصاد المفتوح» لإخفاء تجاعيده ولا كريم «الاقتصاد الاجتماعي» في تقشير وتبييض ما فسد وأسود فيه. كما تنجو هيئة مكافحة البطالة من قدرها المحتوم, مثلها مثل أي شيء مأكول مذموم. أما الهيئة السورية لشؤون الأسرة فيمكنها إضافة للمكتب المركزي للإحصاء أن تتحول إلى جمعية رديفة لوزارة السياحة تساعد السيد الوزير في إحصاء يومي بدل السنوي لحساب وجمع وطرح عدد الأسّرة في فنادق الخمسة نجوم الشاغرة والمأهولة, وتقسيم كميات العابرين من المنافذ الحدودية من عمال ولاجئين على قوائم السياحة, لنزداد غبطة فوق غبطة بنهضة ثقافتنا السياحية, على أن تواكبها نهضة توسعية عمرانية تقضي على حجارتنا الأثرية, ليهنأ بال وزارتي السياحة والثقافة وترتاحا من نقيق الصحفيين وأسئلتهم الحشرية... إلى آخر مكتسبات لا بد من أن تتحقق بعدما نذر الشعب السوري نفسه لـ€العفة والطاعة والفقر€ كشعار للمرحلة, سرعان ما ستتبدى فضائلها الجمة في توفير عقد الاجتماعات العاجلة والآجلة, للبحث عن مخرج مفقود في طريق مسدود, والتفرغ التام لاحتواء مفاعيل دعوات التكاثر الإقليمية في صراع البقاء والوجود والجود من الموجود.
بالاتفاق مع الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد