سوريا: لجـنـة لقـانـون الأحـزاب وعشـرات القتـلى في جسـر الشغور
أصدر رئيس الوزراء عادل سفر، أمس، قرارا بتشكيل لجنة لصياغة وإعداد قانون جديد للأحزاب، وذلك كخطوة أولى نحو طرح القانون للنقاش العام، كمقدمة لإقراره في مؤتمر للحوار الوطني تسعى هيئة الإشراف على الحوار لتركيز دعائمه السياسية أولا، وهو أمر يواجه صعوبات في ظل تردي الوضع الميداني في منطقة «جسر الشغور» التي لا زالت خارج السيطرة الأمنية، حيث تشير المعلومات إلى حرائق بالجملة في مبانيها الحكومية، فيما نقلت وكالات أنباء دولية عن ناشطين سوريين إعلانهم «مقتل 38 شخصا في إطلاق نار في جسر الشغور» في محافظة ادلب خلال اليومين الماضيين.
في هذا الوقت، أعلنت دولة الإمارات دعمها لاستقرار الأوضاع في سوريا وضرورة تجاوز الأزمة بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والمعيشية، فيما رأت القاهرة أن «الاستقرار في سوريا مرتبط بشكل مباشر بالأمن القومي المصري والعربي»، مشيرة إلى «أهمية البدء في برنامج الإصلاح السياسي بسوريا، وعلى رأسه الحوار الوطني الشامل الذي يضم مكونات المجتمع السوري كافة».
وذكرت وكالة (سانا) إن سفر اصدر قرارا بتشكيل لجنة لصياغة وإعداد قانون جديد للأحزاب، وذلك كخطوة أولى نحو طرح القانون للنقاش العام، كمقدمة لإقراره في مؤتمر للحوار الوطني تسعى هيئة الإشراف على الحوار لتركيز دعائمه السياسية أولا.
وقالت مصادر أن مسودة القانون تسمح للسوريين «بتأليف الأحزاب السياسية والانتساب إليها على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية، ونظمها ديموقراطية ولا تمس باستقلال الوطن أو وحدته». وتمنع الصيغة «تأليف الأحزاب التي يكون في اسمها ما يمس عروبة البلاد وقوميتها، أو ما يرمز إلى غاية مادية».
ونص بيان الحكومة على أن قرار سفر « يقضي بتشكيل لجنة من ذوي الخبرة والكفاءة تتولى مهمة إعداد وصياغة مشروع قانون جديد للأحزاب يتضمن الرؤى والمنطلقات والآليات الناظمة لتأسيس أحزاب سياسية وطنية في سوريا».
وطلب سفر من اللجنة «أن تستعين بمن تراه مناسبا من ذوي الخبرة والاختصاص، وأن ترفع نتائج عملها إلى رئيس مجلس الوزراء خلال فترة لا تتجاوز شهرا من تاريخه ليصار إلى عرض مشروع القانون بصيغته الأولية على الرأي العام وتلقي الملاحظات حوله لإغناء مضمونه واستكمال صياغته النهائية وعرضه على مجلس الوزراء لإقرار المناسب بشأنه».
وتفترض الصيغة الجديدة أن الأحزاب التي ستشكل ستعمل «وفقا للقانون والدستور للسير نحو دولة ديموقراطية ونظام اجتماعي عادل». وفيما يحق لها «امتلاك الأموال المنقولة والأماكن، فانه لا يحق للحزب قبول هبات أو وصايا أو تبرعات من جهات حكومية أو خارجية مهما كانت». كما تنص الصيغة على أن «مركز الحزب يجب أن يكون في سورية، ويشترط في أعضائه أن يكونوا سوريين وفوق سن الثامنة عشرة، وألا يكون العضو المنتسب محكوما بجريمة شائنة أو جنائية تتعلق بالسلامة العامة أو أمن الدولة أو الإرهاب وأن يكون متمتعا بحق الانتخاب».
ويدخل قانون الأحزاب ضمن الحزمة الثانية للإصلاح السياسي التي تقدمت بها القيادة السورية، ويفترض أن يكون جزءا من نشاط هيئة الإشراف على الحوار الوطني، ولاحقا المؤتمر العام الذي ستدفع الهيئة باتجاهه. وفي هذا السياق أفادت مصادر أن توجه الهيئة هو نحو عقد «مؤتمر وطني شامل يجمع كل الشخصيات الوطنية داخل القطر وخارجه الراغبة في الحوار» بعد أن كان جرى نقاش حول حوارات على مستوى المحافظات أولا. وتركز الهيئة على ضرورة تثبيت «آلية الحل السياسي للأزمة» بما «يوفر مناخا ملائما للحوار والدعوة إليه» خصوصا، وأن الهيئة اقترحت دعوة كل الشخصيات الوطنية التي ليس لها ارتباط بالمشروع الأميركي أو الإسرائيلي. ولا يستبعد الاقتراح بعض التيارات الدينية، كما ينص على تمثيل كل شرائح المجتمع وفئاته.
وذكرت «سانا» أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم بحث امس مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أبو ظبي، «العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها في كافة المجالات».
وأضافت «عبر الشيخ محمد عن وقوف الإمارات إلى جانب سوريا للخروج من الأزمة الحالية أقوى، وذلك من خلال تنفيذ برامج الإصلاحات التي أعلنها الرئيس بشار الأسد، بما يضمن الأمن والاستقرار في سوريا»، معربا عن «عزم دولة الإمارات على مساندة سوريا في المجال الاقتصادي وتشجيع المستثمرين على مواصلة أعمالهم فيها».
بدوره، أكد المعلم «ضرورة التضامن العربي في هذه الظروف لصد المحاولات الرامية لبث الفوضى وزرع الفتنة في البلاد»، وشكر الإمارات «على وقوفها إلى جانب سوريا قيادة وشعبا».
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) عن الشيخ محمد «دعم الإمارات لاستقرار الأوضاع في سوريا، وضرورة تجاوز الأزمة بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والمعيشية». وقال إن «الإمارات تتابع وباهتمام بالغ تطورات الأوضاع في سوريا الشقيقة انطلاقا من حرصها على كل ما فيه مصلحة سوريا وشعبها».
وشدد على أن «مطالب الإصلاح والحاجة إلى الاستقرار هدفان متلازمان، ويمكن التوفيق بينهما»، مؤكدا «ضرورة تفعيل الدور العربي في التعامل مع الأزمات التي يواجهها عالمنا العربي في إطار الحرص على الاستقرار، والمحافظة على المكاسب التنموية التي تحققت، والتمسك بالوحدة الوطنية والابتعاد عن كل ما من شأنه تهديدها».
وفي القاهرة، شدد وزير الخارجية المصري نبيل العربي، خلال لقائه السفير المصري لدى سوريا شوقي إسماعيل، على «الروابط التاريخية والإستراتيجية بين مصر وسوريا، وعلى أن الاستقرار في سوريا مرتبط بشكل مباشر بالأمن القومي المصري والعربي».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية المصرية منحة باخوم إن العربي بحث مع إسماعيل «تطورات الأوضاع في سوريا، وآفاق الأزمة السياسية فيها». وأضافت أن «العربي أشار إلى أهمية البدء في برنامج الإصلاح السياسي بسوريا، وعلى رأسه الحوار الوطني الشامل الذي يضم كافة مكونات المجتمع السوري، باعتباره المدخل الوحيد السليم لتجاوز الأزمة في سوريا، بما يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري للديموقراطية والحرية، ويحقن دماء الشعب السوري الشقيق».
وكان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي قال من دون أن يسمي سوريا مباشرة، في كلمة عند ضريح الإمام الخميني في ذكرى رحيله أمس الاول، «في أي مكان يكون فيه التحرك بتحريض من أميركا والصهاينة لن نسانده. حين تدخل أميركا والصهاينة الساحة للإطاحة بنظام واحتلال دولة نقف على الجانب المقابل».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعرب، أمس الأول، عن قلق موسكو من «محاولات الغرب إضفاء صفة دولية على النزاع الداخلي في سوريا». وقال لافروف، في مؤتمر صحافي، إن «إصرار قسم من شركائنا الغربيين على تدويل الأوضاع في سوريا يقلقنا». وطالب «المجتمع الدولي بدعوة الأطراف المتنازعة في سوريا والبلدان الأخرى في المنطقة إلى التزام الهدوء وضبط النفس». وأكد أن «محاولات تسييس الأوضاع الداخلية لهذا البلد أو ذاك، والتي تتطور بشكل غير مريح ستؤدي إلى تشديد مواقف الأطراف المتنازعة، وبذلك سنبتعد عن إمكانية تحقيق التسوية».
إلى ذلك، وفي إطار تصعيدها للضغوط على دمشق، تسعى الدول الغربية في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يبدأ اليوم، إلى دفع المجلس لعرض الاتهامات الموجهة لسوريا بشأن منشأة دير الزور التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية في العام 2007، على مجلس الأمن، لكن عددا من الدول على رأسها روسيا والصين، يعارض هذا الإجراء مما يجعل تحقيقه مستبعدا.
وتلقي تعقيدات الوضع الميداني بظلالها القاتمة على التوجه السياسي، خصوصا وأن معلومات غير موثقة أمس كانت تشير إلى أرقام كبيرة من الضحايا في صفوف قوى الأمن والمدنيين، كما المسلحين على حد سواء، خصوصا بعد تأكيد مصادر ميدانية تفجير بعض المباني الحكومية كمركز البريد بعبوات غازية كما محاولة تدمير جسر صغير على نهر العاصي واحتجاز مدنيين وعناصر أمنية في المدينة.
وذكرت «سانا» أن «مجموعات إرهابية مسلحة قامت أمس الأول بمهاجمة عدد من الدوائر الحكومية ومراكز الشرطة ومجمع المخافر في مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب ما أدى إلى استشهاد أربعة من عناصر الشرطة والقوى الأمنية المكلفة بحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة وإصابة أكثر من 20 آخرين بينهم مدير المنطقة وضابط إضافة إلى إصابة عدد من المواطنين».
وأفاد مندوب «سانا» في إدلب أن «المجموعات المسلحة استخدمت في هجومها الإرهابي مختلف أنواع الأسلحة واستولت على الأسلحة الموجودة في مراكز الشرطة والمخافر وفجرت مبنى البريد في المدينة باستخدام أنابيب الغاز وحرقت وخربت عددا من المباني العامة والخاصة وقطعت الطرقات مثيرة الخوف والرعب في قلوب المواطنين الذين ناشدوا السلطات المختصة التدخل بقوة لحمايتهم من هذه المجموعات المسلحة وإعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المدينة».
وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أمس، «لقد تم الإفراج منذ قانون العفو (الثلاثاء الماضي) عن أكثر من 450 معتقلا سياسيا ومعتقل رأي، غالبيتهم من الإسلاميين والأكراد»، مشيرا إلى أن بعضهم كان مسجونا منذ 25 عاما. وكان المرصد أعلن أمس الأول انه تم الإفراج عن المعارض والكاتب علي العبد الله (61 عاما) والمحامي مهند الحسني ورئيس احد الأحزاب الكردية المحظورة مشعل التمو.
وقال عبد الرحمن «قتل 38 شخصا في إطلاق نار في جسر الشغور: عشرة قتلوا أمس (الأول) و28 اليوم (أمس)». وأضاف إن بين القتلى ستة عناصر أمنيين. وقال شهود إن القوات السورية قتلت شخصين في دير الزور بعد إحراق مقرين للبعث.
وأعلن نشطاء أن الجيش السوري سحب الدبابات من محيط حماه، فيما نفت مصادر سورية أن يكون هناك تواجد للجيش في المنطقة. وقال ناشط في المدينة إن غالبية المحال أغلقت في حماه، بعد يوم من مشاركة أكثر من مئة ألف شخص في مراسم تشييع 48 شخصا سقطوا في المدينة.
وقال ناشط، امس الاول، «تجدر الاشارة إلى ان حماه وأدلب حيث نظمت اكبر الاحتجاجات معقلان تقليديان لجماعة الاخوان المسلمين». وأضاف «الاعداد التي نزلت للشارع ربما تكون رسالة من الاخوان للنظام مفادها اننا الان نشارك في الثورة بكل ثقلنا».
وفي حين عاودت شبكة الانترنت عملها بعد انقطاع استمر اكثر من 24 ساعة، أبدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «قلقها الكبير» لهذا الانقطاع مؤكدة ان على النظام السوري ان «يفهم ان محاولة اسكات شعبه (لن تمنع) العملية الانتقالية».
وفي بروكسل، دعا ممثلون للمعارضة السورية في أوروبا، أمس، المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على الأسد، مطالبين في الوقت ذاته «بإجراء تحقيق مستقل حول القمع الدامي للتظاهرات المناهضة للنظام السوري».
وتظاهر نحو 300 شخص مؤيد للرئيس السوري أمام مبنى البورصة في بروكسل. ورفع هؤلاء لافتات كتب عليها «لا للعقوبات على سوريا» و«نعم للوحدة الوطنية في سوريا» و«شكرا بشار على الإصلاحات».
وأعلن منظمو مؤتمر «التحالف الوطني لدعم الثورة السورية»، في بيان في ختام أعمال المؤتمر بمشاركة حوالى 200 شخصية سورية، «تشكيل لجنة قانونية مكلفة تقييم انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان، بهدف رفع شكوى إلى المسؤولين، ونقل الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد