ما هو برنامج إدارة أوباما لاستعادة ولاء دول آسيا الوسطى
الجمل: يقول الخبراء بأن توجهات إدارة بوش الجمهورية إزاء آسيا الوسطى ترتب عليها خسارة الاستراتيجية الأمريكية لبلدان آسيا الوسطى الخمسة والتي وصلت إلى حد قيام دول آسيا الوسطى الخمسة بتبني سياسات إقليمية أكثر ارتباطاً مع موسكو وطهران وبكين، وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن إدارة أوباما الديمقراطية أدركت تماماً أن "الفرصة الأولى" قد ضاعت، وبدأت عملياً السعي باتجاه خلق "الفرصة الثانية" من أجل تعزيز النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطى.
* إشكالية المفاضلة بين خيارات الفرصة الأولى والفرصة الثانية؟
تمثلت الفرصة الأولى في سعي إدارة بوش الجمهورية باتجاه تطبيق سياسة خارجية أمريكية تقوم على أساس اعتبارات التعاون العسكري – الأمني مع بلدان آسيا الوسطى الخمسة (كازاخستان – تركمانستان – أوزبكستان – طاجيكستان - كيرغيزستان) بما يتيح لواشنطن استخدامها في الآتي:
• نشر القواعد العسكرية الجوية الأمريكية.
• تطويق روسيا من الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي.
• تطويق إيران من الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي.
• تعزيز السيطرة الأمريكية على أفغانستان.
• السيطرة على حقول إنتاج النفط والغاز.
• إقامة حاجز يمنع أي تعاون صيني – روسي.
• إدماج آسيا الوسطى في التحالف الغربي بما يتيح حرمان روسيا والصين وإيران من الدخول في أي روابط مع هذه البلدان.
تزايدت مخاوف دول آسيا الوسطى إزاء مستقبل التورط في علاقات عسكرية – أمنية مع الولايات المتحدة ويقول الخبراء بأن نموذج الحرب الأمريكية ضد أفغانستان والعراق كان السبب الرئيسي في نفور بلدان آسيا الوسطى وسعيها إلى عدم بناء الروابط مع واشنطن.
بدأت الإدارة الأمريكية الديمقراطية محاولة خلق الفرصة الثانية لجهة وضع بلدان آسيا الوسطى الخمسة تحت دائرة النفوذ الأمريكي وتقول المعلومات أن برنامج واشنطن الجديد الخاص بالفرصة الثانية يتضمن الآتي:
• تقديم الحوافز الاستخبارية بما يتضمن رفع معدلات تدفقات الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة إليها.
• رفع معدلات تبادل الزيارات وعقد اللقاءات مع النخب السياسية الموجودة في آسيا الوسطى.
• السعي إلى ربط اقتصادات هذه الدول باقتصادات حلفاء أمريكا وعلى وجه الخصوص الهند وباكستان وأفغانستان وتركيا وأوكرانيا وأذربيجان وجورجيا.
• السعي لإبعادها عن الدخول في أي علاقات استراتيجية حقيقية مع موسكو وبكين وطهران.
• تقليل التدخل الأمريكي في السياسات الداخلية الخاصة بدول آسيا الوسطى تفادياً للدخول في شراك المواقف الحرجة على غرار ما حدث مع إدارة بوش عندما تعرضت محاولات إشعال الثورات الملونة في بلدان آسيا الوسطى إلى الفشل، مما أدى إلى توتر علاقاتها مع واشنطن.
• عدم إبداء أي ردود فعل سلبية أمريكية إزاء قيام بلدان آسيا الوسطى بإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية كما حدث مع قاعدة ماناس وقاعدة أنديجان وبدلاً من ذلك فإن على واشنطن السعي لعقد الاتفاقيات الثنائية مع حكومات بلدان آسيا الوسطى بما يتيح لواشنطن الحصول على التسهيلات العسكرية المؤقتة مقابل تقديم الأموال لهذه الحكومات بحيث يستمر ذلك لأطول فترة ممكنة يتم خلالها إزالة هذه الشكوك والمخاوف، وبعدها يمكن لواشنطن إقناع بلدان آسيا الوسطى باستضافة المزيد من القواعد العسكرية وإغلاق القواعد الروسية.
تشير التسريبات والتقارير إلى أن واشنطن بدأت فعلاً في تطبيق خيار الفرصة الثانية مع دول آسيا الوسطى وحتى الآن استطاعت واشنطن تحقي الآتي:
• إقناع كيرغيزستان بتوقيع اتفاق عسكري جديد يتيح لأمريكا استخدام المطارات في عمليات نقل الإمدادات العسكرية الأمريكية برغم إغلاق قاعدة ماناس الجوية.
• إقناع تركمانستان بالتعاون مع أذربيجان وجورجيا في مشاريع تمديد خطوط النفط والغاز إلى أوروبا.
• إقناع أوزبكستان بالتحفظ إزاء المضي قدماً في علاقاتها في منظمة تعاون شنغهاي.
• إقناع كازاخستان بالدخول في المزيد من الروابط الاقتصادية والتجارية مع تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي مقابل قيام واشنطن بالضغط على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك السداد الأوروبي لجهة القيام بدعم وتمويل الاقتصاد الكازخستاني.
عند المفاضلة بين معطيات الفرصة الأولى والفرصة الثانية يشير التحليل السياسي المقارن إلى أن صيغة السياسة التدخلية التي سبق أن اعتمدتها الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة والقائمة على استخدام الوسائل العسكرية – الأمنية لجهة التدخل في بلدان آسيا الوسطى هي معطيات قد تغيرت في الفرصة الثانية التي بدأت الإدارة الأمريكية الحالية في اعتمادها على أساس التدخل في بلدان آسيا الوسطى بالاستناد إلى الوسائل الاقتصادية – السياسية.
يقول الخبراء بأن توجهات الإدارة الأمريكية الديمقراطية إزاء دول آسيا الوسطى يمكن أن تترتب عليها السيناريوهات الآتية:
• سيناريو النجاح: ويتوقف على مدى مصداقية الإدارة الأمريكية الجديدة في الانسحاب من العراق وأفغانستان إضافة إلى الالتزام بتقديم الدعم الاقتصادي المطلوب لبلدان آسيا الوسطى.
• سيناريو الفشل: ويتوقف على مدى ازدياد تورط الإدارة الأمريكية في احتلال أفغانستان والعراق إضافة إلى عدم تقديم الدعم لبلدان آسيا الوسطى وتصعيد الخلافات مع موسكو.
إضافة لذلك، يشير الخبراء إلى أن سيناريو الفشل سيكون هو الأكثر احتمالاً لأن بلدان آسيا الوسطى محاطة بالعديد من اللاعبين الدوليين الكبار الذين لن يتوانوا عن السعي لحرمان واشنطن من السيطرة على بلدان آسيا الوسطى ويتوقع هؤلاء الخبراء أن مثلث بكين – طهران – موسكو يستطيع القيام باحتواء بلدان آسيا الوسطى بكل سهولة وعلى وجه الخصوص إذا تدهورت العلاقات الأمريكية – التركية لأن ضياع تركيا سيجعل من السياسة الخارجية الأمريكية بلا أي منفذ حقيقي إزاء بلدان آسيا الوسطى، إضافة إلى أن تركيا أصبحت أكثر إدراكاً لأهمية الاحتفاظ بروابطها الثنائية مع بلدان آسيا الوسطى بعيداً عن علاقات خط واشنطن – أنقرة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد