ما هي المشاكل التي ستواجه الإدارة الأمريكية خلال المئة يوم القادمة
الجمل: تناقلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية المزيد من التقارير التي حاولت رصد ما أنجزته إدارة أوباما في الأيام المئة الأوائل لصعودها، وفي زحمة الاهتمام بذلك هل من الممكن الاهتمام بما يمكن أن يحدث خلال المئة يوم القادمة؟
* التوقعات على صعيد السياسة الداخلية الأمريكية:
من الواضح أن إدارة أوباما ستستمر في برامج إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت ضغوطاتها تأخذ طابعاً زاحفاً متزايداً يوماً بعد يوم وتقول الأرقام بأن الإنقاذ من الأزمة يتطلب الآتي:
• توفير دعم مالي في حدود 7 إلى 8 ترليون دولار (7 إلى 8 آلاف مليار دولار) وهو أمر غير متاح للاقتصاد الأمريكي الذي يبلغ حجمه الكلي 12 ترليون دولار.
• القيام بالمزيد من عمليات الإصلاح الاقتصادي في النظام المالي والنقدي لجهة استخدام الدولة المزيد من الوسائل التدخلية وهو أمر غير ممكن لأن ذلك معناه أن تتخلى أمريكا عن النظام الرأسمالي وتتحول إلى النظام الاشتراكي أو بالأحرى من نظام السوق الحر إلى نظام التخطيط المركزي.
لن تستطيع إدارة أوباما التغلب على الأزمة وعلى الأغلب أن تزداد الضغوط والخسائر والمعاناة وبالتأكيد ستواجه إدارة أوباما المزيد من الانتقادات التي ستحاول اتهامها بانتهاج سياسات اقتصادية فاشلة.
بالنسبة للإصلاحات والدعم في النظام الاجتماعي وعلى وجه الخصوص سياسات دعم المعاشات التقاعدية والتأمين الصحي والرعاية الاجتماعية فإن إدارة أوباما لن تستطيع تحقيق وعدها للشعب الأمريكي وبكل بساطة سوف لن يكون متاحاً لها التمويل الكافي الذي سيتيح لها تغطية هذه الالتزامات طالما أن ضغوط الأزمة المالية ستظل تستنزف باستمرار المزيد من موارد الميزانية الأمريكية.
أما بالنسبة لسياسة الأمن والدفاع فمن المعروف دائماً أن الجمهوريين يميلون إلى زيادة حجم الإنفاق على الأمن والدفاع بعكس الديمقراطيين الذين يميلون إلى الحد منها ولكن ما هو واضح أن إدارة أوباما وإن كانت سوف تلجأ إلى التوسع في النفقات الدفاعية إلى أنها ستجد الفرصة لاستغلال المبلغ الذي سيتيحه لها ذلك في تغطية برامجها طالما أن محرقة الأزمة المالية ستلتهم كل ما هو متاح أمامها.
* التوقعات على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية:
تقول المعلومات أن الطاقم الذي سيكون مسؤولاً عن اتخاذ قرارات السياسة الخارجية الأمريكية سيتمثل في الآتي:
• الرئيس باراك أوباما.
• وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.
• مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز.
• السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سوزان رايس.
وتشير التحليلات والمعلومات إلى أن مذهبية السياسة الخارجية الأمريكية لإدارة أوباما الديمقراطية ستختلف عن مذهبية الإدارة الجمهورية السابقة، ويمكن إيضاح ذلك على النحو الآتي:
• مذهبية إدارة بوش الجمهورية: تتمثل في مبدأ الاستباق وفقاً لعملية الذرائع التي تتم عن طريق استخدام المعايير المزدوجة بما يحقق الاستباق في استهداف الخصم.
• مذهبية إدارة أوباما الديمقراطية: تتمثل في مبدأ الواقعية غير المترددة في نشر القوة الأمريكية وإسقاطها بشكل متدرج يبدأ بالقوة السياسية ثم الاقتصادية وأخيراً العسكرية مع ضرورة الالتزام بأن تتم عملية إسقاط القوة ضمن الوعي الذاتي بالقناعة ووجود حدود عملية لنطاق الإسقاط.
ستواجه إدارة أوباما الكثير من المشاكل بسبب الخلافات التي ستنشأ بواسطة الأطراف الآتية:
• داخل الحزب الديمقراطي: سيواجه الحزب الديمقراطي ظاهرة فراغ صراع الأجنحة بين المجموعات المكونة له والتي ما زال كل واحد منها متمسكاً بتصوراته لأجندة توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
• داخل الإدارة الأمريكية: ستشهد الإدارة الأمريكية ظاهرة الحرب الباردة بين أركانها بسبب وجود العديد من المسؤولين الذي ما زالوا أكثر تمسكاً بضرورة الاستمرار في التوجهات السابقة ذاتها لإدارة بوش الجمهورية لجهة إنجاز مشروع الهيمنة الأمريكية الذي يوافق عليه معظم الديمقراطيون وإن اختلفت توجهاتهم حول كيفية إنجاز هذا المشروع.
• داخل الكونغرس الأمريكي: برغم فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب فإن الأغلبية التي حصلوا عليها ليست بالقدر الكافي لتقوم بإجازة وتمرير القرارات بما ينسجم مع توجهات الحزب الديمقراطي الأمريكي وبالتالي فإن العقبة التي ستواجه الديمقراطيين داخل الكونغرس ستتمثل في كيفية عقد الصفقات مع العناصر الجمهورية المعتدلة داخل الكونغرس.
أما بالنسبة لإسقاطات أجندة السياسة الخارجية على أقاليم العالم فستواجه إدارة أوباما المشاكل الآتية:
• القارة الأوروبية: الملفات التي تتطلب المعالجة تتمثل في:
- ملف كوسوفو: الاعتراف الدولي باستقلال الإقليم يصطدم بالكثير من العوائق وسوف لن يكون أمام إدارة أوباما سوى بعض الخيارات المحدودة: استمرار الوضع القائم – عقد صفقة مع موسكو – بحيث تعترف أمريكا باستقلال الأقاليم الجورجية الثلاثة مقابل اعتراف روسيا باستقلال كوسوفو.
- ملف روسيا: برغم انتهاء الحرب الباردة فإن توجهات موسكو الأخيرة ترتب عليها الدخول في بعض المواجهات الدبلوماسية مع واشنطن وعلى إدارة أوباما التفاهم وتقديم بعض التنازلات لروسيا ولكن ما هو فائق الخطورة سيتمثل في أن أي تنازلات أمريكية لروسيا سيؤدي بالنتيجة إلى سيطرة روسيا على إمدادات النفط الأوروبية وعلى منطقة القوقاز وبحر قزوين وهذا معناه أن مشروع الهيمنة الأمريكية لم ينته وحسب وإنما سيحل محله مشروع الهيمنة الروسية وهو ما سيقلب الطاولة على رأس إدارة أوباما.
- ملف سويسرا: تدور حالياً مواجهة دبلوماسية منخفضة الشدة بين سويسرا وأمريكا بسبب عدم موافقة سويسرا على تلبية شروط الرقابة والإشراف المصرفي وفقاً لمطالب واشنطن وتقول التسريبات أن سويسرا ما زالت أكثر تشدداً لجهة عدم فرض الضوابط على خصوصية أنشطة المصارف والبنوك السويسرية التي تمثل قوام الاقتصاد السويسري.
- ملف بريطانيا: ترتبط بريطانيا بعلاقات دبلوماسية ذات طبيعة خاصة مع أمريكا ولكن بسبب ضغوط الأزمة المالية فإن الاقتصاد البريطاني أصبح أكثر عرضة للانكشاف وخطر الانهيارات والإفلاسات، وتقول المعلومات والتسريبات أن إدارة أوباما ما زالت أكثر تشدداً لجهة عدم تقديم أي دعم مالي لإنقاذ الاقتصاد البريطاني طالما أن أمريكا نفسها أكثر حاجة إلى هذا الدعم وتقول المعلومات أن مشكلة الاقتصاد البريطاني ستدخل ضمن نفق الأزمة الشاملة خلال الأشهر القادمة وما لم تقم الإدارة الأمريكية بمد يد المساعدة والدعم فإن الفوضى المالية والنقدية ستكون هي الزائر الجديد القادم إلى بريطانيا.
• القارة الآسيوية: تعتبر من أكثر قارات العالم أهمية بالنسبة لأولويات السياسة الخارجية الأمريكية وحالياً تواجه واشنطن الملفات الآتية:
- ملف صعود الصين إلى مصاف الدول العظمى.
- ملف البرنامج النووي الكوري الشمالي.
- ملف الصراع الأفغاني.
- ملف الصراع الباكستاني.
- ملف الصراع من أجل النفوذ في آسيا الوسطى.
- ملف الصراع في الهند وبوتان ونيبال وجزر المالديف وسيرلانكا وبنغلاديش.
- ملف الصراعات في جنوب شرق آسيا الذي يشمل صراعات: أندونيسيا – تايلاند – كمبوديا – الفلبين.
• القارة الإفريقية: وتتضمن سلسلة من الملفات الشائكة التي من أبرزها:
- ملف الصراع الصومالي.
- ملف الصراع الإثيوبي – الأريتيري.
- ملف الصراع في إقليم دارفور وجنوب السودان.
- ملف الصراع النيجيري حول منطقة دلتا النيجر.
- ملف الصراع في تشاد.
- ملف الصراع في ليبيريا.
- ملف الصراع في سيراليون.
- ملف الصراع في ساحل العاج.
- ملف الصراع في الكونغو وزائير.
- ملف الصراع في غينيا.
- ملف الصراع في كينيا.
- ملف الصراع في أوغندا.
- ملف الصراع في زمبابوي.
- ملف الصراع في إفريقيا الوسطى.
إضافة لذلك ستواجه إدارة أوباما ملفاً جديداً يتمثل في الصراع على اقتسام النفوذ مع فرنسا التي تحاول السيطرة على مناطق الموارد الحيوية في إفريقيا، وتقول المعلومات أن إدارة أوباما ستحاول السعي من أجل تعزيز القيادة الإفريقية الأمريكية بما يتيح لها إخراج فرنسا من القارة الإفريقية.
• منطقة الشرق الأوسط: تمثل هذه المنطقة الامتحان الحقيقي لمدى فعالية واحتمالات نجاح السياسة الخارجية الأمريكية ومن أبرز المعطيات التي ستواجهها إدارة أوباما نجد:
- ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي وتحديداً المحادثات السورية – الإسرائيلية والفلسطينية – الإسرائيلية، إضافة إلى الملفات الأخرى المرتبطة بها كالملف اللبناني والملف المصري والملف الإيراني.
- ملفات تركيا التي تتضمن أزمة قبرص وأزمة الجزر اليونانية ومنطقة بحر إيجه وأزمة كردستان العراق، كما تتضمن توجهات تركيا نحو الاستقلالية والبقاء بعيداً عن إملاءات واشنطن.
- ملف العراق.
- ملف البرنامج النووي الإيراني.
- ملف الصحراء الغربية.
- ملف الحركات الأصولية الإسلامية.
- ملف الوضع الإسرائيلي الداخلي، حيث أنه وبسبب صعود تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا أصبح الوضع أكثر خطورة لجهة احتمالات مساعي تل أبيب بتجاوز واشنطن والقيام بأي عمل عسكري إسرائيلي مفاجئ بما يؤدي إلى توريط أمريكا في الصراعات الشرق أوسطية بشكل سوف يترتب عليه إلحاق الخسائر الفادحة بقوة أمريكا السياسية والاقتصادية وربما العسكرية كذلك.
وبرغم تعقيدات وتداخل هذه الملفات إضافة إلى حالة الإنهاك التي تعرض لها قوام القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية الأمريكية فإن بعض التسريبات الصادرة من العاصمة الأمريكية واشنطن تقول أن إدارة أوباما ستسعى خلال المائة يوم القادمة إلى إنجاز ما يلي:
• تعزيز التحالف الأمريكي – الهندي.
• دعم الحكومة الباكستانية الحالية كفرصة أخيرة لاستعادة السيطرة على الأوضاع وفي حالة الفشل فإن تقسيم باكستان يصبح هو الحل الأمثل الذي يتوجب على الإدارة الأمريكية اللجوء إليه وفي حالة فشل مخطط التقسيم فإن على واشنطن أن تتحرك بشرعة لتأمين ترسانة الأسلحة النووية الباكستانية للحيلولة دون وقوعها في أيدي حركة طالبان وتنظيم القاعدة.
• إقناع الأوروبيين بضرورة تشديد الضغوط على إيران إضافة إلى محاولة التفاهم لعقد صفقة أمريكية – روسية حول الملف الإيراني.
• المفاضلة حول مدى جدوى الدور المصري وجدوى الدور السعودي لحسم من سيكون الحليف الرئيس لأمريكا في المنطقة بما يتيح لواشنطن تحديد من يتوجب التفاهم معه: القاهرة أم الرياض.
هذا، وتقول المعلومات أن الرياض بعد جولة جورج ميتشل ودنيس روس أصبحت هي الأقرب للقيام بدور الحليف الرئيس ولكن المشكلة تتمثل في كيفية إقناع القاهرة أنها لم تعد صالحة للقيام بدور الحليف الرئيس لأمريكا في المنطقة وبأنه بات على نظام مبارك التعامل مع واشنطن عن طريق الرياض!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد