واشنطن تعمل على استراتيجية«الخيارالسني»بدلاً من«الخيارالشيعي»
الجمل: تقول التحليلات المتعلقة بالوضع الاستراتيجي الكلي للصراع العراقي بأن الإدارة الأمريكية قد لجأت إلى تطبيق تكتيك "الخيار الشيعي" في مواجهة السنة العراقيين الذين برزوا أكثر تحدياً ومقاومة للاحتلال، والآن يتساءل بعض المحللون حول احتمالات أن الإدارة الأمريكية في طريقها إلى اللجوء إلى "الخيار السني" من أجل التغلب على رفض الأطراف الشيعية لتوقيع الاتفاقيات الأمنية العسكرية التي تلهث ورائها الإدارة الأمريكية.
* إدارة بوش في مواجهة أزمة "الخيار الشيعي":
حصلت سلطات الاحتلال الأمريكي على الكثير من دعم التحالف الشيعي العراقي الموجود في بغداد والذي قدم لسلطات الاحتلال الدعم والمساندة وبالمقابل أطلقت سلطات الاحتلال يد مليشيا جيش المهدي وفيلق بدر طوال الأعوام الماضية لجهة القيام بتنفيذ واحدة من أكبر عمليات التطهير في العراق، وتقول التسريبات والمعلومات المتداولة بأن التحالف الشيعي قد اتخذ حالياً موقفاً رافضاً لتوقيع أي اتفاقية عسكرية – أمنية وفقاً للشروط المحددة سلفاً بواسطة البيت الأبيض، وذلك برغم جهود الرئيس جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري من أجل إقناع الأطراف العراقية بقبول توقيع الاتفاقية التي تكفل للقوات الأمريكية حق البقاء المطلق وإطلاق يدها في الساحة العراقية ومنطقة الشرق الأوسط واستخدام العراق كقاعدة انطلاق عسكري – أمني – حربي أمريكي.
تقول بعض التسريبات بأن التحالف الشيعي قد حسم أمره إلى جانب إيران غير عابئ برغبات الإدارة الأمريكية ومناشدات بوش الملحة لتوقيع الاتفاقية.
* إدارة بوش واحتمالات اللجوء إلى "الخيار الشيعي":
كان واضحاً أن إدارة بوش عندما لجأت للخيار الشيعي كانت تهدف إلى الآتي:
• بناء طابور خامس داخل العراق يعمل ضد إيران وضد حزب الله اللبناني.
• الإمساك بـ"الهلال الشيعي" المفترض من وسطه بما يؤدي إلى تكوين حاجز يفصل إيران عن جنوب لبنان.
• استخدام الشيعة العراقيين في الصراع ضد إيران.
• استخدام الشيعة العراقيين في الصراع ضد السنة العراقيين بما يؤدي إلى إشعال فتنة سنة – شيعية في المنطقة.
• استخدام الشيعة العراقيين في القيام بدور الفزاعة التي تقوم بردع المناطق العربية السنية المجاورة للعراق وبالذات السعودية والخليج العربي.
وبرغم الجهود الأمريكية فقد أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد اتضح للأمريكيين أن الشيعة العراقيين أصبحوا أكثر إدراكاً للخطر الأمريكي على النحو الذي دفعهم إلى:
• توثيق علاقاتهم مع إيران.
• رفض استمرار وجود الاحتلال الأمريكي.
• محاولة الانفتاح على المصالحة والتعامل مع السنة في العراق.
• مقاومة محاولات مثلث "البرزاني - الطالباني - زيباري" الهادفة إلى إبقاء الاحتلال الأمريكي.
• دخول بعض الأطراف الشيعية في المواجهات العسكرية المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي وحلفاءه دون إيلاء أي اعتبارات إلى حالة كونهم من الشيعة.
* مجالس الصحوة العراقية هل تكون بداية "الخيار السني":
برغم البدايات المخيبة للآمال لانطلاقة ما عرف بمجالس الصحوة العراقية، فإن سلطات الاحتلال الأمريكي ما تزال تحاول جاهدة أن "تخلق من الحبة قبة" و"من القبة جبلاً" يتيح لها في نهاية الأمر الاستناد عليه لجهة الحفاظ والبقاء على استمرار الاحتلال الأمريكي للعراق. تضمنت المحاولات الأمريكية لبث الحيوية في مجالس الصحوة وتحويلها إلى تحالف سياسي كبير وتوريط الدول العربية السنية وبالذات بلدان الخليج والأردن والسعودية ومصر، لكي تقوم بدعم هذه المجالس بما يؤدي إلى تعزيز قوتها وتحويلها إلى كيانات مؤسسية سياسية تندمج ضمن تيار موحد يقدم المساندة والدعم للاحتلال الأمريكي.
* ماذا وراء الإصلاح السياسي الأمريكي في العراق؟
تتحدث بعض الأطراف الأمريكية عن ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات السياسية في البنية المؤسسية الرسمية العراقية، وتقول التسريبات بأن هذه الإصلاحات تهدف في حقيقة الأمر إلى الدفع باتجاه إعطاء مجالس الصحوة دوراً ونفوذاً بما يؤدي إلى اقتسام زعماء القبائل النفوذ على السلطة والثروة.
وتشير الأبعاد غير المعلنة لعملية الإصلاح السياسي المقترح إلى أن الأمريكيين يرون في ذلك وسيلة لتمرير قانون توزيع عائدات النفط العراقي إضافةً إلى تمرير الاتفاقيات العسكرية – الأمنية.
هذا، وإضافةً لذلك، فإن منظور الإصلاح السياسي الأمريكي، لم يكتف فقط بمجرد دعم مجالس الصحوة السنية فهناك اتجاه أمريكي يهدف إلى استبدال القيادات الشيعية الحالية:
• بالنسبة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق تقول المعلومات الواردة في بعض المواقع الإلكترونية المهتمة بالشؤون الأمنية والدفاعية الأمريكية، بأن عبد العزيز الحكيم يعاني من سرطان الرئة وبأن حياته أصبح ميؤساً منها، وقد أصبحت القيادة في يد ابنه عمار، ولكن القيادة الفعلية هي في يد "عادل عبد المهدي" وبالتالي فإن سلطات الاحتلال الأمريكي تراهن على عبد المهدي دون غيره.
• بالنسبة للتيار الصدري فإن المطلوب أمريكياً هو ممارسة المزيد من الضغوط الهادفة إلى تفتيت جيش المهدي إلى كيانات صغيرة بحيث يتم ترويض بعضها والقضاء على بعضها الآخر، ويراهن الأمريكيون على احتمالات صعود بعض القيادات الميدانية الصدرية الحالية وتعاونها مع الأمريكيين.
• بالنسبة للمرجعية الشيعية العليا يقول الأمريكيون بأن السيستاني قد أصبح يعاني من بعض المشاكل في القلب، وباتت حياته أقرب إلى النهاية، والمرشح لخلافته هو آيات الله محمد إسحق الفياضي، الأفغاني المولد والمقيم حالياً بالنجف، وهناك أيضاً مرشحان آخران يقيمان في النجف لكنهما أقل خطراً من الفياضي هما آيات الله بشير حسين النجفي وآية الله محمد سيد حاكم. وتقول التسريبات بأن على السيستاني أن يقو م حالياً بالإعلان عن تسمية من سيتولى خلافته وبرغم أن القرار النهائي ليس في يد السيستاني، إلا أن وصيته ستلعب دوراً رئيسياً في صعود من يسميه لمرتبة المرجع الأعلى.
وتتوقع التسريبات الأمريكية أن تنشأ خلافات شيعية – شيعية داخل العراق في حالة اختيار آية الله الفياضي، وذلك بسبب اعتراضات التيار الصدري والذي إن قبلوا بأن يكون له دور في المسائل الدينية البحتة فإن دوره في الشؤون السياسية العراقية سيكون مرفوضاً بسبب أصله الأفغاني.
وتقول التسريبات الأمريكية أيضاً، بأن رحيل السيستاني سيترتب عليه نشوء فراغ سياسي كبير في جنوب العراق لأن السيستاني برغم ابتعاده وتفاديه القيام بالأدوار السياسية المباشرة، فإنه كان يلعب دوراً كبيراً في السياسة العراقية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشير المعلومات والتسريبات الأمريكية بأن آية الله السيستاني قد ظل يعقد الاجتماعات مع الساسة العراقيين الحاليين بمختلف اتجاهاتهم، وكان آخر اجتماعاته مع نوري المالكي يوم 22 أيار 2008م الماضي، والتقى أيضاً مع بعثة الأمم المتحدة الموجودة في العراق إضافةً لذلك تقول التسريبات الأمريكية بأن السيستاني هو الذي نصح الصدر بعدم تصعيد المواجهة مع قوات الأمن العراقية والقوات الأمريكية، وتقول المعلومات الأمريكية بأن رحيل السيستاني سيؤدي إلى فقدان سلطات الاحتلال الأمريكي أحد الوسائل التي تساعد في ضبط طموحات مقتدى الصدر والتيار الصدري، ويعلق الخبير الأمريكي الاستراتيجي الأمريكي كورديسمان قائلاً بأن السيستاني ظل يمثل أحد أهم الأدوات لضبط العراق برغم علاقاته الوثيقة مع طهران.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد