الأديان والروحانيات حول العالم
هنالك مئات الأديان والروحانيات المختلفة حول العالم اليوم، منها ما تعود جذوره إلى عشرات آلاف السنين، ومنه ما تم إنشاؤه منذ بضعة أعوام فقط. وينتمي نحو 82 في المئة من سكّان العالم إلى روحانية أو دين محدّد، فيما 18 % تقريباً هم لادينيين، لاأدريين أو ملحدين.الأديان الأشهر في العالم هي ما يُعرف في الدراسات الأكاديمية بـ”الخمسة الكبار” التي ينتمي إليها نحو 70 % من سكان الكوكب، وهي الديانات الهندوسية (1 مليار تابع)، المسيحية (2.1 مليار)، الإسلام (1.6 مليار)، اليهودية (14 مليون) والبوذية (376 مليون تابع).تختلف التصنيفات المختلفة للأديان بحسب المقاربة التي يعتمدها الباحث؛ منهم من يوزّعها بحسب الجغرافيا ومنهم من يصنّفها وفقاً لثنائية التوحيد\تعدّد الآلهة. في اسكندرية 415، اعتمدنا 12 تصنيف عام للأديان نعرضها في ما يلي:
1) الأديان الإبراهيمية الثلاثة: وهي بحسب تسلسلها الزمني: اليهودية، المسيحية والإسلام. تُسمّى في بعض الأحيان بـ”الأديان السماوية” فيما تُدعى أكاديمياً بـ”الإبراهيمية” نسبة للأب الروحي الذي تعتبر أنها تنحدر منه وهو إبراهيم الخليل، شخصية دينية توحيدية عاشت (وفقاً للتقاليد اليهودية) بين عامي 1800 و1600 قبل الميلاد. الأديان الإبراهيمية هي أديان توحيدية تؤمن بإله سرمدي واحد خالق للكون كلي القدرة والعلم. وتشترك مع بعضها البعض في إيمانها بأنبياء ورسل محدّدين، بامتلاك كل منها كتب مقدّسة تُعتبر بمثابة رسالة من الله أو كلامه المباشر، بعقيدة الثواب والعقاب، خلق الكون، يوم القيامة والجنّة والنار، وبمؤسسات دينية مركزية هرمية محصورة بالرجال.
2) الأديان الدارمية: الأديان الدارمية هي الأديان التي نشأت في شبه القارة الهندية وتشمل الهندوسية (مليار تابع)، البوذية، الجانيّة (4.2 مليون تابع)، السيخيّة (23 مليون) وعدد من الأديان الأخرى. وتُعرف الأديان بهذا الإسم وفقاً للأهمية التي يعطونها للدارما Dharma ، التي يختلف معناها بحسب دين وآخر لكنها تعني بشكل عام “الجوهر” (لدى الهندوسية الجوهر هو الواجب، لدى الجانيّة هو الحق، ولدى البوذية هي تعاليم مؤسسها). وتشترك هذه الأديان في عدد من الخصائص مثل إيمانها بالكارما (قانون السبب والنتيجة المعروف أيضاً بقانون العواقب)، التقمّص والانعتاق الروحي من الجسد كهدف للحياة البشرية، وحدة الوجود، كما تعطي أهمية كبيرة للممارسات الروحية الداخلية مثل التأمل واليوغا. فيما عدا ذلك، تختلف هذه الأديان عن بعضها البعض بشكل شاسع، ففي الهندوسية تحتل الآلهة أو الإله موقع مركزي كمحرّك للوجود فيما العكس في البوذية والجانية. وفيما لا تمتلك الهندوسية مثلاً مؤسساً واحداً وترتكز على العديد من الكتب المقدّسة التي تعتبرها وحياً مقدساً مثل الفيدا Vedas والأوبانيشاد Upanishads والبورانا Puranas ، لا تمتلك البوذية كتب مقدّسة لكنها تمتلك شخصية مركزية هي مؤسسها سيدارتا غوتاما بودا. أما الجانية فقد تم تأسيسها على يد 24 معلّم بين القرنين التاسع والسادس قبل الميلاد. البوذية والجانية كانت لدرجة كبيرة ردّ على الجمود الديني للهندوسية الفيديّة (المرتكزة على الفيدا) وتشدّدان على أن معرفة الحقيقة الروحية يمكن أن يتم بطريقة تجريبية مباشرة من دون كتب مقدّسة أو مؤسسات وسيطة.
3) الأديان الشرق آسيوية: هي بشكل أساسي التاوية، الكونفوشيوسية والشنتو، بالإضافة إلى عدد من الأديان الأخرى التي لها جذور في آسيا الشرقية وخاصة الصين واليابان (مجموع الأتباع نحو 450 مليون). يشكّل مفهوم “التاو” أحد المحاور المركزية لهذه الأديان، والتاو يعني حرفياً “الطريقة” وهو من أصعب المفاهيم الفلسفية عند الشرح. المعاني الأقرب تعبيراً عنه هي: “حقيقة الوجود”، “الجوهر المتدفّق في قلب الكون”، “القوّة التي تخلق وتحرّك وتنظّم الكون”. تركّز هذه الأديان على التناغم مع قوانين الطبيعة والوجود وخاصة مع الطاقة الخلّاقة المتدفّقة في الكون المعروفة بـ “كي” (باليابانية) أو “تشي” (بالصينية)، كما تشدّد على انتهاج سلوك أخلاقي نبيل وصارم أو ما يُعرف أحياناً بالـ دي De (الفضيلة) التي هي “التعبير الحيّ عن التاو”. تندرج معتقدات الأديان الشرق آسيوية في المجال الواسع بين تعدّد الآلهة ووحدة الوجود مروراً بال لاربوبية والإرواحية. على أرض الواقع، هنالك الكثير من التداخل بين التاوية، الكونفوشيوسية، الشنتو وبوذية الماهايانا خاصة انها متكاملة، متسامحة وغير متعارضة مع بعضها البعض؛ النسبة الأكبر من سكان آسيا الشرقية يعتنقون اكثر من دين من هذه الأديان في الوقت نفسه.
4) الأديان الأصلية التقليدية: يُطلق اسم الأديان الأصليّة التقليدية (Indigenous traditional religions) على أديان الشعوب الأصلية التي تم تناقلها شفهياً منذ ما قبل التاريخ والتي ما زالت تُمارس حتى اليوم في أفريقيا وأميركا اللاتينية وبعض مناطق آسيا وأستراليا. وتندرج معتقدات هذه الأديان ضمن إطار الإرواحية ووحدة الوجود وتعدّد الآلهة في الوقت نفسه. ولا تمتلك مؤسسات دينية رسمية أو أنبياء أو كتب مقدّسة. يترأس طقوسها في العادة “شامان” يتم تدريبه(ا) مدى الحياة لكي يضطلع بمسؤولياته الدينية في القبيلة\القرية. يشكّل الإيمان بالتواصل مع الأسلاف والأرواح بشكل عام، واعتماد أساليب الشفاء الروحي والسحر سمات مشتركة بين هذه الأديان. وهنالك اليوم نحو 300 مليون شخص حول العالم ينتمون للأديان الأصلية لشعوبهم.
5) الأديان الأفريقية في الدياسبورا: الأديان الأفريقية في المهجر هي الأديان المستمدّة من الأديان الأفريقية التقليدية التي تطوّرت في الأميركيتين في أوساط العبيد الذين تم استقدامهم من أفريقيا ويمارسها اليوم نحو 100 مليون شخص من مختلف أنحاء العالم. وتشمل هذه الأديان عدّة تقاليد مثل الفودون (الجزر الكاريبية) والسانتيريا (كوبا وجنوب الولايات المتحدة) وكاندومبليه (البرازيل). تشمل معتقداتهم عادة نوعاً من تبجيل الأسلاف والأرواح المقدّسة مثل اللوس في الفودون والأرويشا في السانتيريا. إحدى السمات المشتركة بين هذه الأديان هي في المزج الديني الذي تقوم به حيث يوجد في تقاليدها ممارسات كاثوليكية، أفريقية وإسلامية.
6) الأديان الطبيعية القديمة (الوثنية): كل الأديان القديمة كانت أديان وثنية لكننا نستعمل هذا التعبير هنا للدلالة على الأديان التي كانت سائدة تحديداً في المنطقة الممتدة من الهيمالايا في الشرق حتى أوروبا الشمالية والجزر البريطانية في الغرب مروراً بحوض المتوسط. وسادت هذه الأديان منذ ما قبل التاريخ حتى مجيء أديان “الكتاب” التي قضت عليها بالقوّة مثل اليهودية والمسيحية في شرق المتوسط، والإسلام في الجزيرة العربية. تندرج معتقدات الأديان الوثنية القديمة ضمن وحدة الوجود، الإحيائية وتعدّد الآلهة وترتبط بها معظم إنجازات العالم القديم الفلسفية والروحية والعلميّة والهندسية. وتُسمّى هذه الأديان في بعض الأوساط الأكاديمية بـ”الأديان الطبيعية” أو العضوية، كونها التطور الطبيعي للبحث الروحي للإنسان القديم ولأنها لم تمتلك كتباً مقدسة أو أنبياء أو مؤسسات مركزية موحّدة (باستثناء العهد الروماني). لا تشكّل المفاهيم الثنائية مثل الخير والشرّ والجنّة والنار والله والشيطان جزءاً من معتقدات هذه الأديان، وتعتمد على رؤية متعدّدة للمقدّس تختلف بحسب التقليد أو حتى الشخص. من الأمثلة على الأديان الطبيعية القديمة هو الدين البابلي القديم، الدين الكنعاني، المصري، اليوناني، الجرماني، العربي، الهيلليني وأخيراً الدين الروماني. هذه الأديان تم القضاء عليها في الفترة الممتدة بين القرنين الثاني والخامس عشر ميلادي لكن هنالك اليوم محاولات عديدة في حوض المتوسط وأميركا الشمالية لإعادة إحيائها.
7) الأديان الباطنية القديمة: الأديان الباطنية القديمة كانت تُعتبر بمثابة التعاليم الجوهرية والسرّية للأديان الوثنية القديمة؛ لا يدخلها إلا عدد محدود ومختار من الأشخاص، يتم بعد ذلك تدريبهم وتعليمهم أسرار الفلسفة الباطنية. تُعرف هذه الأديان أكاديمياً بـ Mystery Cults وكانت منتشرة في العالم القديم وبشكل خاص في العهد الهيلليني. المدارس الروحية-الفلسفية-العلمية القديمة تندرج أيضاً ضمن هذا الإطار وتُعتبر المدارس البيتاغورية، الهرمسيّة والنيو-أفلاطونية من أهم المدارس الباطنية في العالم القديم. العالمة والفيلسوفة هيباتيا الاسكندرانية التي اغتالتها الكنيسة عام 415 كانت آخر معلّمة لآخر مدرسة نيو-أفلاطونية في الشرق. تم إحياء الأديان الباطنية القديمة بأشكال أخرى ابتداءً من القرون الوسطى بعد العثور على كتابات لهرمس والفلاسفة النيو-أفلاطونيين. هنالك اليوم العديد من المدارس حول العالم التي تمتلك جذوراً في الفلسفة الباطنية ومنها الغنوصية في المسيحية، الصوفية في الإسلام، الكابالا في اليهودية، بالإضافة إلى الثيوصوفية والصليب الوردي والماسونية وغيرها.
8) الأديان الوثنية الحديثة: الأديان الوثنية الحديثة هي الأديان المستمدّة من الأديان الوثنية القديمة أو تلك التي تسعى لإعادة إحيائها، والتي بدأت بالظهور تدريجياً ابتداءً من القرن التاسع عشر. وهنالك أربع فئات رئيسية تندرج ضمن إطار الوثنية الحديثة وهي: الويكا (دين وثني تم إشهاره على يد جيرالد غاردنر في بريطانيا في خمسينات القرن الماضي)، وحركات إعادة الإحياء Reconstructionism التي تسعى لإعادة إحياء الأديان القديمة مثل الديانة الكيميتية (إعادة إحياء الدين المصري القديم)، الهيللنيسموس (إعادة إحياء الدين اليوناني)، ريليجيو رومانا (إعادة إحياء الدين الروماني)، الهيثينية (إعادة إحياء الأديان الجرمانية) ونطيب قادش (إعادة إحياء الدين الكنعاني). الفئة الثالثة هي الحركات الوثنية التي تستوحي من الأديان الوثنية القديمة لكنها تختلف عنها في بعض الأمور وتندرج الدرويدية ضمن هذا الإطار. أما الفئة الرابعة فهي تشمل العدد الأكبر من الوثنيين الحديثين وهي الفئة “الإنفرادية” التي تختار العناصر التي تريد اعتناقها وتمزج بين تقليد أو أكثر من الأديان الوثنية القديمة وبالتالي لا تنتمي إلى تقليد واحد محدد باستثناء الدين الوثني العام. ويُقدر عدد أتباع الوثنية الحديثة حول العالم بمليون وينتشرون بشكل خاص في الولايات المتحدة، شمال أوروبا وحوض المتوسط.
9) النيو آيج (العصر الجديد): هي حركة روحانية غير منظمة بدأت بالظهور ابتداءً من ستينات القرن العشرين في الولايات المتحدة. وتجمع هذه الروحانية عناصر من مختلف الأديان وتستعير الكثير من المفاهيم من الأديان الشرقية مثل الهندوسية والبوذية، وكذلك من علم النفس، الطب البديل والباراسيكولوجيا. هنالك العديد من طروحات “العصر الجديد” التي تستوحي أيضاً من حركات إحياء المدارس الباطنية القديمة في القرن التاسع عشر، وخاصة الثيوصوفية، الأنتروبوصوفية ومدرسة جورج غوردجييف، بالإضافة إلى العديد من المعلّمين الهنود الذين زاروا الغرب خلال تلك الفترة. يتم توجيه العديد من الانتقادات لروحانية العصر الجديد كونها استعارت الكثير من الأديان والعلوم الأخرى ووضعتها في سياق خاص بها. وتعبير “العصر الجديد” يعني العصر النجمي القادم (الذي يبدأ بين عامي 2011 و2014) وهو عصر الدلو. تجمع هذه الروحانية اليوم نحو 5 ملايين شخص حول العالم.
10) الأديان التوحيدية الأخرى: هنالك عدد من الأديان التوحيدية الأخرى غير الأديان الإبراهيمية الثلاث، منها قديم مثل السامريين (طائفة منشقة عن اليهودية)، والصابئة اللذين كانوا منتشرين بشكل خاص في العراق، ومنها ما هو جديد مثل “التوحيدية العالمية” Unitarian Universalist(نحو 800 ألف مؤمن) والبهائية التي تم إنشاؤها في القرن التاسع عشر في إيران على يد الميرزا حسين علي نوري المعروف ببهاء الله والتي تجمع اليوم نحو 6 ملايين مؤمن في أنحاء العالم.
11) الأديان الثنائية: هنالك عدد من الأديان الثنائية التي تقوم على ثنائية الخير والشرّ والتي تقترب كثيراً من التوحيد وتُصنّف أحياناً على أنها توحيدية. من هذه الأديان ما هو اليوم لم يعد موجود اليوم مثل المانوية التي أسسها ماني في إيران في القرن الثالث ميلادي والتي تقوم على الصراع بين الظلمة (الشر والعالم المادي) والنور (الخير والعالم الروحي)، ومنها ما يستمرّ حتى اليوم مثل الزرادشتية التي أسسها زرادشت في إيران في القرن السادس قبل الميلاد والتي تنظر إلى العالم أيضاً على أنه صراع بين أهورا مازدا (الخالق وإله الخير) وأهريمان (الشرّ). هنالك اليوم نحو مليونين ونصف زرادشتي حول العالم تتحدر غالبيتهم الساحقة من أصول إيرانية.
12) الحركات الدينية الجديدة: هي تلك التي نشأت ابتداءً من النصف الثاني من القرن الماضي وتضمّ أديان من أقصى الغرابة إلى أقصى العقلانية. للحركات الدينية الجديدة عادة سمعة سيئة خاصة أن بعض الأديان الجديدة كانت طوائف مغلقة قادت أتباعها إلى نهايات دراماتيكية (مثل الانتحار الجماعي لـ 900 شخص من أتباع “معبد الشعب” عام 1978)، وبعضها تجاري يمارس الابتزاز المالي والملاحقات القانونية بوجه خصومه (مثل “الساينتولوجي” التي تمتلك اليوم أملاك بمليارات الدولارات)، بعضها لديه طروحات غير اعتيادية (مثل الرائيليين الذين يعتبرون أنه تم خلقنا على يد مخلوقات فضائية اختارت شخص فرنسي عام 1975 ليكون رسولها للبشرية)، وبعضها منبثق من الأديان الأساسية الخمسة رغم إنكاره لذلك مثل حركتي “هاري كريشنا” و”التأمل التجاوزي” المنبثقتان من الهندوسية.
المصدر: http://www.mazajvb.com/showthread.php?t=771
إضافة تعليق جديد