مصر: حرب العقائد على الأنترنت
اشتكى قرابة 17 موقعا إلكترونيا مسيحيا مصريا، إضافة إلى موقع مجلس كنائس الشرق الأوسط، من وقوع هجوم لقراصنة إنترنت "هاكرز"، أطلقوا على أنفسهم اسم "المدافعين عن الإسلام Islamic defenders crew"، ومسح ما عليها، ووضع عبارة باسمهم تقول إنهم "قادرون على اختراق المواقع دائما"، وأكدوا أنهم تقدموا ببلاغ رسمي لإدارة مباحث الإنترنت لتتولى التحقيق في الموضوع وضبط الجناة.
وكان الموقع الإلكتروني لمجلس كنائس الشرق الأوسط، من أبرز هذه المواقع التي تعرضت لهجوم "الهاكرز"، وهو ما دعا جرجس إبراهيم صالح الأمين العام للمجلس لإصدار بيان يؤكد فيه أن "أصوليين" اخترقوا الموقع الإلكتروني للمجلس، وألغوا كل محتويات الموقع واستبدلوها بعبارات "لا تمت بصلة إلى تاريخ العلاقات المسيحية، الإسلامية المشرقية، بل تسيء إليها حتما".
بيد أن مصادر صحفية مصرية، قالت إن "الهاكرز" بدلوا المواد الدينية والإخبارية الموجودة على هذه المواقع، ووضعوا بدلا منها "آيات قرآنية أرادوا بها التحريض على قتل المسيحيين واتهامهم بالكفر ووقعوا في نهاية كل موقع باسم "جماعة المدافعين عن الإسلام" ووضعوا البريد الإلكتروني الخاص بهم، حسبما قالت صحيفة (الدستور) الأسبوعية المستقلة، اليوم الأربعاء (17/1).
وتضاربت الأنباء وراء الأسباب الحقيقية لهذا الهجوم الذي طال "سيرفر شبرا الخيمة"، شمال القاهرة، حسبما قال موقع (الموجة القبطية)، والذي يستضيف قرابة 17 موقعا إلكترونيا، بيد أن الناطق باسم الكنيسة الأرثوذكسية، الأنبا مرقص، نفى أن تكون عمليات التخريب التي طالت المواقع، جاءت ردا على موقف الكنيسة من التعديلات الدستورية، حيث سبق لمرقص أن طالب بتعديل المادة الثانية في الدستور المصري التي تنص على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".
وفيما اتهم بيان مجلس كنائس الشرق الأوسط "أصوليين"، بالمسؤولية عما جرى دون أن يحدد هويتهم، ألمح مسؤول كنسي مصري لاحتمال وقوف "الجماعات الدينية"، وراء الحادث بدعوى أن السطو على المواقع الكنسية، جاء في اليوم الثاني لاتهام الرئيس المصري مبارك لجماعة الإخوان، بأنها خطر على أمن مصر، وهو ما نفاه قياديون في الجماعة وخبراء إنترنت.
وأكد مجلس الكنائس في بيانه، أن دائرة الإعلام في المجلس عالجت المسألة تقنياً، في حين تولى الأمين العام للمجلس جرجس إبراهيم صالح القيام باتصالات مع المراجع الروحية المسيحية والإسلامية "للوقوف على مقاربتهم للاختراق غير المقبول، وتلقى في الوقت نفسه سلسلة من الاتصالات المستنكرة"، حسب تعبيره.
وأضاف المجلس إن "صوت الكنائس المشرقية في كل العالم، التي ما انفكت ملتزمة حوار العيش معا في سياق المساواة في المواطنة، وإعلاء المنطق الدفاعي عن القضايا العربية المحقة، ولن يتنازل عن ممارسة دوره في هذا الإطار".
واعتذر المجلس من كل زائري موقعه الإلكتروني، معلناً انه يعمل "بسرعة على إعادة تأهيل الموقع بما يؤمن خدمة رسولية.. تصل كنائس الشرق الأوسط بكنائس العالم من ناحية، وكذلك نموذجية الحوار المسيحي - الإسلامي في المشرق.. بعيدا من افتعال توترات يحترفها على ما يبدو بعض المغرضين"، على حد وصفه.
وعلى الرغم من عدم تحديد مجلس الكنائس هوية المتهمين، والاكتفاء بوصفهم بأنهم "أصوليون"، فقد أتهم الأنبا مرقص المتحدث الرسمي باسم الكنيسة المصرية، في تصريحات نشرتها /الدستور/، "الجماعات الدينية" بالقيام بهذا التصرف، الذي وصفه بأنه "غير مسؤول"، وقد يتسبب في إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، وربط بين تصريح الرئيس مبارك الأخير الذي اتهم فيه الإخوان بأنهم خطر على مصر، وبين ما حدث من اختراق لهذه المواقع قائلا: "أنا لا استبعد أن تكون لهذه الجماعة، يقصد "المدافعين عن الإسلام"، على علاقة بالإخوان المسلمين"، حسب اتهامه.
وأشار مرقص لقيام الكنيسة الأرثوذكسية بتقديم بلاغ رسمي لإدارة مباحث الإنترنت، لتتولى التحقيق في الموضوع حتى تتمكن من ضبط الجاني، حسب تعبيره، وأبدى تخوفه من استطاعة هذه الجماعة في المستقبل القريب اختراق المواقع المهمة، ومنها موقع قداسة البابا شنودة، أو رئاسة الجمهورية، أو مواقع البنوك، "خاصة أنهم يمتلكون تكنولوجيا عالية"، على حد قوله.
بيد أن د. جمال حشمت، القيادي في جماعة الإخوان استغرب هذا الاتهام ، مشيرا إلى أن مواقع الإخوان الإلكترونية هي الأكثر عرضه للاختراق، فيما نقلت صحيفة "الدستور" عن جمال عبد العزيز، خبير الإنترنت والناشط الحقوقي قوله إنه لا يعتقد أن الإخوان لديهم القدرة الفنية على عمل ذلك.
وقد أبدى اللواء مصطفي راضي، مساعد وزير الداخلية ومدير إدارة مباحث الإنترنت استياءه من هذه التصرفات، وأكد أن الإدارة ستبدأ في إجراء التحقيقات بمجرد انتهاء الكنيسة من عمل حصر لجميع المواقع التي تم اختراقها وتقديم قائمة بأسمائها.
وتلفت حملة "الهاكرز" على المواقع الكنسية الأنظار، وتطرح أسئلة عديدة، كما يرى محللون، بسبب تركيزها على مواقع محلية، تابعة لكنائس مصرية صغيرة، تابعة للكنيسة الأرثوذكسية الأم، وتعالج بشكل أساسي قضايا دينية مسيحية، وعدم اختراقها المواقع التبشيرية، أو الإخبارية المسيحية الخارجية أو مواقع أقباط المهجر، التي تشكو صحف مصرية من هجومها على الدين الإسلامي.
وطالت حملة "الهاكرز" موقع مثل كنيسة العذراء بمسطرد، وموقع كنيسة مار مرقس بشبرا الخيمة، وموقع السلام من أجل السلام وإيبراشية طما، وموقع مطرانية ملوي ومطرانية نقادة وموقع إبيراشية أسوان وموقع دار فتاة السيدة العذراء وموقع قناة "COPTS Sat"، وموقع مجلس كنائس الشرق الأوسط، ومطرانية مغاغة، وموقع كنيسة مار جرجس بألماظة، وموقع دير الشهداء بسوهاج، وموقع بيت الشمامسة بالجيزة، وموقع دير الشهيد تادريس المشرقي، وموقع كنيسة العذراء بالخلفاوي وموقع جريدة الطريق، بالإضافة إلى موقع الإعلامي القبطي "عاطف كامل".
وقد أكدت عدة مواقع قبطية مصرية وخارج مصر، أن الهجوم الذي قام به مجموعة من المخترقين، والذي استطاعوا فيه التسلل إلى "سيرفر شبر الخيمة" الذي يقوم باستضافة كثير من المواقع الكنسية ومواقع الكنائس والمطرانيات، أدى إلى التحكم بهذه المواقع وحذف محتوياتها وإحلاله بمحتوى غير مسيحي، شمل تقريبا معظم المواقع المستضافة على السيرفر، ومعظمها لا يفتح أو يفتح بمحتوى غير مسيحي في الفترة الحالية.
إلا أن مسؤولين كنسيين قالوا لاحقا إن مواقع الكنائس التي تعرضت للهجوم تمكنت من إزالة جميع المواد الإسلامية، التي وضعها من وصفهم بـ "الجناة" على مواقعهم، وعاد بعضها للعمل، في حين لا يزال البعض الأخر معطلا ويجري إعادة ضبطه إلكترونيا.
المصدر: القدس برس
إضافة تعليق جديد