"إسرائيل" تعلنُ روسيا عدوّاً لها
ترجمة: عبد الله أحمد - الكاتب: ليوبوف شفيدوفا
نشر موقع الصّحافة الحرّة الروسيّ تحليلاً للعلاقات الروسيّة-الإسرائيليّة، بعنوان: "إسرائيل تُعلن روسيا عدوّاً لها"؛ ذلك في مقاربة للعلاقات الروسيّة-الإسرائيليّة في مراحل متعدّدة، بما في ذلك التغيّرات الجوهريّة التي فرضتها الأزمة السوريّة، إذ يرى التحليل أنَّ التناقض بين السياسات الروسيّة والتوجُّهات الإسرائيلية قد أصبح واضحاً. ويركّزُ التحليلُ، الذي شارك فيه أليكسي ليونكوف الخبير العسكريّ، ورئيس تحرير "أرسنال الوطن"، ومحلّل السياسات في الصّحافة الحرّة ليوبوف شفيدوفا، على أنَّ "إسرائيل" تسعى إلى إطالة الأزمة والتصعيد في سورية مع إيران، وهذا قد يؤدي إلى حربٍ شاملةٍ، إضافةً إلى أنَّ "إسرائيل" تسعى إلى الحفاظ على وجود الولايات المتحدة وتأثيرها في سورية، كون أن مثل هذا الخيار يمكن أن يسهم في تحقيق الأهداف الرئيسة لتل أبيب في المستقبل، هذا من جهة.
ويشدّد شفيدوفا، من جهة أخرى، على وجود التناقض والتعارض بين سياسات روسيا و"إسرائيل"، رغم سعي روسيا إلى تلافي المواجهة المباشرة مع "إسرائيل"، عن طريق فتح قنوات التواصل معها. إلا أنه وبحسب شفيدوفا، تعتقد روسيا أنّ سياسات "إسرائيل" قد تؤدي إلى إشعال الشَّرقِ الأوسطِ، لذلك تعمل روسيا على التهدئة هناك.
كما يشيرُ الكاتبُ إلى المؤتمر الدَّوريِّ لمعهد دراسة الأمن القوميِّ في جامعة تل أبيب، حيث تم إيلاء الكثير من الاهتمام لروسيا "لقد كان ينظر إلى روسيا، على نحو مفزعٍ، لا سيما سكانُ الاتحاد الروسيّ ذوو التفكيرِ الرجعيّ، ليس بصفتها صديقاً أو حليفاً، وإنّما بصفتها تهديداً".
يعتقد الخبيرُ العسكريُّ الروسيُّ ألكسي ليونكوف، أنَّ سلوك "إسرائيل" يُعَدُّ تحدّياً، لكنه متوقّعٌ، لأنَّ السياسة الحالية للاتحاد الروسيّ في الشّرق الأوسط تتناقض مع نهج تل أبيب الراسخ لزعزعة استقرار المنطقة، فالسياسة الروسية تراهن على تهدئة الأوضاع في الشّرق الأوسط، وهذا سيجلب لروسيا "على المدى المتوسط والطويل" فوائد، وفوائد أكبر بكثير من التعاون مع دولة صغيرة تسمّى "إسرائيل".
التفاصيل .... "إسرائيل" تعلن روسيا عدوّاً لها – ليوبوف شفيدوفابينما تلعن تل أبيب الكرملين، فهي تتوسَّل إلى الولايات المتحدة من أجل عدم تسليم الشرق الأوسط للروس..
تقوم "إسرائيل" مرّةً أخرى بحملةِ تشويه ضدّ موسكو في محاولة لفضح "أسوأِ عدوّ"، حدث ذلك هذه المرّة في المؤتمر الأخير لمعهد دراسات الأمن القوميّ في جامعة تل أبيب، رغم أنَّ الكرملين مازال مقتنعاً بقوة بأنَّ "إسرائيل" هي الشريك الرئيس له في الشَّرق الأوسط.يبدو كلُّ شيءٍ للوهلة الأولى، منطقيّاً، إذ إنَّ "إسرائيل" من أكثر الدول تطوّراً في المنطقة من الناحية الاقتصاديّة، كما أنّها مازالت في المقدَّمة عسكريّاً، كما أنَّ الإيرانيين والسعوديين، مازالوا بعيدين جدّاً عن جيرانهم اليهود. إضافة إلى ذلك، يتمتع اللوبي الإسرائيليّ في العالم بقدرة مطلقة، لذا، فإنَّ تكوين صداقات معه عبر تل أبيب سيكون مفيداً للغاية. لكن الأمر حدث بشكل مختلف لدرجة، أنَّ الكرملين فشل في إقامة علاقة تكافلية مع "إسرائيل".
في هذا الصَّدد، تبين أنَّ الولايات المتحدة كانت أكثر نجاحاً. وهنا ليس من الضّروري الخوض في نظريات المؤامرة وغيرها، ببساطة، فإنَّ الرجوع إلى الوثائق الرسمية يشير إلى أنَّ "إسرائيل"، على سبيل المثال، تُعَدُّ حليفة واشنطن الرئيسة خارج حلف الناتو. نعم، الحليف من غير الناطقين بالإنكليزية وغير المرتبطين بالماضي الاستعماريّ أو مع الدول التي تمت هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، مثل: اليابان.
إنَّ الدولة اليهودية نفسها مدينة بالكثير لواشنطن. على سبيل المثال، تستند القوة العسكرية لتل أبيب على مدى سنوات وجود "إسرائيل" فقط على المساعدة الشاملة من العم سام. وقد تمَّ استثمار الكثير من الأموال الأمريكية في ذلك، على الأرجح، حتى القطط السمينة من البنك الاحتياطي الفيدرالي لم تستطع سحب الكثير من الأصفار من هذه المساعدات والاستثمارات.
رهان موسكو
وماذا عن روسيا؟ حسناً، في زمن الاتحاد السوفييتي، كانت تل أبيب تعُدُّ الاتحاد السوفييتي معادياً للسامية، كان لذلك أسبابه، رغم حقيقة أنَّ موسكو في ذلك الوقت كانت تركز أكثر على معاداة الصهيونية، إلا أنَّ هذا الربط، يعود إلى الآباء المؤسِّسين لـ "إسرائيل"، حيث ربطوا هذين التعريفين المترادفين معاً، أي (السامية والصهيونية)، إلا أنه عندما انهار الاتحاد السوفييتي، تغير كلُّ شيء بشكل كبير، وقد يكون تغير قبل ذلك –في أواخر الثمانينيات. بدأ مسؤولو الاتحاد السوفييتي بالنظر إلى "إسرائيل" بصفتها من أبرز الديمقراطيات في العالم، وأحد أركان العالم المتحضّر الحديث.
بدأت المشاكل في وقت لاحق، أو بالأحرى في الآونة الأخيرة بعد تدخُّل الاتحاد الروسيّ في الأزمة السوريّة، حينما أصبحت التناقضات بين موسكو وتل أبيب واضحة. لأنَّ الاتحاد الروسيّ أراد إنقاذ الأسد، الذي حملَ نصفُ العالمِ السلاحَ ضده، بما في ذلك "إسرائيل". علاوة على ذلك، أقام الكرملين علاقات تحالف مع إيران. كانت هذه ضربة قوية لنتنياهو، وللعالم الصهيونيّ بأكمله. وكما يظهر واضحاً، لم يسهم هذا الأمرُ في تعميم المزاجية الرُّهابية على أرض الميعاد... لكن بالمقابل، واصلت الولايات المتحدة دعم "إسرائيل"، إضافة إلى أنها التقطت الموجة الإسرائيلية من تأجيج الهستيريا تجاه طهران. إذ واصل نتنياهو حملته السخيفة ضد إيران، وبدأت الدول تكرر كلمات وخطب رئيس الوزراء الإسرائيلي حول تهديد طهران المفترض.
فجأة أدركت موسكو ذلك، وبدأت في كسب ودّ "إسرائيل". وقد يتكلم المرء على مبادئ السُّلطات الروسيّة وموقفها المتشدّد تجاه جميع الذين يظهرون عداءً ضدّ الاتحاد الروسيّ، لكن الكرملين قد غفر لـ "إسرائيل" إسقاط طائرة IL-20 . علاوة على ذلك، بعد الحادثة، كانت موسكو هي أول من أجرى الاتصال، ويبدو الآن أنها تبذل قصارى جهدها كي لا تفقد تل أبيب.
إلا أنَّ النشاط الإسرائيليّ والمشاريع المعادية لإيران يبدوان جنوناً كاملاً، لأنَّ مثل هذه الأعمال على المدى الطويل لا يمكن إلا أن تثير الحرب الإيرانية-الإسرائيليّة، التي ستشعل النار في الشَّرق الأوسط بأكمله.
لكن كيف تنظر "إسرائيل" إلى جهود الكرملين هذه؟
يمكنُ العثورُ على الإجابات عن هذا السَّؤال في الأفكار التي تمت مناقشتها في المؤتمر الدوريّ لمعهد دراسة الأمن القوميّ في جامعة تل أبيب، والذي تمَّ ذكره في البداية. هذا المؤتمر المؤثر للغاية، وكثيراً ما يحضرُ مسؤولون رفيعو المستوى من "إسرائيل" هذه المؤتمرات لضمان أنَّ تؤخذ نتائج هذه المؤتمرات في الحسبان من قبل قادة "إسرائيل".كما أنّه –بوجهٍ عامٍّ– تمَّ إيلاءُ الكثيرِ من الاهتمام لروسيا في هذا الحدث. لقد كان ينظر إلى روسيا، على نحو مفزع لا سيما سكانُ الاتحاد الروسيّ ذوو التفكير الرجعيّ، ليس بصفتها صديقاً أو حليفاً، وإنما بصفتها تهديداً.وتمَّ الحديثُ عن روسيا على نحوٍ رئيس في سياق الانسحاب المحتمل للقوات الأمريكيّة من سورية. وفقاً للخبراء، بالنسبة لتل أبيب، فإنَّ انسحاب الأمريكيين أمرٌ خطيرٌ في المقام الأول، لأنَّ الشَّرق الأوسط في هذه الحالة سوف يذهب إلى "أيدي" روسيا. وهذا سيء. لأن روسيا سوف تسهم في نموِّ عدم الاستقرار في المنطقة بسبب دعم إيران. و"إسرائيل" مهتمة بانسحاب الفرس من الجمهورية العربية المجاورة. وقد توصل الخبراء إلى الاستنتاج الآتي: يُعَدُّ ضروريّاً الحفاظ على وجود الولايات المتحدة وتأثيرها. إذ فقط مثل هذا الخيار في المستقبل يمكن أن يسهم في تحقيق الأهداف الرئيسة لتل أبيب.
يعتقد الخبيرُ العسكريُّ الروسيُّ ألكسي ليونكوف، أنَّ سلوك "إسرائيل" يُعَدُّ تحدياً، لكنه متوقّعٌ، لأن السياسة الحالية للاتحاد الروسيّ في الشرق الأوسط تتناقض مع نهج تل أبيب الراسخ لزعزعة استقرار المنطقة.-لقد تم هذا التعاون مع "إسرائيل" منذ مدّة طويلة عن طريق إقامة الروابط. وكان من الواضح أن هذا التنسيق سيكونُ لأمدٍ محدّد. لذلك، من المستحيل الحديث عن أي نوع من العلاقات الوديّة، لأنَّ "إسرائيل" لاتزال مركز الولايات المتحدة في الشَّرق الأوسط. وبنداء "إسرائيل"، تأتي الولايات المتحدة دائماً بحاملات طائراتها وسفنها وطائراتها وصواريخها. لذلك، في اللحظة التي دخلنا فيها سورية، تم إحداث بعض قنوات الاتصال، الأمر الذي حَدَّ من تدخل "إسرائيل" في الشؤون غير المرغوبة بالنسبة لنا. أي أنَّ الاتحاد الروسيّ كان ضالعاً في تدمير الإرهابيين، وأن تل أبيب قامت بشيء "خاص بها هناك"، ولم تزعجنا بوجهٍ خاصٍّ، أي أنه تم تأسيس قواعد معينة للتفاعل، وكان هذا الخطُّ من التفاعل مشابهاً لخطٍّ مماثلٍ مع الأمريكيين. اتضح أنه بمثل هذه الاتفاقيات يمكن تأمين نوعٍ من ضبط النَّفس. لكن، كما قلت، كل هذا مؤقت. والحقيقة أنَّ مهمة "إسرائيل" التالية هي جعل الشَّرق يحترق طوال الوقت، لأنه إذا اشتعل الشَّرق، فإن ذلك يؤثر في الكثير، بما في ذلك العمليات الدوليّة. على سبيل المثال، العامل الأكثر وضوحاً للتحكّم هو سعر النفط، إضافة إلى ذلك، فإن الشرق المتحارب هو دائماً سوق ممتازة لجميع أنواع الأسلحة.
ما ينبغي أن يكون خط السلوك الأمثل للسلطات الروسية في هذه الحالة؟-حسناً، أعتقد أنَّها يجبُ أن تظلَّ على حالها، قمنا بتغييرٍ بعد إسقاط طائرة IL-20. إذ اختارت روسيا طريقاً يجلب فوائد أكثر للدولة من التعاون مع "إسرائيل" وحدها. لأنَّ التعاون مع "إسرائيل" سيؤدي إلى حرب مستمرة في الشرق الأوسط؛ ذلك أنَّ "إسرائيل" استفادت وحدها من كلِّ هذه الصراعات التي لا تنتهي، كما شقيقتها الكبرى، أي الولايات المتحدة، التي لم تفعل أيّ خير لنا. فإنَّ الحرب في سورية، على سبيل المثال، كانت تؤثر فينا –وكانت هناك بعض الأصول والمكاسب التي يمكن أن تختفي بسهولة، والآن وقد تغيرت سياسة روسيا، واتجه الرهان إلى تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط. وهذا سيجلب لروسيا على المدى المتوسط والطويل فوائد وفوائد أكبر بكثير من التعاون مع دولة صغيرة تسمّى "إسرائيل".
الجمل بالتعاون مع مركز دمشق للدراسات
إضافة تعليق جديد