البنت .. وتلميذة الحكومة
رمقت الفتاة العشرينية أمها السبعينية ، بنظرة فارغة تخلو من كل شيء إلا من بعض المكر المتوثب والاستخفاف المستتر، وتساءلت في نفسها : (( هل ينتهي نسب أمي إلى الحكومة )) . ثم أشاحت برأسها سريعاً كأنها تحاول طرد الفكرة من رأسها ... ((يا ويلي كنت أعتقد أني أحب شجرة عائلتي )) !! .
ابتسمت الفتاة بخبث على وقع ما تركته الفكرة في نفسها من إحساس سري لذيذ بالعصيان ، وقالت مخاطبة أمها : من أين تأتين بهذه الفرمانات ؟؟؟ كم أغرتها كلمة فرمانات أن تشبه أمها علناً بالتلميذة النجيبة للحكومة الوطنية لكنها قاومت موجات الإغراء المتعالية واكتفت بالقول : كأنَّ أبي ما زال حياً وهو من يتحدث معي !!!! هل نسيت كم كنت تعانين من سياسته في إدارة البيت وكنت تتهمينه بالتسلط والتجبر ... ها أنت تفعلين مثله وأكثر "" .
لم تستطع الفتاة أن تتمالك نفسها من الضحك وهي تتلو خطابها الصباحي المعارض ، إذ لمحت نفسها في المرآة المركونة في الزاوية البعيدة وأدركت أنها ترتدي قميصاً ذي لون برتقالي!! أوكرانيا .. ميشال عون .. التيار الوطني الحر ...
كم تحسد هؤلاء !! يمكن لأحدهم أن يصبح رئيساً لأنه يرتدي اللون البرتقالي أما هي فلو ارتدت كل ألوان العالم فلن تنجح في إقناع أمها بأي شيء "" . "حتى بركة الألوان لا تنفع في هذا البيت " ........ "" يا أيها اللون البرتقالي العظيم أنقذني " .
استدارت وهي تلهج بالدعاء للون قميصها المختار واجتازت بخطواتها المرتبكة تلك الردهة التي تفصل غرفتها عن غرفة أمها والتي كان يحلو لها أن تسميها سراً ""ساحة الشهداء"" لأنها المكان الوحيد الذي شهد جميع مشاحناتها مع أمها.
كانت تعرف أنها قبل أن تخرج وتقفل الباب وراءها ستسمع أغرب وصية ممكنة : (( لا تتأخري)) !! وبحركة الموافقة المعتادة هزت برأسها وأغلقت الباب لكن سؤالاً كبيراً فتح بابه في داخلها : ((لا تتأخري)) !! وهل "" تأخُّري"" إلا بسبب فرماناتك أيتها التلميذة النجيبة ؟؟؟؟؟
عبد الله علي
إضافة تعليق جديد