أمن حوض البحر الأحمر والقوى المسيطرة عليه
الجمل: يعتبر البحر الأحمر الممر المائي الأكثر خطورة في العالم، لأنه يربط بين المناطق الآسيوية والإفريقية ودول الخليج العربي وبقية أنحاء العام، وللتعريف بالبحر الأحمر نشير إلى أنه عبارة عن بحر مستطيل يمتد طولياً بين المحيط الهندي والبحر المتوسط، هذا، وتعود نشأة البحر الأحمر –بحسب النظرية الجيولوجية- إلى نشأة ما يعرف بالأخدود الإفريقي العظيم الذي هو عبارة عن صدع أرضي كبير يمتد من مناطق البحيرات الإفريقية العظمى الاستوائية –كبحيرة فكتوريا، وتانجانيقا- مروراً بخليج عدن ممتداً باتجاه الشمال عبر البحر الأحمر ثم يميل باتجاه خليج العقبة الأردني ويمتد براً عبر غور الأردن بمحاذاة تخوم سوريا الغربية شمالاً حتى مناطق الحدود التركية.
* الخصائص الطبيعية العامة للبحر الأحمر:
تبلغ مساحته حوالي 348 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ طوله حوالي 2250 كيلو متراً وأقصى عرض له يبلغ 355 كيلومتراً، وبسبب تفاوت مستويات عمق البحر الأحمر فقد بلغ متوسط عمقه حوالي 490 متراً. إضافة لذلك يتميز قاع البحر الأحمر بوجود الكهوف الحجرية المتشعبة على النحو الذي جعل من قاع البحر الأحمر مكاناً خصباً لنشوء الشعب المرجانية وتوالد الثروة السمكية بمعدلات كثيفة.
* الخصائص الاستراتيجية للبحر الأحمر:
بسبب خطورة موقع البحر الأحمر فإن خصائصه الاستراتيجية تتمثل في الآتي:
* الخصائص الجيوستراتيجية:
برغم التكتم الاستخباري الشديد فإن أعماق البحر الأحمر تشهد تواجداً مكثفاً للغواصات التكتيكية والاستراتيجية والتابعة للدول الكبرى، وعلى وجه الخصوص أمريكا وروسيا والصين وإسرائيل.
وتشير التحليلات العسكرية إلى أن اندلاع أي مواجهة عسكرية كبرى سيترتب عليه أن يتحول البحر الأحمر إلى إحدى ساحات المواجهة لأن كل واحد من أطراف الصراع سيسعى إلى السيطرة عليه طالما أنها ستوفر له السيطرة على حركة الملاحة الدولية الرئيسية وقطع حركة النقل بين دول الشمال ودول الجنوب.
شمال البحر الأحمر يتضمن خليج العقبة وخليج السويس اللذان برغم اتفاقية سلام وادي عربة بين إسرائيل والأردن واتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، إلا أنهما ما زالا ساحة للحرب البحرية الباردة في مواجهة إسرائيل.
يتضمن كل من خليج العقبة وخليج السويس (وقناة السويس) العديد من الجزر ذات الأهمية الاستراتيجية وما زالت إسرائيل تسيطر على معظمها على النحو الذي اضطرت معه مصر والأردن إلى الصمت والتكتم خاصة وأن استمرار سيطرة إسرائيل على هذه الجزر يشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات سلامها مع هذه الدول.
أما جنوب البحر الأحمر فيتضمن خليج عدن الذي يشهد حالياً ظاهرة القرصنة البحرية وعمليات تهريب السلاح إلى المسرح الصومالي ومناطق النزاعات الإفريقية إضافة إلى مضيق باب المندب الذي سيعادل من حيث الأهمية قناة السويس طالما أن المرور عبر قناة السويس يستلزم بالضرورة المرور عبر باب المندب.
إضافة لذلك تقول المعلومات أن إسرائيل تسيطر حالياً على بعض الجزر في البحر الأحمر الموجودة في المياه الإقليمية السعودية وقد ظلت حكومة العاهل السعودي تتكتم على ملف الجزر هذا خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تحويل المملكة إلى دولة مواجهة مع إسرائيل بما يترتب على ذلك دفع السعودية إلى استرداد هذه الجزر بموجب اتفاقية سلام مع إسرائيل تتيح للإسرائيليين ابتزاز السعودية على غرار ما حدث مع القاهرة وعمان.
* الخصائص الجيوبوليتيكية:
يمثل البحر الأحمر ساحة للتواصل الحضاري والثقافي والسياسي إضافة إلى أن البحر الأحمر يمكن أن يمثل ساحة إضافية للتعاون العربي ولكن دول حوض البحر المتوسط ما زالت تخوض الخلافات وتباين وجهات النظر حول مستقبل ترتيبات التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي والعسكري الإقليمي الخاص بدول البحر الأحمر هذا وتقول المعلومات أن الخلافات تعود إلى الآتي:
• وجود إسرائيل ضمن دول البحر الأحمر لأن ميناء إيلات الإسرائيلي يطل على البحر الأحمر من خلال إطلالته على خليج العقبة.
• المصريون والأردنيون لا يجدون حساسية في ضم إسرائيل إلى أي مشروعات إقليمية بينما يرفض السودان واليمن والسعودية ذلك.
• محاولة الإسرائيليين الالتفاف على أي محاولة لإقامة تكتل إقليمي خاص بدول البحر الأحمر لأن بقاء الملف الأمني والعسكري سائباً يتيح لإسرائيل حرية الحركة طالما أن دول حوض البحر الأحمر غير مقيدة بأي ترتيبات إقليمية نظامية ومؤسسية.
ملف التعاون بين دول البحر الأحمر سيظل مغلقاً لفترة طويلة قادمة لأن أمريكا وإسرائيل تمثلان المستفيد الوحيد من ظاهرة الانفلات الإقليمي لمنطقة البحر الأحمر.
* التحركات الأمنية – العسكرية في حوض البحر الأحمر:
توجد في حوض البحر الأحمر العديد من التحركات العسكرية وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى الوجود والتمركز العسكري – الأمني الآتي:
• جيبوتي: تستضيف قاعدة عسكرية فرنسية وأخرى أمريكية وقاعدة إسرائيلية مصغرة إضافة إلى بعض قطع البحرية الألمانية والإسبانية والإيطالية والبريطانية، إضافة لذلك، فقد عززت أمريكا وجودها بنشر بعض قطع وات الانتشار السريع الأمريكية الني تعمل جنباً إلى جنب مع قوات التدخل السريع الفرنسية المتمركزة في جيبوتي.
• مصر: يستضيف ميناء الغردقة المصري المطل على البحر الأحمر العديد من قطع البحرية الأمريكية وتقول المعلومات والتسريبات بأن التفاهم على خط القاهرة – واشنطن قد قطع شوطاً كبيراً متقدماً لجهة إقامة قاعدة عسكرية بحرية أمريكية في الغردقة.
إضافة لذلك تشير المعلومات والتسريبات بأن الولايات المتحدة تتفاهم حالياً مع السلطات السعودية من أجل إقامة قواعد عسكرية بحرية أمريكية في إحدى مناطق الساحل السعودي الشمالي القريبة من الأردن. كما تشير التسريبات إلى بعض الترتيبات الأمريكية العسكرية حول البحر الأحمر التي تتضمن إقامة ترتيبات عسكرية مشتركة تضم أمريكا – إسرائيل – مصر – أريتيريا – جيبوتي – الأردن، وعلى هذه الخلفية فإن دول مصر – أريتيريا – جيبوتي – الأردن ظلت تعمل باستمرار لجهة مشروع منتدى تعاون دول البحر الأحمر الهادف لبناء تحالف إقليمي يجمع هذه الدول ما عدا إسرائيل. وتقول المعلومات أن مصر والأردن هما الأكثر معارضة لترتيبات تحالف دول البحر الأحمر لأنها تتعارض مع محتوى الاتفاقيات السرية وملحقات اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة، وبكلمات أخرى، لقد فرضت إسرائيل على مصر والأردن المزيد من القيود على تحالفاتهما وعلاقاتهما الإقليمية وفقاً لاعتبارات مشروطيات إسرائيل المتعلقة بضبط توازن القوى في المنطقة وعدم السماح لمصر والأردن بتخطي سقف القوة المحدد سلفاً لهما بواسطة إسرائيل وضمانة أمريكا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد