إحالةمذبحةغزةإلى قمةالكويت..وقطر وموريتانياتجمدان علاقتهمابإسرائيل
انتهت »قمة الدوحة« بإعطاء الفرصة لإجماع عربي أملت في تحقيقه في »قمة الكويت« الاثنين المقبل، وإن كانت أجواء القمة تشير إلى بروز شرخ واسع من الصعب ردمه، خصوصاً بعدما حلت فصائل المقاومة مكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبطرحها سقفاً للقرارات السياسية مرفوضة أساساً من قبل عدد كبير من الدول العربية.
وشارك في قمة الدوحة سبعة زعماء عرب، هم السوري بشار الأسد، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، واللبناني ميشال سليمان والجزائري عبد العزيز بوتفليقة والسوداني عمر البشير وجزر القمر أحمد عبد الله سامبي ورئيس المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا الجنرال محمد ولد عبد العزيز، فيما قلّص العراق حضوره إلى مستوى نائب الرئيس طارق الهاشمي، ومُثلت ليبيا بأمين اللجنة الشعبية العامة البغدادي المحمودي، وأرسل المغرب وزير خارجيته الطيب الفاسي الفهري، ونظيره العماني يوسف بن علوي، بينما أوفدت جيبوتي وزير أوقافها حامد عبدي سلطان. وتغيبت السعودية ومصر عن المشاركة في القمة التي وصفت بأنها قمة نصرة غزة. وجلس إلى طاولة منفصلة الرئيسان الإيراني محمود احمدي نجاد والسنغالي عبد الله واد. وشارك في القمة بصفة مراقب نائب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، جميل تشيتشيك.
وفيما ظلت كراسي الدول العربية التي لم تحضر القمة فارغة في قاعة الجلسة وبينها كرسي فلسطين، جلس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل إلى طاولة المراقبين خلف لافتة حملت اسمه فقط. وقال، رداً على سؤال قبل افتتاح القمة حول ما اذا كان سيجلس في كرسي فلسطين، »نحن نعرف الأصول«. وحضر أيضاً ممثلو سبعة فصائل فلسطينية أخرى أبرزهم أمين عام حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة احمد جبريل.
وقالت مصادر سورية مسؤولة إن المشاركين في قمة الدوحة تعهدوا بدعم بيانها، الذي اشتمل على ١١ نقطة، في قمة الكويت، مشيرة إلى أن البيان سيطرح بعد يومين في القمة الاقتصادية للحصول على تأييد باقي الدول العربية. وكان البيان خرج بما هو منتظر من توصيات بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة فوراً، والانسحاب من القطاع، ورفع الحصار وفتح جميع المعابر.
كما حصل ما هو متوقع، بأن أعلنت قطر وموريتانيا تجميد العلاقات الاقتصادية والسياسية مع إسرائيل، كما جرى الاتفاق على تنشيط المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، والعمل على عرض ما ارتكبته إسرائيل من جرائم على المحاكم الدولية والمحلية، ودعوة الدول العربية لتعليق المبادرة العربية للسلام.
كما وافق المشاركون على دعم صندوق دعم غزة، والدعوة لمؤتمر لإعمار القطاع. وكانت قطر أول المتبرعين بمبلغ ربع مليار دولار، فيما توقع العديد من المراقبين أن تزيد عليه بقية الدول الخليجية لسبب أو لآخر. كما ارتفع سقف البيان السياسي في القمة على عكس ما كان متوقعاً، بحضور قادة الفصائل الفلسطينية ومعهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، حيث تحولت القمة تدريجياً إلى اجتماع عربي إسلامي على مستوى القمة، وحلت المقاومة الفلسطينية ضيفاً وممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني فيها.
واستمرت، حتى نهاية يوم أمس، اللهجة التوفيقية لمختلف المشاركين، وذلك على أمل الحصول »على تأييد باقي الدول في قمة الكويت وحرصاً على الصف العربي«. وقال مسؤول عربي كبير إن المشاركين اتفقوا جميعاً على المشاركة بأعلى مستوى في قمة الكويت، فيما أوضح وزير الخارجية السورية وليد المعلم أن »من يريد أن ينضم إلى بيان قمة الدوحة، أهلاً وسهلاً به، ومن لا يريد فإن لديه رأي آخر »، مشيراً إلى أنّ الحاضرين اتفقوا على »دعم البيان المشترك الذي اتفق عليه القادة في القمة بعد يومين«.
وكان وزراء الخارجية ومندوبو الرؤساء، إضافة إلى بعض قادة الفصائل، اتفقوا على البيان النهائي، الذي صدر بالإجماع في ختام جلسة مغلقة، قالت مصادر عربية مسؤولة إنها »تتمنى لو أن كل الاجتماعات العربية كانت بهذه السلاسة«.
وحرص المنظمون في الدوحة على إبقاء مقاعد كل الدول العربية في مكانها وعلى فراغها بغياب بعض ممثليها، فيما كانت الصالة تتسع شيئاً فشيئاً بعد الظهر لاستيعاب المشاركين الجدد، بعدما تأخر الافتتاح ساعتين، لإفساح المجال أمام وصول نجاد، ورئيس الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الإسلامي الرئيس السنغالي عبد الله واد، وتشيتشيك.
وكان حضور قادة بعض الفصائل الفلسطينية ولا سيما، من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، حدث القمة بعدما رفض الرئيس عباس المشاركة »نتيجة الضغوط«، حسبما أوضح رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وكانت مصادر فلسطينية ذكرت أن طائرة قطرية خاصة أرسلت بعد منتصف ليل أمس الأول لنقل قادة الفصائل إلى الدوحة، حيث أعطي رئيس المكتب السياسي خالد مشعل فرصة تقديم كلمة المقاومة في غزة، موضحة أنه بمجرد وصول الوفد للدوحة طلبت مصر من حماس إرسال وفد للقاهرة للاجتماع برئيس المخابرات عمر سليمان، وذلك لبحث »الأفكار التي سبق وتم تداولها في السابق لإنهاء أزمة غزة«.
كما دعي ممثل عن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز تعبيراً عن التقدير لخطوة بلاده قطع العلاقات مع إسرائيل. وترى المصادر المختلفة أن قمة الدوحة »تمثل مخاضاً سيأخذ بعض الوقت حتى يحقق حسماً«، معتبرة أنّ القمة »قمة لفلسطين ولمقاومتها، والغرض منها ألا يشعر الشعب الفلسطيني أنه وحيد«. ورأت مصادر عربية واسعة الاطلاع أن قطر بدعوتها لهذه القمة »تجاوزت كل الحسابات العربية التي كان سبق أن فرضتها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش على أنظمة المنطقة«.
وافتتح أمير قطر القمة بدعوة الموجودين إلى مناقشة الأفكار الثمانية التي سبق وطرحها في كلمة له قبل يومين، مشيراً أنه كان يتمنى حضور بقية الزعماء العرب ولو على خلاف، فيما أكد مشعل أنّ المصالحة الوطنية يمكن أن تبدأ بعد وقف العدوان، وأن المطلوب حالياً هو »وحدة وطنية باسم جميع الفصائل«، مضيفاً انه »مستعد للقاء الجميع على أرضية وقف العدوان«.
وأكد البشير أن السلام لا يعني الاستسلام، داعياً إلى »سحب نهائي« للمبادرة العربية للسلام وإيقاف أي محاولات تطبيع مع إسرائيل، مشدداً على ضرورة وحدة الصف العربي.
من جهته شدد الأسد على أن القمة تستهدف الوقوف مع غزة وليس عقد التسويات بشأنها. ورأى أنّ »الإسرائيليين يعانون من رهاب حقيقي تجاه السلام... ولا يمكن لصناع الجريمة أن يبرعوا في صناعة السلام«. وأضاف أنّ »المبادرة العربية أساساً مبنية على السلام، والسلام لم يتحقق وبالتالي هي فعلياً في الواقع غير موجودة... وإذا كنا نطالب بموتها فهي قتلت من قبل إسرائيل، مشدداً على أنّ »ما بقي علينا كعرب هو أن ننقل سجل هذه المبادرة من سجل الأحياء إلى سجل الأموات«.
واعتبر الأسد أنّ ما يرتكبه الإسرائيليون من جرائم حرب »لن ينتج لهم سوى أجيال عربية قادمة أشد عداءً لإسرائيل مناعتها تتطور وإرادتها تتصلب بوتيرة أسرع«، مشيراً إلى أنّ هذا يعني أيضاً أنهم »يحفرون بأيديهم قبوراً لأبنائهم وأحفادهم«.
في المقابل، شدد سليمان على أهمية التضامن العربي وعلى التمسك بمبادرة السلام العربية. وفي حين أعرب الهاشمي عن أمله في أن تكون محنة غزة وسيلة لتجميع الشمل العربي وتوحيد الموقف والمسار، شدد سامبي على ضرورة نبذ الخلافات العربية وأن تتوحد الدول العربية لمناصرة الشعب الفلسطيني في القطاع.
من جهته، أكد نجاد دعمه للمقاومة الفلسطينية، ودعا إلى مقاضاة قادة »الكيان الصهيوني المجرمين على الجرائم« التي يرتكبونها في غزة. كما دعا إلى قطع العلاقات مع إسرائيل وبضائعها والشركات ذات العلاقة بإسرائيل.
- وأشار رئيس الوزراء القطري، في مؤتمر صحافي في ختام القمة، رداً على سؤال، إلى أن غياب دولة الإمارات سببه حضور نجاد القمة، موضحاً »كان عندهم شرط وهو عدم حضور الرئيس الإيراني«.
وأكد أن النصاب حصل خمس مرات لعقد قمة عربية طارئة قبل تغيير بعض الدول مواقفها. وشدد مع ذلك على »أن الاختلاف لا يفسد للود قضية«، مؤكداً أن »العلاقات ممتازة« لبلاده مع السعودية، كما أن الدوحة لا تشكك في دور مصر وقيادتها.
وأكد أن »المجتمعين في قمة غزة اتفقوا على تقديم القرارات التي تضمنها البيان الختامي إلى قمة الكويت«، موضحاً »نحن لم نعمل على حسم القضية بل طرحنا خطوطاً عريضة حتى نترك لإخواننا القادة تدارسها معنا للتجاوب مع محنة الشعب الفلسطيني والمحنة العربية«.
وشدد على »حرص قطر على الإجماع العربي وعدم إحداث أي شرخ، سواء عند دعوتها للقمة أو عندما استضافتها«، موضحاً »حاولنا في الدوحة قدر الإمكان أن تكون القمة موجهة لأهالي غزة وليس للخلاف العربي العربي، ونتمنى أن تكون صدور إخواننا رحبة كما هي صدورنا، ونتدارس سوياً هذه القرارات للخروج بموقف يليق بالحدث وبما ينتظره الشارع العربي«.
ودعا الشيخ حمد إلى التحرر من الضغوط، موضحاً أن »إسرائيل لم تستجب لقرار مجلس الأمن، وهو اكبر ضغط«. وأضاف »إننا لم نطلب الحرب لكننا طالبنا بإيقاف جريمة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني أمام العالم كله ونعالجها للأسف بدم بارد«.
وحول موقف قطر من نشر القوات الدولية في غزة، أوضح رئيس الحكومة القطرية »انه يجب أن نتساءل عن مهمة هذه القوات هل للمراقبة أم للحماية أم لحصار باسم دولي«. وقال »لا بد أن نكون حذرين من موضوع إدخال قوات أجنبية في الحدود بين فلسطين ومصر«، محذراً من انه »يجب ألا نتفنن في محاصرة الشعب الفلسطيني، لأنها ستأتي بنتائج عكسية واليوم الشعوب واعية ويجب ألا نخدع شعوبنا«.
وأكد الشيخ حمد أن »تجميد علاقات قطر التجارية مع إسرائيل قرار لا رجعة فيه إلى أن تتهيأ الظروف لإعادتها«، موضحاً أن »الدوحة ستطلب من الممثل التجاري الإسرائيلي في قطر مغادرة البلاد وإعطائه مهلة للمغادرة«.
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد