سيناريوهات الحرب والنتائج المتوقعة
الجمل: الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل حالياً ضد لبنان، هي حرب تشبه حروب إسرائيل العدوانية السابقة، ولا تشبهها في آن معاً، فهي تشبهها على أساس اعتبارات القصف والغزو والاحتلال، وفي الوقت نفسه لا تشبهها على أساس اعتبارات الاستهداف البعيد المدى والنطاق الذي تهدف إلى الوصول إليه.. وبعبارة أخرى: العدوان الحالي يمثل المرحلة الأولى من (حرب جيوبوليتكية) واسعة تبدأ بخطوة أولى هي غزو لبنان، تعطيها خطوة ثانية هي الحرب الإقليمية لجهة السيطرة على الشرق الأوسط، وبعد ذلك تصل إلى المرحلة الثالثة، وهي إخضاع بقية العالم، والحسم الشامل لظاهرة هيمنة الـ(قطب الواحد) على النظام الدولي.
العمليات العسكرية الإسرائيلية تركز مجهودها على المسرح اللبناني، بينما العمليات السياسية تركز على المسرح الإيراني، وبـ(ضغط أمريكي- بريطاني- فرنسي) تغاضى مجلس الأمن عن الـ(أزمة اللبنانية) وعقد جلسة خصصها للـ(أزمة الإيرانية)، تمخض عنها صدور قرار (بموافقة 14دولةم ومعارضة قطر) يمهل إيران حتى نهاية آب الحالي لكي توقف أنشطة تخصيب اليورانيوم)، وتغلق ملف برنامجها النووي، وإلا واجهت عقوبات اقتصادية ودبلوماسية.
إن قرار مجلس الأمن الدولي الصادر بحق إيران هذا،يمثل الخطوة الثانية –الخطوة الأولى كانت الحرب الإعلامية ضد إيران باتهامها بدعم حزب الله والتحالف مع سورية- في توسيع نطاق المواجهة الحربية الإسرائيلية- اللبنانية، إلى حرب إقليمية متعددة الأطراف.
كل السلوكيات والتفاعلات، تقول مؤكدة أن ثمة مخططاً إسرائيلياً-أمريكياً لتوسيع دائرة الحرب،قد أصبح الآن قيد التنفيذ:
• إسرائيل تزعم أنها لا تريد احتلال لبنان، وفي الوقت نفسه تقوم باستدعاء وتعبئة قواتها البرية بكم يفوق الطاقة الاستيعابية لمسرح المواجهة اللبناني.
• أمريكا تنفذ جسراً جوياً لدعم إسرائيل بقدرات عسكرية، تكفي لـ(شن حرب عالمية)، وفي الوقت نفسه تقوم بـ(عرقلة) عملية وقف إطلاق النار والمزيد من الجهد الاستباقي لجهة تصعيد المواجهة اللبنانية إلى النقطة التي يمكن عندها مهاجمة إيران.
على هذه الخلفية، يمكن القول: إن القراءة الأولية للسيناريوهات المحتملة الحدوث في الشرق الأوسط، يمكن أن تكون على النحو الأتي باتخاذ نتائج المواجهة الإسرائيلية- اللبنانية كمحور ارتكاز في عملية الـ(بناء السيناريوي):
- في حالة نجاح إسرائيل في غزو لبنان: سوف تزداد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم سوف تعمل إسرائيل على اتهام إيران بدعم المقاومة واتخاذ ذلك ذريعة للهجوم ضد إيران.. وهذا السيناريو هو الأقل احتمالاً، لأن عملية احتلال لبنان كان متوقعاً لها أن تحدث خلال (بضعة أيام)، وأصبحت تبدو الآن عصية أمام الجيش الإسرائيلي إن لم تكن مستحيلة.
- في حالة نجاح حزب الله في إلحاق الهزيمة الكاملة بالجيش الإسرائيلي: من المعلوم أن حزب الله يخوض حرب عصابات ضد القوات الإسرائيلية, ولما كان قوام الـ(عقيدة العسكرية والقتالية لحرب العصابات) يركّز على الـ(عمليات التعرضية في المواجهة ضد الجيوش النظامية)، فإن حزب الله لن يقوم بشن هجوم نظامي استراتيجي لهزيمة الجيش الإسرائيلي ضمن (معركة فاصلة واحدة)، واحتلال إسرائيل –أو على الأقل شمال إسرائيل- وكل ما سوف يحدث أن حزب الله سوف يقوم بـ(اعتراض) حركة القوات الإٍسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية وإيقاع أكبر قدر من الخسائر بها، إضافة إلى شن الضربات الصاروخية الانتقامية ضد العمق الإسرائيلي ومن ثم إذا تزايدت الخسائر الإسرائيلية، بشكل يدفع إسرائيل إلى الانسحاب فمن الممكن أن تعمل إسرائيل والولايات المتحدة من أجل اللجوء إلى إحدى الـ(خطط البديلة) الأخرى في مواجهة إيران، مثل اللجوء إلى تسليح حركة مجاهدي خلق بالأسلحة والوسائط التي تمكنها من القيام بعمليات ضد المنشآت النووية الإيرانية.. وغير ذلك.
• في حالة استمرار المواجهة دون حسم كلي: وهذا ما تريده إسرائيل في هذه المرحلة، بشكل يمتد لفترة، أطول وهذا يتضمن سيناريوهات فرعية وفقاً للفترة الزمنية:
- ما قبل نهاية آب الحالي: قد لا تنتظر إسرائيل نهاية شهر آب الحالي فقد تستعجل إسرائيل ضرب إيران –نيابة عن أمريكا- تحت ذريعة أنها تدعم حزب الله وأن هناك عناصر إيرانية تقاتل مع حزب الله، وربما تسعى إسرائيل للإمساك بأي (إيراني) داخل لبنان هذه الأيام وعرضه أمام الإعلام كـ(ذريعة) تبرر لها مواجهة إيران.
- ما بعد نهاية آب الحالي: قد تتعقد الأمور أكثر فأكثر إذا وافقت إيران على إيقاف تخصيب اليورانيوم، لأن ذلك سوف يؤدي إلى إفشال الجهود الأمريكية- البريطانية- الفرنسية- الإسرائيلية الـ(معلنة) لاستهداف إيران، ومن ثم يتوقع أن تستمر إسرائيل في تصعيد المواجهة ضد حزب الله اللبناني، وتعمل على خلق الذرائع لـ(مواجهة) إيران، غير عابئة بالـ(موقف الدولي الذي قد ينشأ ضدها) مادامت أمريكا توفر لها غطاء الحماية الدولية.
وعموماً نقول: إن إسرائيل تملك ترسانة أسلحة تعدّ من بين الأكبر والأخطر في العالم، والسؤال البارز هنا: لماذا الجسر الجوي الأمريكي لإسرائيل في هذا الوقت وبهذه العجلة؟ ولماذا عمدت أمريكا إلى نقل أسلحة هذا الجسر عبر (اسكوتلندا)، وليس عبر انجلترا، على النحو الذي شكل (أزمة) لحكومة توني بلير البريطانية.
كل هذه التساؤلات أدت ببعض المحليين إلى الاستنتاج أن الأسلحة الأمريكية الجديدة التي تم نقلها لإسرائيل، هي أسلحة من النوع الفائق الحساسية، والذي لا يصلح لعملية ضرب أي دولة في الشرق الأوسط، سوى إيران.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد