شابات سوريات يعترفن: لا نصلح لنكون أمـّهات
«الأمومة شيء رائع... لكن بصراحة هذا الدور لا يناسبني».
جملة تتردد من وراء ابتسامة تخفي تحولاً في نمط حياة شابات سوريات يعتبره البعض طبيعياً ويتماشى مع تغيرات إيقاع العصر، في حين يعتقد آخرون بأن رفض الأمومة انقلاب في عقلية شابات «يتمردن على قدسية دورهن الحقيقي» على حد تعبير رندا (23 سنة وأم لطفل في الثانية). وكانت رندة الوحيدة تقريباً التي أصرت على أنها تستمتع بحياتها كأم وطالبة جامعية في آن معاً من بين مجموعة شابات لم يحبذن فكرة الأمومة لدوافع متعددة كان العمل والدراسة على رأسها.
طبيعة عمل بيداء مثلاً، وهي مهندسة تشرف على أعمال ترميم الآثار يتطلب منها التنقل والسفر المتواصل، تمنعها من «الارتباط والتفكير بأن تصبح أماً» تقول الشابة التي تبلغ 26 سنة. وتضيف: «أحب الأطفال كثيراً وألاحظ مدى سعادة أخواتي وصديقاتي بكونهن أمهات، لكن الأمر مختلف بالنسبة اليّ فأنا لا أصلح لأكون أماً حتى إن وجدت الشخص المناسب لارتبط به». وتوضح وجهة نظرها: «الأمومة التزام مقدس، وأنا لدي التزامات أخرى تمنعني عنه».
وبالإضافة إلى العمل، ابتعدت شابات كثيرات عن التفكير بإنجاب الأولاد بعد زواجهن لإكمال تحصيلهن العلمي وخصوصاً حين شدتهن الدراسات العليا عن الجو الأسري. وتقول رزان (24 سنة) خريجة كلية الحقوق، وتحضر في القانون الدولي، ومتزوجة منذ مدة قصيرة: «الأمومة ليست من أولويات حياتي الآن، فمنذ الأيام الأولى لزواجي اتفقت مع زوجي على أن موضوع الأولاد مؤجل حتى إشعار آخر». وتعلق رزان فرصة تحولها إلى أمٍ بنيلها الدكتوراه. غير أن هالة (22 سنة) تمانع فكرة إنجاب الأولاد وتحمل مسؤولية تربيتهم لأن ذلك مقترن بحصول زوجها أيمن (28 سنة، خريج هندسة زراعية) على «فرصة عمل جيدة تؤمن لهما وللأولاد حياة مريحة في المستقبل».
ويبدو أن تأمين وضع مستقر لتختار الشابات الأمومة لا يرتبط دوماً بالعامل الاقتصادي وإنما بالحال النفسية وطبيعة القرارات الشخصية، فلانا (19 سنة) تعترف: «تسرعت كثيراً بقرار زواجي، لذا عليّ التريث قبل أن أضم الى منزلنا أطفالاً قد يجبرونني على المضي في وضعٍِِِِ غير مستقر». وتضيف لانا محاولة إخفاء ملامح الضيق التي بدت على وجهها بابتسامة: «لا أعتقد بأنني مؤهلة الآن لأكون أماً، وعلى الأغلب لن أحسن إدارة أمور الأطفال وتربيتهم فليس لدي خبرة أمهاتنا».
في المقابل تتمنى شابة عمرها 24 سنة تزوجت بالسر ورفضت ذكر اسمها أن تكون أماً «إلا أن خيارها كان صعبا»ً على حد تعبيرها، فقد فضلت الحب على الأمومة. وتقول: «ارتبطت بزوجي لأني أحبه... لا لأثقل عليه بتكوين أسرة وأولاد».
وتعتبر هلا السباعي (اختصاصية في التربية وعلم النفس) أن «الأنثى الشابة قد لا تحرص على الحمل فور زواجها، بخاصة إذا شعرت بأنها لم تصل بعد إلى حيث تعتبر ناضجة بالقدر الكافي»، وتشير السباعي إلى أن «الزوجين الشابين قد لا يفضلان الإنجاب مبكراً خشية تحمل المسؤولية لا سيما إذا تضافرت عوامل اقتصادية ونفسية أخرى يرافقها شعور لدى المرأة الشابة بأنها أقرب الى سن المراهقة من مرحلة الرشد». وفي حين تعتبر السباعي أن هذا أمر طبيعي في سن الشباب تلمح إلى أن «تخوف بعض الفتيات من تغير مظهر جسدهن يشكل عامل عزوفهن عن فكرة الأمومة». لكنها تعود وتؤكد أن «الاستجابة لدافع الأمومة تكون عاطفية لا عقلانية لدى الغالبية، فقد يحدث أن يبتهج الزوجان الشابان بحدوث الحمل حتى وإن لم يخططا مسبقاً له».
لينا الجودي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد