يحـدث فـي التلفزيـون السـوري.. فقـط
لم يحدث في تاريخ التلفزيون، أي تلفزيون، أن تطالعنا شاشته بشارة الختام في برنامج ما، قبل نهايته. لكن ذلك حدث، مساء أمس الأول، على شاشة التلفزيون السوري.
ما جرى بالضبط أن التلفزيون قام بنقل وقائع حفل افتتاح »مهرجان دمشق السينمائي« في دورته السادسة عشرة، ابتداء من عرض مسرحي راقص أخرجه الفنان ماهر صليبي، تبعه إلقاء الكلمات الرسمية والتعريف بأعضاء لجان تحكيم المسابقة وغيرها. بعدها، طالعتنا شارة النهاية مع أسماء العاملين في النقل التلفزيوني ومخرجه، أي ان الشارة أعلنت نهاية النقل فعلياً، قبل أن تأتي نشرة الأخبار الرئيسية، علماً ان فقرة تتعلق بتكريم عدد من السينمائيين كانت لم تزل في أجندة حفل الافتتاح .
كانت المفاجأة عندما عاد التلفزيون السوري ليستكمل نقل حفل الافتتاح بعد نشرة الأخبار، ويعرض القسم الأخير من الحفل.. بطبيعة الحال لم يتابع الكثيرون الجزء هذا، لأن الشاشة لم تكلف نفسها عناء الإشارة إلى نيتها مواصلة الحفل بعد الأخبار. فكيف يمكن لأي مشاهد أن يتوقع أن التلفزيون سيواصل النقل بعد الأخبار وبعد أن عرضت شارة النهاية؟
بدا أن مخرج النــقل التلــفزيوني قرر ذكر اسمه واسم العاملين معه قبل النشرة، حتى لو خالــف أبســط قواعد المهنة، وتجاهــل ضــرورة التنـبيه إلى مواصلة الحفل بعدها.
في الدورات السابقة من المهرجان، كانت نشرة الأخبار تقطع حفل الافتتاح، ولكن العاملين في التلفزيون آنذاك كانوا أكثر احتراماً لمشاهدهم، فقد كانوا يعلمونه باضطرارهم لقطع النقل باعتبار أن موعد نشرة الأخبار مقدس.. وهو الأمر الذي لم يحدث هذا العام.
باختصار نجح التلفزيون السوري، كعادته، ولم ينجح أيضاً كعادته، في نقل وقائع حفل افتتاح المهرجان.. والعبارة السابقة لم تعد أحجية، إنها قدر التلفزيون ولسان حاله في كثير من الأحيان، فالإخراج في النقل التلفزيوني بدا، أمس الأول، متحكماً بمفاصل الحفل إلى حد كبير، ولكنه انتهى على نحو لا علاقة له باحترام المشاهد ولا بالأصول.
ينظر السوريون إلى مهرجانهم السينمائي الدولي على أنه أكثر من سوق لعرض الفيلم والتنافس على الجوائز، إذا لطالما حمّلوه مهام أخرى أهمها الإطلالة على العالم بصورة مناقضة لتلك التي تروجها آلة الغرب الإعلامية عن بلادهم »الراعية للإرهاب«، ولذلك كان حرص إدارة المهرجان على جذب أكبر عدد من نجوم العالم في محاولة لإرساء صورة سوريا الحقيقة بوصفه بلداً حضارياً برسالة إنسانية.
وبطـبيعة الحـال، كانت للتلفزيون السوري مهمة مكمّلة، وربما هي الأكــثر حساسية، لإيصال تلك الجهود لأكبر عدد ممــكن من المشاهدين في العالم، ولكــن الفضائية السورية لم تدرك ذلك. وربما أدركت، ولكنها لم تفلح في حسن الترجمة.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد