فنانون سوريون: الدولة تدعم الدراما خوفاً من السينما
لا تنتهي الأسئلة في الوسط الفني السوري خاصة والعربي عامة، عن حال السينما السورية النائمة منذ عقود، وخاصة بعد الثورة الدرامية الكبيرة وغير المسبوقة في بلد تنظم عاصمته مهرجانا سينمائيا كل عام يعد له بشكل يوحي بأن السينما زاد يومي للجمهور.
الشارع السوري بكل أطيافه يتساءل يومياً لماذا تغيب السينما في المجتمع السوري؟ وكلما سنحت لأحد الفرصة
ليلتقي فناناً يطرح السؤال: لماذا تقدمنا دراميا وتخلفنا سينمائياً؟
بدورنا طرحنا السؤال، على هامش مهرجان دمشق السينمائي، على أبرز نجوم الصف الأول الذين تحولوا إلى الدراما نتيجة حالة الكساح التي تعاني منها دور السينما السورية، فكانت الإجابات شبه موحدة.
يجيب الفنان الكبير جهاد سعد أحد نجوم السينما وعرابي المسرح في سوريا والذي تحول إلى التلفزيون كي لا يفقد هويته الفنية بالقول: “لأن الضعيف يخاف من القوي، فالسينما قوة لا يمكن لأحد أن يستهين بها، وعندنا في سوريا يعي كل القائمين على الملف الفني وبالتحديد المسؤولون الرسميون في الحكومة كوزارة الثقافة مثلا مدى تأثير السينما في عقول المجتمع وبالتالي لا يريدون أن يروا مجتمعا واعيا فغطوا في سبات عميق تاركين أمر الفن الراقي الذي يمثله المسرح والسينما لإدارات حكومية بيروقراطية همها تنفيذ قرارات رسمية بأن يكون عمل السينما والمسرح في الإطار الوظيفي ليس إلا”.
وعلى هذا المنوال سار أبو المشاريع المسرحية وأحد أبرز نجوم السينما في سوريا الفنان فايز قزق، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ اتهم المسؤولين عن الفن في سوريا بتقويض حركة السينما والمسرح من أجل فتح الأبواب أمام (التلفزيون)، الذي يراه مفسداً، ليغزو العقول ببرامج مجهزة على مقاس الإدارة البيروقراطية التي لا تريد للعقل أن يتحرك.
ويضيف: التلفزيون بعد أن كان معجزة، تحول إلى آفة قاتلة، حيث يتجمهر الناس في الوطن العربي في وقت واحد لمشاهدة مسلسل واحد تدور قصته حول قضية لا يجهلها أحد، لا جديد فيها، لا توعية منها.
ويواصل: “سنصرخ كثيرا ونوصل آهاتنا وآهات السينما والمسرح إلى كل المسؤولين عنهما في الدول العربية ليساعدونا على طرد من لا علاقة له بهما، فهناك كثيرون ممن يتبوأون مناصب عليا في السينما والمسرح عبء عليهما بغض النظر عن الشهادات العليا التي يحملونها والتي جنوها بطرق ملتوية لا تخفى على أحد. الرحلة شائكة والهدف الأول يتحقق بإزالة بكتريا السينما والمسرح من أجوائهما، عندها سيسهل علينا تحقيق الهدف الرئيسي وهو إعادة أهل السينما والمسرح وروادهما الحقيقيين إلى داخلهما، فالمواطن حين يعرف أن الأجواء باتت نقية لا بد أنه سيعود مغرما وليس مرغما إليهما).
ويرى المتابع للخط البياني الفني السوري تصاعدا مطردا للدراما يتزامن مع هبوط الإنتاج السينمائي، فالمساحة الممنوحة للدراما تكاد لا تراها السينما حتى في الأحلام، وهناك عشرات الأعمال التلفزيونية سنويا وهي مرشحة للوصول إلى 100 عمل تعرض في رمضان خلال خمس سنوات من الآن، كما أن السماح بحرية الطرح، والجرأة في تناول الموضوعات الدرامية أمران باتا يؤرقان السينمائيين كثيرا ولا سيما أن الصوت العالي عادة ما يكون في دور السينما، فهل ستحل الدراما محل السينما؟
الفنان غسان مسعود يؤكد أن السينما لم تقبل أن تكون حالة وظيفية، وهي التي أسست على أساس مغاير لذلك، في حين أن التلفزيون أعلن ولاءه للمكاتب الرسمية فعومل على أنه سينما، ويدلل على ذلك تخصيص ملايين الدولارات من الحكومة لدعم التلفزيون، والمساحة الواسعة من الحرية لكتاب الدراما. ويقول: الإبداع كائن حر يستوجب توافر الحرية، وطالما تألقنا في الدراما فهذا يعني أننا حصلنا على مساحات واسعة من الحرية يفتقدها غيرنا، لكن الإجراءات التنظيمية لعمل الفن عندنا في سوريا لا تعطي حرية كافية إلا لمن يوافق على أن يكون حالة وظيفية وهذا يعني أن التلفزيون يمثل تلك الحالة، وبالتالي السينما رفضت ذلك وكذلك المسرح، وليس في الأفق ما يدعو للتفاؤل في هذا الجانب.
وبينما يجمع معظم المعنيين بالأمر على أن بداية حل مشكلة السينما هي في تأهيل صالاتها، برز رأي الفنان الكبير أيمن زيدان ليستبدل مصطلح تأهيل ب(إنشاء)، وفي الوقت الذي اعتبر معظم المتألمين من واقع السينما أن دورها غير مؤهلة للعرض أو لاستقبال الجمهور، إن حضر، وذلك لأسباب مقصودة يراد منها نسيان نوع فني اسمه سينما، رأى زيدان أن كل دور السينما في سوريا يجب نسيانها والقيام بثورة منشآت سينمائية من جديد. ورغم أنه وافق زملاءه رأيهم بعداء الحكومة للسينما. وتساءل: هل ستنهض السينما لو دعمتها الحكومة بصالات عرض متهالكة؟
ويطالب زيدان الحكومة، إن أرادت دعم السينما بأن تفرض على صاحب أي مشروع اقتصادي أو تجاري يريد بناء منشأة لعمله الخاص أن يقوم ببناء دار عرض سينمائي داخل المباني المرخص لها أو في الأقبية.
ويضيف: ما المشكلة، إن أردنا حل مشكلاتنا السينمائية بعد الصلح بينها وبين الحكومة، في تشييد مئات أو آلاف الصالات في سوريا في زمن قياسي على نفقة أصحاب رؤوس الأموال كنوع من الضرائب التي تفرض على أصحاب المشاريع؟
علاء محمد
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد