تاريخ صراع الإيغور مع الثورة الماوية وتداعياته على الساحة الدولية

07-07-2009

تاريخ صراع الإيغور مع الثورة الماوية وتداعياته على الساحة الدولية

الجمل:  دخلت أعمال العنف في مقاطعة سينكيانغ الصينية يومها الثالث، وتميزت الأحداث هذه المرة بارتفاع عدد القتلى والخسائر، إضافة إلى الاهتمام الإعلامي الدولي المتزايد، وعلى ما يبدو، فإن هذه الأحداث سوف تلقي بتداعياتها على مكانة الصين في المسرح السياسي الدولي، وعلى وجه الخصوص في الاعتبارات المتعلقة بالمواجهة الوشيكة بين الصين والمنظمات الدولية غير الحكومية.
• العنف السياسي كوضع هيكلي- بنيوي في مقاطعة سينكيانغ:
تقع مقاطعة سينكيانغ في منطقة شمال غرب الصين، وخلال المراحل التاريخية الماضية، كانت تقوم في هذه المنطقة دولة تركستان الشرقية، ويسكن في هذه المنطقة شعب الإيغور الذي يعتبر امتداداً اثنياً لشعوب آسيا الوسطى والثقافة التركية المشرقية، إضافة إلى اعتناق الإيغور للإسلام على المذهب السني..
عند قيام جمهورية الصين الشعبية، وبسبب التوازنات الإقليمية والدولية، فقد أصبحت منطقة الإيغور جزءاً من الصين، ولكن بسبب الطبيعة الإسلامية المحافظة لشعب الإيغور، فقد وجد النظام الشيوعي الصيني مشكلة حقيقية في إدماج السكان الإيغوريين ضمن القوام الوطني الصيني..
تشير المكونات الإثنو- ثقافية للمجتمع الصيني إلى أن مشكلة إدماج الإيغوريين لم تكن هي الوحيدة، بل ينطبق الشيء نفسه على البوذيين التيبتين المقيمين في مقاطعة التيبت الصينية الواقعة جنوب غرب الصين، والتي تجاور مقاطعة سينكيانغ التي يقطنها الإيغور والموجودة في شمال غرب الصين..
لجأ الزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ إلى إدماج السكان الإيغور، والشيء نفسه بالنسبة لجيرانهم التيبيتين، وذلك عن طريق الآتي:
- إعطاء مقاطعة سينكيانغ قدراً من الاستقلال الذاتي، بسبب خصوصيتها الاجتماعية والاقتصادية.
- العمل على توحيد البنية الاجتماعية الصينية عن طريق تنويع التركيبة السكانية في مقاطعة سينكيانغ، وذلك عن طريق توطين أعداد كبيرة من الصينيين المنتمين إلى قومية الهان (الذين تمتد جذورهم إلى الكونفوشيوسية ولكنهم بعد قيام الثورة الصينية انتموا إلى النظام الشيوعي وظلوا يمثلون أخلص أتباع ماوتسي تونغ)، والذين يقطنون بشكل أساسي في وسط وشرق الصين.
برغم هذه الجهود، وبسبب الخصوصيات الاجتماعية- الثقافية- الدينية، فقد تحول مشروع التنويع الديموغرافي إلى عامل انقسامي جديد، إضافة إلى مخزونات العنف الهيكلي، وبكلمات أخرى، فقد نشأت حرب باردة اجتماعية بين السكان الهان الذين تم توطينهم، والسكان الإيغور الذين ينظرون لنفسهم باعتبارهم المواطنين الأصليين.
تغيرت التركيبة السكانية في مقاطعة سينكيانغ، بحيث أصبحت تتضمن 45% من الإيغور، 41% من الهان، 7% من الكازاخ، و7% من القوميات الاجتماعية الصينية الأخرى.
• العنف السياسي كوضع وظيفي- سلوكي في مقاطعة سينكيانغ:
سعى الإيغوريين إلى الانفصال وتكوين دولتهم المستقلة عن الصين، وبالمقابل ظلت الحكومة المركزية الصينية، تفرض سيطرتها القوية على مقاطعة سينكيانغ، وبرغم اندلاع الانتفاضات وعمليات العنف السياسي، فقد ظلت بكين قادرة على إخمادها وإعادة الهدوء والنظام للمقاطعة.
نجحت النخبة السياسية الإيغورية في القيام بتعزيز الروح القومية الإيغورية، من خلال المطالبة بالاستقلال وإقامة دولة تركستان الشرقية بدلاً عن مقاطعة سينكيانغ.. وحالياً، توجد الحركات السياسية الإيغورية التالية:
- حركة استقلال تركستان الشرقية.
- حركة تركستان الشرقية الإسلامية.
- مؤتمر الإيغور العالمي.
هذا، وتعتبر ربيعة قدير من الشخصيات الإيغورية العالمية، والتي تمثل القوة الرمزية المعنوية الإيغورية، ولربيعة قدير تاريخ طويل في خوض المواجهات السياسية مع السلطات الصينية، وتقول المعلومات، بأن ربيعة قدير قد أنفقت معظم سنوات عمرها في السجون الصينية، ولكنها وبعد إطلاق سراحها، نجحت في التسلل والخروج، وتقيم ربيعة قدير حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تقوم بمباشرة نشاطها السياسي الانفصالي الداعي لاستقلال منطقة الإيغور وإقامة دولة تركستان الشرقية، إضافة إلى إخراج المستوطنين الهان الصينيين.
• الأحداث الجارية، إلى أين؟
تمثل أحداث العنف السياسي الجارية حالياً، امتداد لأحداث العنف السياسي التي سبق واندلعت في عام 2008م الماضي، حيث بدأت عمليات العنف عندما قامت امرأة إيغورية في آذار 2008م بوضع قنبلة في إحدى المركبات العامة العاملة في أورومقي عاصمة مقاطعة سينيانغ.. وبعد ذلك بعشرة أيام اندلعت أعمال العنف عندما قامت السلطات الصينية بقمع أحد التجمعات الإيغورية الإسلامية، ثم استمرت لاحقاً أعمال العنف والشغب بشكل متقطع.. ولكن هذه المرة، أخذت أعمال العنف، طابع العنف السياسي الواسع النطاق، فقد تزايدت شدة العنف، إضافة إلى شمول العنف السياسي للعديد من المناطق الإيغورية الأخرى.
تقول سردية العنف السياسي الحالي، بأن بعض المنتمين إلى قومية الهان، قاموا بقتل اثنين من العمال الإيغور، مما أدى إلى إثارة الغضب وتوتير الأجواء بين قومية الهان وقومية الإيغور داخل المقاطعة، ولكن وبسبب تواطؤ السلطات الصينية في عدم تطبيق العقوبات الصارمة على القتلة، فقد انفجر الغضب وتحول إلى عنف سياسي إيغوري واسع النطاق، استهدف القوات النظامية والمقرات الحكومية، إضافة إلى المركبات العامة المملوكة للدولة.
هذا، وبرغم ذلك فإن قدرات الدولة الصينية سوف تستطيع في نهاية الأمر احتواء أزمة العنف السياسي الإيغوري، ولكن المشكلة ستتمثل في أن المنظمات الدولية غير الحكومية، ستسعى لتوجيه الانتقادات ضد الصين، إضافة إلى أن أمريكا وبلدان الاتحاد الأوروبي أصبحت أكثر تحفزاً لجهة اتخاذ الإجراءات العقابية الاقتصادية والدبلوماسية ضد الصين، والقائمة على ذرائع أن بكين مازالت تقوم بقمع السكان المدنيين وتنتهك حقوق الأقليات، هذا وتجدر الإشارة إلى أنه كانت هناك محاولة مماثلة خلال العام الماضي، عندما سعت بعض الأطراف والدوائر الأمريكية والأوروبية لجهة استخدام تداعيات أحداث إقليم التيبت الصيني التي قادها الدلاي لاما من أجل إفشال انعقاد أولمبياد بكين.. وبرغم فشل المخطط، فإن محاولة إنتاج نسخة جديدة منه هي الأكثر احتمالاً ويجري حالياً العمل على قدم وساق بواسطة واشنطن وبعض الأطراف الحليفة لها من أجل تنفيذه!؟

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...