الفرق الغنائية السورية مغامرة الشكل في مواجهة القوالب القديمة
تشكل الفرق الغنائية الشابة موجة جديدة من موجات التأليف الموسيقي المعتمدة على حداثة لحنية مغايرة لمزاوجة اللغة العربية مع أنماط موسيقية مختلفة للوصول إلى شريحة الشباب على وجه التحديد ضمن انفتاح على ذائقة متنوعة المشارب تسعى لإيجاد جسور مع الألحان السورية القديمة والخروج بها إلى الأذن العربية دامجة بين الروك والجاز والطرب.
وقال المؤلف الموسيقي معن خليفة مؤسس فرقة "حرارة عالية" أن فرقته التي شكلها عام 2002 من مجموعة من خريجي وخريجات المعهد العالي للموسيقى كانت خطوة على طريق دعم الأغنية السورية دون أن تعلن أي قطيعة مع جيل الرواد من الملحنين السوريين أمثال نجيب السراج .. محمد محسن .. محمد عبد الكريم حيث قدمت "حرارة عالية" حفلاتها تحت عنوان "موسيقى لكل الشباب السوري" إيماناً منها بأصالة الأغنية السورية ومكانتها الهامة كرسالة ثقافية تميزت بغنى مفرداتها اللحنية وجمال أصوات مطربيها.
وأوضح خليفة أن فرقته الآن بصدد إعادة توزيع أغنيات لملحنين سوريين أمثال عبد الفتاح سكر.. سهيل عرفة.. حسام تحسين بك.. إبراهيم جودت.. زهير عيساوي وذلك لإحياء التراث الموسيقي المعاصر للأغنية السورية وإعادة مجدها وتصديرها إلى المستمع المحلي والعربي وفق صيغ لحنية ملتزمة بهويتها الشرقية وأصالتها دون تركيب كلمات عربية على ألحان روك وجاز وغيرها من الأنماط الغربية التي قال خليفة أنه لا يملك عقد نقص تجاهها.
وأضاف خليفة أن هناك مهمة كبيرة تقع على عاتق الإذاعات السورية بالتركيز على بث الأغنيات السورية بما لا يقل عن نسبة 15 بالمئة من مساحة البث الكلية يومياً.
من جهته أوضح المغني السوري أنس فخري الذي ساهم بتأسيس العديد من الفرق السورية الشابة منها فرقتا إنسانيتي وعيار أنه يحرص أن يكون مختلفا وله بصمته الخاصة من خلال تقديم مزيج أصيل ومعاصر من الموسيقى يعتمد بشكل رئيسي على الغناء الشرقي الأصيل والموسيقى الغربية من نمط الروك والموسيقى الإلكترونية.
وقال فخري إن اشتغالي اليوم على مشروعي الموسيقي جاء من خلال دراسة مطولة للموشحات والقدود والقصائد والمواويل ودراسة العود والمقامات الشرقية ومبادىء الغناء الكلاسيكي إضافة إلى دراسة موسيقى الروك وقوالبها الموسيقية والاطلاع على أنماط مختلفة من الموسيقى واضاف ان قدرته على دمج هذه الأنواع جاءت من حرصه على دعم الموسيقى السورية المعاصرة ومشاركته بتأسيس معظم الفرق الموسيقية الشابة ودعمها فنيا وتقنيا واستخدام خبرته من خلال العمل مع الأستاذ صباح فخري لتنشيط الوسط الموسيقي الشاب في سورية.
وأضاف فخري أن موسيقى اليوم هي انعكاس للحالة الثقافية والفكرية للناس موضحا ان الموسيقى التي يقدمها تعبر عن الشارع مع التمسك بالأصالة وهي بمثابة حالة تفاعل مع الظرف العالمي وليست من قبيل الاضمحلال الثقافي أو العولمة وهي طريقة مختلفة للتعبير عن الذات.
ولفت فخري إلى أن موسيقا الشباب السوري تعكس الانفتاح الذي تشهده سورية والنظرة الواعية للجيل الجديد مما أعطى تفاؤلا بالمستقبل لمناقشة قضايا يؤمن بها وإيصال رسالتنا إلى الآخر من خلال لغة يفهمها.
وقال فخري.. إذا أردنا التواصل مع العالم يجب استخدام أدواته للمشاركة في التراث الموسيقي العالمي فموسيقى الروك مثلا مبنية على فكرة استخدام بعض السلالم الشرقية غير المستخدمة في الموسيقى الغربية مثل نغمة الحجاز ومن واجبي كفنان أن أسلط الضوء على هذه التجارب وإيجاد نقاط تقاطع مع موسيقى الشعوب بدوره قال شادي علي مغني فرقة جين أنه لا يوجد قالب محدد للأغنية السورية وهي تبقى سورية طالما من يؤديها سوريون ولا نستطيع القول عن الموسيقى السورية أنها شرقية لأن تركيبة المجتمع السوري ليست شرقية بحتة بل إن سورية بلد منفتح على ثقافات الآخر.
وأضاف علي أن موسيقيي فرقة جين أقاموا معادلة جديدة جعلت من موسيقى الروك شرقية وهذا يبدو واضحا فيما يتعلق بموضوع الغناء تحديدا حيث تبرز عناصرها الشرقية من خلال عُرْبة يؤديها فتخرج بذلك الأغنية عن كونها منتمية إلى الموسيقى الغربية ويكون ذلك بمثابة تأكيد على أنها أغنية شرقية.
وتجمع فرقة جين بين أكثر من نمط موسيقي لكنها تركز على ما يسمى البروغريسيف روك والذي يعتمد على كلمات قوية لا يمكن أن تقال حسب علي بموسيقى هادئة كأغنية "يا ولدي" للشيخ إمام لأن فيها مضامين لا تقال بشكل طربي وإنما تحتاج إلى قوة ووتيرة صوتية عالية فضلا عن الإيقاع القوي فالكلمات هي التي تقودنا إلى هذه التركيبة الموسيقية.
وتختار جين كلمات أغنياتها من قصائد لشعراء سوريين أو عرب فضلا عن تأليف بعضها أما الألحان فيقوم جميع أعضاء الفرقة كل على حدة بوضع ما يناسب آلته مع اقتراح ما يمكن أن تقوم به الآلات الأخرى وفق ارتجال جماعي يخلص في النهاية إلى جملة لحنية صاخبة.
وعن اختيار هذه الفرقة لنمط موسيقى الروك قال علي عملنا على اقتراح طريق جديد لم تسلكه الأغنية السورية من قبل محاولين أن نعبر بهذا اللون عن ما هو نمطي و تقليدي في الأساليب اللحنية القديمة.
من جهته قال منذر كبة مدير فرقة مرمر.. فرقتنا تركز على الأغاني ذات الطابع الشبابي والتراثي وتقديمها بقالب شبابي جديد بمعنى الاعتماد على الألحان الشعبية وإعادة تلحينها بقالب شبابي ومعاصر جديد يواكب متطلبات الجمهور الشبابي في وقتنا الحاضر بحيث أنه يتم العمل في الفرقة على كتابة أغان شبابية بالعامية السورية مع موسيقى جاز وبوب وروك وسول وراي.
وتقدم هذه الفرقة عدة أنواع موسيقية عالمية فضلا عن أغان باللغة العربية وباللهجة السورية ضمن محاولة لإحياء الأغنية السورية بقالب جديد حيث تعتبر مرمر من أولى الفرق على ساحة الموسيقى المجددة في سورية إذ بدأت مشوارها في مطلع التسعينات مع مجموعة من أكثر الشباب طموحا لخلق موسيقى سورية بعيدا عن المعايير التجارية السائدة وأن تكون في الوقت نفسه منغرسة في حياة الشباب السوري اليوم.
سامر اسماعيل-بديع صنيج
المصدر: سانا
إضافة تعليق جديد