ردود الفعل الغربية على خطاب الأسد
شكّل خطاب الرئيس بشار الأسد الحدث السياسي السوري والاقليمي على حدّ سواء، كما موضوع متابعة من قبل الدول الاوروبية والولايات المتحدة، التي تراوحت مواقفها بين "الاحباط" و "العبرة في التنفيذ" في مشهد يؤكد أنّ المجتمع الدولي لا يعتمد الموجة ذاتها في التعاطي مع الأزمة السورية، إنما ينظر إلى مستقبل الوضع هناك انطلاقا من مصالحه الاستراتيجية التي يبدو أنها بدأت تتضارب في أكثر من محطة مفصلية.
ففي وقت تراوحت فيه ردود فعل الشارع السوري بين حدي الخروج إلى الشارع تعبيرا عن استنكار مضمون الخطاب والمطالبة باسقاط النظام على اعتبار أنّ كلّ ما تضمنه الخطاب من مواقف لا يفي بتطلعات المعارضة التي قسمها الرئيس السوري إلى ثلاثة اجزاء، الاول شعبي يطالب بالحقوق المشروعة، والثاني فهو ما وصفه بجيش الخارجين عن القانون، اما الثالث وهو الاخطر من وجهة نظر النظام فهم التكفيريون في اشارة إلى السلفيين والاخوان المسلمين، في مقابل خروج انصار النظام في تظاهرات تأييد سبقت يوم الوفاء المقرر اليوم الثلاثاء في تأكيد على أنّ الرئيس السوري ما زال يملك الورقة الاقوى، وهي ورقة الجيش اولا واستمرار ولاء العاصمة السياسية والاقتصادية اي دمشق ثانيا، برز التناقض اللافت في ردود الفعل الدولية ففرنسا التي سارعت على لسان وزير خارجيتها إلى الاعتبار بان الرئيس الاسد وصل إلى نقطة اللاعودة، ولاقتها وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون في موقف اشد وطأة في الشكل من حيث وصفها خطاب الاسد بالمحبط من دون أن تقفل الابواب في المضمون من خلال دعوتها الاسد لمحاورة الشعب السوري. غير أنّ الموقف الاميركي الذي جاء متأخرا عن سابقيه تناقض في الشكل والمضمون مع الموقف الاوروبي عموما بحيث اعتبر ان العبرة في الافعال وليس في الاقوال، ما يعني فرصة جديدة للرئيس الاسد لتنفيذ ما وعد به.
الا ان علامة الاستفهام تكمن في حقيقة موقف الرئيس السوري الذي أكد أن لا إصلاحات في ظل الامن المتردي، كما أقفل الأبواب أمام أي حوار محتمل مع الاخوان المسلمين الذين وصفهم بـ"حاملي السلاح " في إشارة واضحة إلى أنّ الاصلاحات ستأتي بعد أن يضع حدا لما وصفه بالمؤامرة وذلك من باب الحرص على مصلحة الدولة العليا بحسب تعبيره، ما يعني أيضاً أنّ الحملة العسكرية السورية لن تتوقف ما دام هناك فريق يشكل خطرا على النظام الحالي.
في الموازاة يكشف زوار العاصمة السورية أنّ الرئيس الاسد يبدو مرتاحا إلى مستقبل الاوضاع، خصوصا بعد أن حسم الاوضاع عسكريا في اكثر من محور لمصلحته، وبالتالي فانه تمكن من استعادة المبادرة الدبلوماسية بعد أن نظم جولة لسفراء الدول الغربية على مناطق القتال، بحيث تبين وفق مصادر هؤلاء أنّ الجيش السوري كان يقاتل تنظيمات مسلحة ومدربة ومجهزة بتقنيات حديثة وليس قمع متظاهرين او محتجين.
وليس بعيداً عن هذا السياق ما زالت المصادر تؤكد أنّ الولايات المتحدة لا تبدو راغبة في اسقاط النظام السوري إنما تطويعه وإرباكه وتقليم اظافره الاقليمية للحصول على تنازلات كبيرة تؤسس إلى الامعان في محاصرة ايران من جهة، وإلى تعبيد الطريق أمام عملية سلام وفق تطلعات واشنطن.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد