إنسان من كل 4 في العالم يعاني من الجوع
المتوقع أن يكون لآخر إجتماع في سلسلة الإجتماعات الإقليمية تأثير علي التسعة والسبعين بلداً من أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي التي ستتلقي معونات من الإتحاد الأوروبي في غضون السنوات الست عشر المقبلة من أول كانون الثاني (يناير) 2008 وحتي عام 2023. وهذا هو السؤال الفعلي الذي يهم الجهات المانحة في الإتحاد الأوروبي قبل أن تفرغ من خزائنها مبلغا قدره 22,7 مليار دولار.
ففي الوقت الذي تجد فيه البلدان الغنية أنها مُحاطةً بطلبات متواصلة علي ميزانياتها المخصصة للمعونات لمواجهة الحالات الطارئة القائمة والجديدة، ولغرض تلبية الإحتياجات الإنمائية طويلة الأجل وليست الإحتياجات الأقل إحراجاً، يتفاوض حالياً صندوق التنمية الأوروبي العاشر بإعتباره الوسيلة التمويلية الرئيسية للتعاون بين الإتحاد الأوروبي والبلدان التسعة والسبعين في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي. غير أن هذه البلدان التي تأمل أن تتلقي المعونات تخضع للضغط المتزايد كي تحقق نتائج ملموسة. وقد أشير الي الإدارة الجيدة بإعتبارها إحدي الحوافز لجذب أموال المانحين ، لكن استثمار الأموال في قطاعات يمكن أن يكون لها التأثير الأكبر، مسألة أخري! وهذا يعني أيضاً في اللغة الحديثة للأمم المتحدة إحراز تقدم بإتجاه الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية والتي ترمي الي الحد من الجوع والفقر والمرض والوفيات بين الأطفال، والي تعزيز التعليم الأولي والمساواة بين الجنسين بحلول التاريخ المحدد في العام 2015، أي بالضبط تسع سنوات من الآن. وتُظهر الدراسات التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة مؤخراً أن في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي هناك شخص واحد من كل أربعة أشخاص من بين أكثر من 850 مليون جائع في العالم.
إنتاجية الافراد
فالجوع له آثاره السلبية القاسية علي إنتاجية الأفراد وعلي معدلات النمو الإقتصادي للبلدان، حيث أن نحو 95 في المائة من شعوب البلدان المذكورة يعيشون في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبري. ولو تم القضاء علي الجوع في جنوب الصحراء الكبري الأفريقية ، لكان نحو 1960 دخلاً من مداخيل الأفراد ، علي سبيل المثال، في هذه المنطقة الشاسعة، أعلي بأربع مرات مما هو عليه في الوقت الحاضر. وما تزال الزراعة تمثل النشاط الرئيسي لسكان الريف في البلدان النامية رغم التقدم الهام في تنويع موارد الدخل في المناطق الريفية. ففي دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة مؤخراً شملت ثلاثة أقاليم من دول العالم النامي، وُجد أن 84 في المائة من الأسر الريفية يعملون في قطاع الزراعة أو في أعمال ذات صلة بهذا القطاع، بنسبة تصل الي أكثر من 99 في المائة في بعض البلدان. ويترتب عن نقص التمويلات الكافية لقطاع الزراعة والبنية التحتية الريفية لتلبية الإحتياجات الغذائية للسكان كافة، أثار خطيرة قصيرة وطويلة الأجل سواءً كان ذلك علي النمو الإقتصادي أو علي صحة الإنسان ورخائه. وتأكيدا لهذا الواقع، وافق البرنامج الشامل للتنمية الزراعية لأفريقيا الذي تبناه الاتحاد الأفريقي في مابوتو (موزمبيق) في حزيران (يونيو) من عام 2004في نطاق المبادرة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد)، وافق بصورة جلية علي ضرورة زيادة الإستثمارات في قطاع الزراعة علي الأقل بنسبة تصل الي 10 في المائة من الميزانية القطرية بما يحقق تخفيضات فعلية في ظاهرتي الجوع والفقر وكوسيلة لتحفيز المجالات الإقتصادية التي تفضي الي إستحداث فرص العمل. ومما يذكر أن إتفاقية كوتونو التي تم التوقيع عليها في حزيران (يونيو) 2000 بين الإتحاد الأوروبي وبلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي كانت قد وضعت في وقت سابق ، قاعدة جديدة للتعاون الإنمائي الإقتصادي بهدف القضاء علي الفقر وذلك من خلال التنمية الإقتصادية لبلدان أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي وتكاملها المتوقع في الإقتصاد العالمي. وتُقر هذه الإتفاقية أيضاً الدور الحيوي لقطاع الزراعة في الحد من الجوع وفي تعزيز الأمن الغذائي وكقوة دافعة رئيسية تدعم التنمية الإقتصادية في البلدان النامية . ويتعين أيضاً علي البلدان في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي من خارج الإتحاد الأفريقي، الإتفاق علي زيادة الإستثمارات في قطاع الزراعة. ففي الوقت الحاضر تخصص معظم الإستراتيجيات التنموية القطرية أقل بكثير من 10 في المائة من الميزانية القطرية لقطاع الزراعة رغم قدرة القطاع المؤكدة علي الحد من الجوع وتوليد فرص العمل وزيادة الدخل. وربما تُشكل الموارد المائية إحدي المدخلات الزراعية الحرجة التي ستستفيد بصورة جوهرية من زيادة الإستثمارات . فمن الناحية النموذجية تستخدم نحو 70 في المائة من المياه العذبة لأغراض الزراعة وبأكثر من 89 في المائة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري. وبموجب إتفاقية كوتونو فأن صندوق التنمية الأوروبي يمثل برنامجاً يضم 500 مليون يورو لمساعدة البلدان في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي علي إدارة الموارد المائية إدارة متكاملة. وقد يتحول هذا الصندوق الي مفتاح لزيادة التنمية الزراعية في البلدان في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي، ويحسن سبل المعيشة ويحد من الجوع في البلدان التي سادت فيها هذه الظاهرة لفترة طويلة جداً. وتشير الدراسات الخاصة بمنظمة الأغذية والزراعة الي أن تحسين إدارة الموارد المائية لاسيما في مجال زيادة الري من شأنه أن يؤدي الي خفض سريع لمعدلات للجوع وتحسين مستويات المعيشة وذلك من خلال إستحداث فرص العمل في المناطق الريفية حيث تعيش الغالبية العظمي من الجياع والفقراء. وحين يتعلق الأمر بالتنمية الزراعية علي سبيل المثال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري حيث تمتاز هذه الأرض بإمكانيات هائلة ، فإن هذه المنطقة تعاني الجفاف والفيضانات بصورة متكررة ولا تستغل إلاّ 2,8 في المائة من الموارد المائية المُتيسرة لديها في حين يقابل ذلك 21 في المائة في آسيا. فجنوب الصحراء الكبري الأفريقية لا تروي إلاّ أربعة في المائة من أراضيها الصالحة للزراعة مقابل 13 في المائة في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي و38 في المائة في آسيا.
الاوروبي ومبادرات التنمية
وبينما يعقد ممثلوا الإتحاد الأوروبي إجتماعهم الأخير ضمن سلسلة الندوات الإقليمية مع البلدان الأعضاء من أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي للتفاوض علي صندوق التنمية الأوروبي العاشر في سانتو دومونيكو هذا الأسبوع، تدعو منظمة الأغذية والزراعة تلك البلدان التي لم تقم بذلك بعد، للسير علي النهج الرئيسي لمبادرة (نيباد) وتزيد الإستثمارات في قطاع الزراعة، حيث أن تعجيل النمو الزراعي إنما هو المفتاح للحد من الفقر، والي تحسين النمو الإقتصادي إجمالاً في الوقت نفسه. ومن خلال هذا الموقف يبعث ممثلوا البلدان في أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادي رسالة جلية لا لبس فيها الي مجتمع المانحين أن يعتمدوا أولويات الإستثمار بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة طويلة الأجل.
تيسفاي تيكلي
مدير عام مساعد في فاو
إضافة تعليق جديد