ونستون تشرشل حائز «نوبل للآداب».. شاعراً
بعد ما يقارب خمسين سنة على رحيله، لا يزال ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، يثير التعجب كما المفاجآت، التي تدفع الجميع إلى التساؤل فعلا حول «ألغاز» هذا الرجل وما كان يمثله من وجوه متعددة. الجميع على علم بالطبع، بالعديد من أوجهه المتعددة هذه. هناك مثلا تشرشل الضابط، وتشرشل المراسل الحربي الذي كتب في الكثير من الصحف، وهناك تشرشل الرجل السياسي ورئيس الوزراء وبطل الحرب العالمية الثانية، هناك أيضا المؤرخ وكاتب السير الذاتية والفنان الرسام. ومنذ أيام تمّ اكتشاف وجه جديد له، هو تشرشل الشاعر.
«بطل هذا الاكتشاف» الجديد، روي ديفيدس، وهو بائع مخطوطات قديمة متقاعد في «أوكسفورد شاير»، إذ كشف أن قصيدة ـ تحية كان كتبها تشرشل في تمجيد الإمبراطورية البريطانية، وتحمل عنوان «أوامرنا الحديثة». ووفق الخبراء، تعود هذه القصيدة إلى عام 1899 أو 1900، أي إلى الفترة التي كان فيها تشرشل ضابط صف في الفيلق الرابع، وكان في السادسة والعشرين من العمر. وما يثبت هذه النظرية أن القصيدة مكتوبة على أوراق رسمية تحمل شعار الفيلق الذي كان ينتمي إليه.
القصيدة، وفق المعلومات التي أعطيت عنها تقع في أربعين بيتا، وجاءت موزعة على أربعة مقاطع، كل مقطع من عشرة أبيات، إلا أنه لم ينشر منها بعد سوى المقطعين الأولين اللذين يقولان:
1
«تسقط العتمة على طول النهر
تلمع المنارات فوق البحر
صمت باخرة جبارة
تعلن عن الضوضاء القادمة.
طاولات وليمة المساء
موزعة بين الآلات الضخمة
وبهذا الفخر ينتشر السؤال
بين الملاحين والبحارة
هنا يتنفس الرجل الذي يخشى الموت
من أجل انكلترا، والبيت والواي هاي واي».
2
يسير الأميرال بتمهل على الجسر
روحه التي تتأهب عند حدث مفاجئ
لكن قبل أن تندلع المعركة يفكر
بكلمات قد تساعد الإنسانية في احتياجاتها
كلمات قد توحي للبحارة
بآمال أعلى من كل
الشرائع الأرضية
وتضيف إلى العمل القاسي والثقيل
شرف أن يكون المرء
ضحية قضية».
لم يكشف لغاية الآن عن المقطعين الآخرين من القصيدة، بل أعلن أنهما سينشران خلال عملية بيع المزاد العلني الذي سيقام يوم 10 نيسان المقبل في صالة بيع بوهنام، وبالإضافة إلى القصيدة، هناك 150 مخطوطة أخرى لديفيدس سيتم عرضها للبيع أيضا.
من المعروف أن علاقة تشرشل بالشعر لم تكن علاقة عابرة، وهي ليست خفيّة على أحد، إذ سبق لرئيس الوزراء البريطاني أن ألقى قصيدة أمام الرئيس الأميركي روزفلت وهما متجهان إلى مؤتمر كازابلانكا، كذلك فاز بجائزة «هارو سكول» في الالقاء الشعري بعد أن ألقى قصيدة، من الذاكرة، للشاعر توماس ماكولاي تقع في 1220 بيتاً (ليس بالقليل، أليس كذلك).
لكن الاهتمام بالشعر، ليس معناه الموهبة في الكتابة الشعرية، حتى أن روي ديفيدس يعترف بأن القصيدة أقل من الوسط، بينما كان الشاعر أندرو موشن أكثر حدة حين قال: «لا ترجموه أبدا: كان صغيرا بعد، ولم يكن على بينة مما كان يفعله. ومثلما اعترف بنفسه لم يدع تشرشل يوما انه سيكون كاتبا معترفا به، حتى يوم تسلمه جائزة نوبل للآداب العام 1953، تفاجأ بالأمر وقال: لم أكن أعرف أنني أكتب بطريقة جيدة».
في أي حال، أن تكون سياسيا محنكا، ليس معناه أن تكون شاعرا جيدا. أليس كذلك يا سيد تشرشل؟
إسكندر حبش
([) عن «لونوفيل أوبسرفاتور»
إضافة تعليق جديد