إطلالة الإخوان على مصر والعالم شوهت صورتهم
انتظر الإخوان المسلمون 80 عاما للوصول إلى سدة الحكم في مصر، وشغلوا القصر الرئاسي سنة واحدة، فهل كانت هذه السنة كافية لاستنفاد كل طاقة الإخوان؟ ولماذا غامروا بالرئاسة وبكل ما لديهم، بما في ذلك كيانهم ومشروعهم؟ وقد حذّرهم خيرت الشاطر نائب رئيس المرشد "إذا سقط محمد مرسي لن يصل الإخوان المسلمون إلى السلطة ولو بعد خمسين سنة"، لكنهم وقفوا في وجه الشعب المصري الذي افترش الميادين مرددا "إرحل"، وفي وجه الجيش المصري الذي تبنّى صراحة مطالب الشعب ملوحا بخريطة طريق لإخراج مصر من أزمة خانقة سببتها سياسة "الأخونة".
اعتبر الكاتب جهاد الزين في حديث خاص لموقع"روسيا اليوم" أن ما جرى في مصر هو مؤشر قوي يدل على بداية العد العكسي بالنسبة للمشروع الإسلامي، وأن شعار "الإسلام هو الحل" الذي حملته حركات الإخوان المسلمين انطلاقا من مصر قد تحطم، واليوم يخرج ملايين المسلمين، وليس في مصر وحدها، يعلنون أنهم لا يريدون دولة دينية ويفصلون بين الإسلام ومصير الحركات الأصولية الإسلامية.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي سمير منصور في حديث ايضا لموقعنا ، اعتبر أنه من المؤسف بعد عشرات السنين من الحكم العسكري والدكتاتوري في مراحل معينة في مصر، وبعد وصول رئيس منتخب إلى السلطة بانتخابات شرعية هي عمل حضاري راق وقمة في الديمقراطية، من المؤسف أن يحدث ما حدث، لكن من يتحدث عن الديمقراطية لا يعترف بالانتخابات إذا لم تعجبه نتائجها على المستوى السياسي أو النهج المتبع في الحكم.
لم يكن الإخوان المسلمون وحدهم من شارك في الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، فثورة مصر الشعبية كانت على جانب كبير من الرقي في تعاطي الجيش مع الشعب وتعاطي فئات الشعب مع بعضها. والخطأ الذي ارتكبه الإخوان بتقدير الكاتب أنهم لم يستوعبوا الآخر الذي كان منافسا لهم في الانتخابات، وكان بمستطاع الرئيس مرسي أن يتعاون مع منافسيه من الطاقات والكفاءات المحلية وذات الطابع العربي والدولي مثل البرادعي وموسى.
كما أن إطلالة الإخوان على الشعب المصري والعربي وعلى العالم، حسب الكاتب، لم تكن مدروسة. وكانت هناك بعض الحركات التي من شأنها ليس فقط تشويه صورة الإخوان في الحكم، بل وصورة الإسلام. فلم تكن هناك مرونة وتأن لإطلالات مدروسة بقدر حجم الفرصة التي سنحت للإخوان المسلمين.
وحول تدخل الجيش نفى منصور بصورة قاطعة إمكانية تصرف السيسي بصورة مستقلة دون ضوء أخضر من واشنطن، منوها بأن السياسة الأمريكية في العالم تشبه في كثير من الأحيان عمليات البيع والشراء، وتتسم بالربح والخسارة، وعبر عن اعتقاده بأن الأمريكيين لم يقرروا فقط رفع الغطاء عن الإخوان بل قرروا مواجهتهم وساهموا في إسقاطهم.
وقال إن ما جرى في مصر يأتي ضمن مناخ جديد تعمل الولايات المتحدة على فرضه بدءا من قطر ووصولا إلى مصر، مرورا بمحطات كثيرة صغيرة وكبيرة بتداعيات المتغيرات التي تحصل بعمل مباشر من قبل الولايات المتحدة.
وأشار إلى استهداف العالم العربي والإسلامي منذ 11 سبتمبر بحرب تشارك فيها إسرائيل. وقال إن تفجيرات 11 سبتمبر قسمت العالم فسطاطين، حسب تعبير أسامة بن لادن، بشكل طائفي وغرائزي وفئوي وعنصري.
ويرى سمير منصور في الصور الكاريكاتورية على صفحات التواصل الاجتماعي والتي تضع سرير مرسي إلى جانب سرير مبارك انعكاسا للمناخ الحالي الذي يعيشه الشعب المصري، الأمر الذي يجب ألا يعيق أداء الفريق الجديد الذي استلم الحكم من خلال شخصية مرموقة تشكل حلا وسطا بين الإخوان والعسكر. لكن ربما لا يكون هذا المشهد بعيدا عن الواقع في حال فتح الملفات القديمة.
المصدر: روسيا اليوم
إضافة تعليق جديد