رسالة من مغتربة سورية
مع بداية الاحداث في سوريا كثير من شباب و شابات البلد غادروها على أمل العودة القريب. منهم من غادرها لاكمال دراسته, ومنهم للعمل وكسب قوت العيش من اجل عائلته التي اصبح جزء منها معه والباقي مازال في البلد, والقسم الاخر الذي خرج من البلد للحصول على بعض من الاما ن الذي افتقده في منطقته وفي بيته الذي كان.
مهما كانت دوافع الخروج من البلد, فإن ألمهم واحد وشوقهم يجمعهم. ومن المؤكد أن ألم هؤلاء الدين خرجوا لا يقارن مع الذين مازالوا في البلد والذين هم الابطال الحقيقيون. يصارعون الموت لحظة بلحظة , لا يعلم أحدهم إن خرج هل سيعود أم لا, لا يعلم ان وضع رأسه على وسادته هل سيستيقظ وفوقه سقف أم لا؟!
لكن صدقوني نحن الذبن خرجنا نصارع الموت من نوع اخر, الألم بعتصر قلوبنا كل لحظة, القلق, الحيرة, الضياع, رؤية الشفقة في عيون الاخرين على ما يحصل في بلدنا كل هذا يلوعنا ويعتصر قلوبنا. أعلم أنه لا يحق لنا ان نشتكي لكن دعوني أقول لكم على مانشعر به.
في كل صباح نستيقظ مع فنجان القهوة على صوت فيروز الجميل الذي يعود بنا الى ذكرباتنا الجميلة والحميمة . نعمل في أي شئ من أجل أن ننسى الواقع المرير في بلادنا. نقبل بأي عمل كان, حتى لو يكن بمستوى دراستنا الجامعية فقط من أجل كسب قوت العيش وتناسي واقعنا. وبالرغم من ذلك كله, فإن قسم كبير منا ليس لديه عمل مما سبب في ضياع كثير من طوحاتنا كما طموحاتكم ضاعت أيضا يا أبناء بلدي.
ارجوكم يا شباب بلدي, لا تعتقدوا أننا نحن من في الخارج فرحون وإن رأيتم الابتسامة على وجوهنا, فإننا نحاول فقط أن نعيش أيضا. على رأس كل ساعة نفتح الأخبار من اجل الاطلاع على أحدث المجريات وعندها ندخل في حالة من التوتر والقلق والاحباط, لكن عندما نسمع صوتكم تعلم أنه مازال بوجد أمل للحياة والعودة. في بعض الأحيان نجتمع مع بعض من أبناء بلدنا, فتجدنا نسأل بلهفة عن أخبار كل من نعرفهم في البلد, عن البلد, علنا نخبر بعضنا بشئ يعطينا جرعة من الأمل على أن الأوضاع ليست كما نراها على التلفاز و الانترنت.
أصبحنا أشخاص بلا ذكريات, نسير في شوارع البلدان الغريبة من دون أن شعر بشئ اتجاهها, من دون أن نستطيع أن نشم رائحة الجدران كما كنا نفعل في الشام القديمة, حلب القديمة, حمص القديمة وفي كل حي من أحياء سورية. هنا لا يوجد شئ يعنينا ولا ذكريات جميلة تذكرنا بأشخاص نحبهم. لا نستطيع أن نسمع كلمات نزار قباني من بين الجدران مخاطبا دمشق
أبناء بلدي, أعلم انكم ربما تلوموا من منا في الخارج, لكن أرجوكم لا تكونوا بهذه القسوة, لأننا نموت مثلكم لكن من نوع اخر. منذ أيام التقيت إحدى الصديقات التي أكملت دراستها الجامعية في الخارج وكانت دوما تتذمر من أن بلادنا بحاجة الى الكثير لصبح متقدمة. لكن هذه المرة عندما التقيتها كانت شخصا اخر, قالت لي" مشتاقة لبلدنا, بتمنى أني ارجع عبلدنا لانو مالنا شي هون نحنا ضايعين هون". عندها أدركت أنه لا يوجد شئ يعوض عن الأم مهما طال الزمان والبعاد ومهما كانت القسوة سوريا أمنا جميعا.ً
ياسمين الشام: بريد الجمل
التعليقات
يعني بالزور يجب أن تقتنع أن
إضافة تعليق جديد