«باب الحارة» جنازات تليق بنجومه
سنصدق من الآن فصاعداً أن طبيعة العلاقات التي تتحكم ببعض الانتاج الدرامي السوري تدعو للأسف، خصوصاً أنها لا تصب في مصلحة هذه الدراما التي ما إن تثبت أقدامها في مواقع متقدمة حتى تغادر الى مواقع أخرى ثم تخسرها، وأحياناً بذريعة تعرضها لـ «مؤامرة» كما يحلو لبعض القائمين على صناعتها القول كلما «دق الكوز بالجرة»...
الآن يدور في الأوساط الدرامية السورية أن المخرج بسام الملا «المسؤول» عن مسلسل «باب الحارة» بجزءيه الأول والثاني، الذي يستعد لإخراج الجزء الثالث، سيستبعد نجم الجزء الثاني الممثل عباس النوري (أدى دور الحلاق والطبيب أبو عصام).
ويبدو أن خلافاً حاداً نشب بين الاثنين قد يكون – كما رشح عن «أبو عصام» – بسبب مشاركته في مسلسل «أولاد القيمرية»، وهو المسلسل الشامي الذي يقف على الخريطة الدرامية ذاتها. وقد يكون هذا ما أثار حفيظة المخرج بحسب الأوساط ذاتها.
لسنا في صدد تناول المسلسل المذكور من باب نقد أسباب نجاحه أو تشريحها، فهذا موضوع آخر، خصوصاً أن الكثير قد قيل من باب التهليل، ومن باب الاستخفاف. لكن أن يتحول بعض الدراما السورية إلى ساحة لتصفية حسابات شخصية، فإن هذا يلحق أبلغ الضرر بها، ويؤكد أن العقلية الشللية هي ما يتحكم في معظم انتاجاتها. هذا يؤدي بدوره الى الترويج لنظرية «المؤامرة الخارجية» التي تتعرض لها الدراما السورية. لكن المهم هنا ان خريطة الدراما عندنا تتوضح الآن بعد أكثر من عقد ونصف العقد على رواجها، لتكشف انها لم تكن مشروعاً جماعياً كما صور بعضهم. فلو كانت كذلك لبدا التنسيق بين «أولاد القيمرية» و «باب الحارة» جلياً، خصوصاً أن أبو عصام كان نجم الجزء الثاني بامتياز، ولم يتوقف طوال الفترة الماضية عن الترويج مع «العكيد» أبو شهاب للجزء الثالث عبر كثير من الفضائيات العربية.
وقد يكون صحيحاً أن نجم الجزء الأول (الادعشري) - لعب دوره النجم بسام كوسا - قد انتهت مشاركته قصداً عبر تلفيق قصة موته لأسباب لم تتوضح حتى الآن. هو بذلك وجد باباً مريحاً للتملص من الاستمرارية بالطريقة ذاتها في جزء ثان. ولكن في المقابل يبدو أبو عصام على حق عندما يبدي استغرابه وهو يحاول أن يقف على أسباب استبعاده، خصوصاً أن كل المعطيات من حوله تؤكد كما جاء في بداية الحلقة الأولى من الجزء الثالث أن جنازته لم تكن الا للانتهاء من دوره بعد أن رأى المخرج الملا أن مشاركته في مسلسل آخر قد تضر بمشروعه الشامي. بهذا المعنى، فإن «باب الحارة» إن استمر بأجزاء متعددة، قد يتحول إلى بوابة لإعداد جنازات «تليق» بنجومه، وهذا لا يليق بدراما حققت نجاحات مهمة. لا يليق بها أن تصل إلى نهايات لم تعد تعنى بالنص الدرامي المكتوب، بمقدار ما تعنى بالمصالح الشخصية مع أن ما أنجز ليس قليلاً.
فجر يعقوب
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد