«ليس سراباً»: فسيفساء مجتمع متنوّع.. من دون ماكياج

17-09-2008

«ليس سراباً»: فسيفساء مجتمع متنوّع.. من دون ماكياج

يلتقط مسلسل »ليس سراباً« للمخرج المثنى صبح والكاتب فادي قوشقجي حكاياته، من منطقة يتقاطع فيها جيران مسيحيون وإسلام، بنسيج مجتمع واحد، هو متناقض حيناً، ومتآلف في كثير من الأحيان.. لكنه في النهاية تعبيرٌ عن فسيفساء مجتمعنا المعيش دون مكياج. من »ليس سراباً«.
لا يبدو »ليس سراباً« مأخوذاً بفكرة النبش في تناقض الأديان وحواراتها، فهو يتناولها من الجانب الأكثر حميمية في الحياة: الحب.
وفي التفاصيل، يلاحق المسلسل بشكل متواز طبيعة الحياة اليومية في المجتمعين المسيحي والإسلامي ـ إن صحَّ التقسيم على هذا النحو ـ وبشكل متوازٍ يتناول إشكالية »نحن وهم«، التي تحكم فسيفساء العلاقة بين الطرفين، وهو يقدّم المتدينين من كلا الطرفين بشكل متواز أيضاً. وفي المسلسل، تدخل الكاميرا الكنيسة كما تدخل الجامع، وتستمع لرأي المسلم كما تستمع لرأي المسيحي... وفي ذلك كله، طرحٌ جديد على الدراما؛ إذ لطالما ارتفعت أصوات تشكو من الرؤية الدرامية التي تقدّم المجتمع السوري بلون واحد.
إذاً المسلسل لا يدعي رسالة تبشيرية، ولا يقدّم الأديان من باب العقيدة، ولا يسعى لتقديم فكرة عن التسامح الديني؛ إنما هو يسعى لتناول المجتمع، كما هو، الدين جزء منه، ولكن ليس شغله الشاغل. وفي هذا المجتمع، سيلاحق »ليس سراباً« قصصاً أخرى عن الفساد، وصراع الصحافة معها، كما سيقدّم عالم المثقفين من الجانب الإنساني والأدبي..
الطرحُ الجديد والجدي لمسلسل »ليس سراباً«، ترافقَ مع خطوة واسعة يتقدّم بها المخرج المثنى صبح، نحو الصف الأول في مدرسة الإخراج السوري. وبمقدار ما يبدو صبح مخلصاً لمبادئ مدرسة (هيثم حقي ـ حاتم علي) الإخراجية، يُبدي نزوعاً لتقديم ما يخصّه في كلّ مسلسل يقدّمه.
في »ليس سراباً«، يعمل المثنى بإيقاع سريع، وينطلق من فهم واضح لمعاصرة مسلسله؛ فيلاحق تفاصيل الحياة اليومية، ويقارب كثيراً بين الزمن الواقعي والزمن الفني لأحداث مسلسله؛ فنجده يتجاوز القفزة الزمنية لأحداث المسلسل، بتقطيع سريع على مشاهد حياة يومية لأبطال مسلسله، على نحو يقدّم لنا بانوراما حياة كاملة بأقل من ٣٠ ثانية. وهو بذلك، ينجح، على نحو كبير، في توظيف شبه متكافئ في العلاقة بين الزمن الفني والزمن الواقعي لأحداث المسلسل.
يشتغل المثنى على تفاصيل الحياة اليومية، ويبحث عن حلول إخراجية تمنحُ أحداث مسلسله المزيد من الواقعية، فيعمد ـ على سبيل المثال ـ إلى اختيار المطبخ ـ موائد الطعام.. كأمكنة محتملة لتصوير عدد من أحداث المسلسل وحواراته. ولكننا هنا، نأخذ على المثنى إسرافه في استخدام هذه الأماكن، وقد بات مطلوباً منه الآن البدء بالبحث عن معادل موضوعي لها، يحقّق رغبة المثنى في واقعية الأحداث، دون أن يحصرها في فراغ واحد.
في »ليس سراباً«، ثمة طاقة تمثيلية عالية للفنانين الرجال؛ ربما لأنَّ أدوارهم، شكلت الحوامل الأساسية لعدد من أفكار المسلسل. وقد بدا لافتاً أداء الفنانين عباس النوري وسلوم حداد وخالد تاجا وعلي كريم، في حين بدا حضور الفنانات التمثيلي أقل، مع الإشارة إلى أداء لافت للفنانة الشابة رنا شميس.
تعرضه قناة »شام« عند ١٩،٣٠ و»الدنيا« عند١٤،٠٠ و»الفضائية السورية« عند ٢١،٠٠ بتوقيت بيروت

ماهر منصور

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...