«يوميات عربي»: دراما للمنابر واللافتات فقط
لا يمكن الجزم دائماً بمقــدار الدراما التي تنطوي عليها القضايا السياسية الكبرى، لكن الثابت أن الكثير من هذه الدراما لا يصلح لأن يكون مشـهداً تلفزيونياً في مسلسل درامي ما لم يخضع لشروط فنية وإنــتاجية واضــحة، وبدون هذه الشروط يبقى في إطار الشــعارات التي لا تصلح إلا للمنابر الخــطابية ولافتات التظاهرات ونشــرات الأخبار. هذا هو بالضــبط حال السلــسلة الدرامية «يوميات عربي» التــي تبثها قناة «المنار» من الجمعة إلى الاثنين أسبوعياً: حوارات درامية تتناول قضايا عربية كبرى، تصلح لأي شيء إلا لمسلسل درامي.
تبدو الشعاراتية وتجييش المشاعر صفتي المسلسل عموماً، بدءاً من العنوان «يوميات عربي» الذي يحيلنا بدوره إلى تصورات مسبقة عن مضمون العمل، لكن المضمون يأتي بخطاب درامي يصلح لعقد السبعينيات من القرن الماضي، فترة النهوض الثوري. في تلك الفترة، كان الفنان دريد لحام يلهب أكف مشاهدي مسرحية «كاسك يا وطن» تصفيقاً وهو يخاطب والده الشهيد بأنه لا ينقصنا في الوطن العربي إلا شوية كرامة، وهي لحظة ألهمت مخيلة كتّاب «يوميات عربي» على ما يبدو، فخرجوا علينا بلوحات لا تبتعد كثيراً عن ذلك المشهد في «كاسك يا وطن»، ولكنهم نسوا أن يٍسألوا أنفسهم ما إذا كانت عبارة النجم دريد لحام السابقة ما زالت قادرة على أن تلهب أكف الناس اليوم إذا ما استعملت بالطريقة نفسها. وعما إذا لا يزال تناول القضايا السياسية الكبرى ذات الهم العربي المشترك، بهذه الطريقة، يصلح موضوعاً ليلهب الأفئدة ويجيِّش المشاعر!
النص في «يوميات عربي» هو أشبه بنشرة أخبار، وفي أحسن أحواله لا يخرج عن إطار حوارات العامة حول القضايا السياسية والاجتماعية، التي تفتقر بالطبع إلى الحبكة الدرامية المفترضة لعمل درامي، إلا إذا كان كتاب العمل يعتقدون أن المفارقة في الحال العربي اليوم تكفي لتصنع دراما!
أما الإخراج، فيبدو أسير الشعارات التي تلقي بظلالها عليه، فيأتي باقتراحات درامية محدودة لنصوصه، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. فوجود الطاولة ووضع اثنين من الممثلين حولها، يتجاذبان أطراف الحديث عن قضية ما، هو الشكل العام، تقريباً، لعدد كبير من اللوحات في العمل، وفي أحسن الأحوال سيقف الممثلان ليتحاورا. وحين تتحرك الكاميرا فهي تنتقل ضمن خطوات محددة (عامة، ثم «كلوز أب» ضيق على وجه واحد من الممثلين، ثم على الممثل الثاني) ربما يكون مرد ضيق الحلول الى ضيق النصوص نفسها التي ربما تصلح لدراما إذاعية بامتياز، حيث تغيب الصورة ويبقى الحوار وانفعالات الممثلين هما الحامل الأساس للعمل.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد