أسواق العالم تتخطى الذعر ... نحو الهاوية!
تجاوزت أسواق العالم حالة الذعر باتجاه ما هو أسوأ، مسجلة تراجعا يعكس التعريف غير الرسمي للانهيار، أي هبوط أسعار الأسهم بأكثر من ٢٠ في المئة في غضون أيام، ما أثار مقارنات مع أزمتي العامين ١٩٢٩ و.١٩٨٧
فمن »وول ستريت« إلى بورصات آسيا، مروراً بأوروبا، لم تتفاعل الأسواق المالية مع دعوات التهدئة التي أطلقتها أكثر من حكومة، ولا مع عمليات ضخ السيولة التي سلكتها العديد من المصارف المركزية، في وقت تبدو سلسلة اللقاءات التي تستضيفها العاصمتان الأميركية والفرنسية لبحث الأزمة، عاجزة عن أن تحوّل الانزلاق نحو الركود العالمي عن مساره.
حتى الرئيس الأميركي جورج بوش استنفد كل تطميناته، فما إن خرج بخطاب دعا فيه إلى »استبعاد انعدام الثقة والخوف«، حتى تراجعت بورصة »وول ستريت« بشكل ملحوظ، حيث انخفض مؤشر »داو جونز« ٥٠٢,١٨ نقطة ليصل إلى ٨٠٧٧ نقطة، ومؤشر »ناسداك« ٩٦,٠٤ نقطة ليصل إلى ١٥٤٣,٠٨ نقطة، فيما تراجع مؤشر »ستاندارد أند بورز« بنسبة ٦,٨٨ في المئة، في عمليات تداول شهدت تقلبات حادة.
وكان بوش قد أكد في خطابه أنّ السلطات الأميركية لديها كل الأدوات للتصدي لهذه الأزمة، مشيرا إلى أن »الخطة التي نتبعها جذرية. إنها
الخطة المطلوبة. لكن تأثيرها الكامل سيستغرق وقتا، فهي مرنة بما فيه الكفاية لتتكيف مع تغييرات الوضع، وهي ضخمة بما فيه الكفاية لتحقق نجاحا«.
واكتفى المسؤولون الماليون في مجموعة الدول السبعة، بعد اجتماعهم في واشنطن، ببيان أكدوا فيه التزامهم وضع خطة مشتركة لمواجهة الأزمة. وجاء في بيان المجموعة أنه تمّ الاتفاق على »اتخاذ خطوات حاسمة واستخدام كل الوسائل المتاحة لدعم المؤسسات المالية المهمة بشكل منهجي، وتفادي فشلها«، إضافة إلى العمل على »عدم تجميد أسواق المال والائتمان، وضمان حصول المصارف والمؤسسات المالية الأخرى على السيولة والأموال«.
ويأتي ذلك، في وقت تراجعت فيه الأسهم الأوروبية وسط عمليات بيع واسعة من جانب المستثمرين، لا سيما في الشركات المالية، في ظل مخاوف من أن جهود الحكومات والمصارف المركزية لإنعاش الأسواق، قد لا تحول دون ركود اقتصادي.
وخسر مؤشر »يوروفرست« لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى ٧,٨ في المئة ليغلق عند ٨٤٩,٢٩ نقطة، وهو أدنى مستوى إقفال له منذ العام .٢٠٠٣ وأوضح المحلل الاقتصادي لدى مؤسسة »فورتيس« للاستثمارات يون فان أنّ »المستويات المنخفضة الجديدة التي شهدناها في أسواق الأسهم هذا الأسبوع هي نتاج عمليات بيع يحركها الذعر«، فيما قال مدير التسويق في شركة »سفن انفستمنت ماناجمانت« جاستن اوركوهارت ـ سيتوارت »لقد وصلنا مرحلة التسليم، التي تتداخل فيها عاصفة الأزمة المصرفية العالمية وتباطؤ الاقتصاد العالمي بشكل درامي«.
كذلك، هبط مؤشر »داو جونز ستوكس« لأسهم المصارف الأوروبية ١٠,٦ في المئة، مع تراجع »رويال بنك أوف سكوتلاند« أكثر من ٢٠ في المئة، فيما فقد سهما »كريدي سويس« و»دويتشه بنك« أكثر من ١٦ في المئة لكل منهما، فيما تراجعت أسهم شركات التأمين نحو عشرة في المئة.
وفي أنحاء أوروبا تراجع مؤشر »فايننشال تايمز« في بورصة لندن ٨,٥ في المئة، فيما خسر مؤشر »داكس« لأسهم الشركات الألمانية الكبرى في بورصة فرانكفورت ٨,٧ في المئة، في حين هبط مؤشر »كاك ٤٠« في بورصة باريس ٨,٨ في المئة.
وتدخلت المصارف المركزية الأوروبية مجدداً لتجنب المزيد من الخسائر، حيث ضخ المصرف المركزي الأوروبي ١٢٠ مليار دولار من السيولة في الأسواق، فيما تدخل »بنــك أوف انكلترا« و»المــصرف الوطني السويسري« بـ١٠ مليارات دولار لكل منهما.
وفي محاولة لاحتواء ما هو أعظم، أعلن »الاليزيه« أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دعا قادة منطقة اليورو إلى اجتماع في باريس غداً بهدف صياغة خطة عمل مشترك لمعالجة الأزمة، فيما قال رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلوسكوني، في مؤتمر صحافي، إنّ »هناك حديث عن تعليق الأسواق إلى حين إعادة صياغة قواعد التمويل العالمية«. لكنه عاد وأوضح بعد انتهاء المؤتمر أنّ ما طرح »كان مجرد فرضية لم يدرسها أي زعيم ناهيك أن يكون أنا«، فيما سارع البيت الأبيض إلى الإعلان عن أنه »لا توجد أي خطط أو مناقشات للتدخل في عمل الأسواق في الولايات المتحدة«.
وفي آسيا، أنهت بورصة طوكيو تعاملاتها بانهيار جديد، حيث فقد »مؤشر نيكاي« ٨٨١,٠٦ نقطة (٩,٦٢ في المئة)، في ثاني أكبر انهيار منذ أزمة العام ،١٩٨٧ متأثراً بإفلاس شركة »ياماتو لايف« للتأمين، فيما خسرت بورصات هونغ كونغ ٧,٢ في المئة، وشنغهاي ٨,٣ في المئة، وسيدني ٨,٣ في المئة، في حين توقفت التبادلات في بورصة بانكوك نصف ساعة، بعد تجاوز الانهيار عتبه الـ١٠ في المئة.
وعلق محلل مؤسسة »ميسشايرت« غريغوري فولوخين على ذلك بالقول »إنه الذعر المطلق، لا كلمة أخرى تصف الوضع«. أما المحلل اوه هيون سيوك من »سامسونغ سيكوريتيز« فأشار إلى أنّ »الوضع فاق مرحلة الذعر«.
وفيما خسر مؤشر بورصة اسطنبول ٢٤٩٨,٧١ نقطة (٨ في المئة)، أوقفت السلطات المالية الروسية التعاملات في بورصتي »ميسيكس« و»آر تي أس« بسبب »الانهيارات الدراماتيكية في بورصات الأسهم في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة«.
وأعطى مجلس الدوما الروسي موافقته على خطة لاحتواء الأزمة بقيمة ٨٦ مليار دولار، تتضمن توفير ٥٠ مليار دولار من الخزينة العامة للمصارف والمؤسسات المالية التي تحتاج إلى إعادة تمويل ديونها الأجنبية، وتقديم ٣٦,٣١ مليار دولار للمصارف الرئيسية على شكل قروض.
من جهته، أعلن مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس كان أن الخسائر المتوقعة للقطاع المالي العالمي ستصل إلى ١,٤ تريليون دولار، نزف بالفعل منها ٥٠ في المئة حتى اليوم، مشدداً على أنّ »ما يعيد الثقة (في الأسواق) هو تدخل واضح وكامل تقوم به الحكومات، وناتج عن التعاون بين الدول«.
إلى ذلك، واصل سعر النفط تراجعه، حيث انخفضت عقود الخام الأميركي تسعة دولارات إلى ٧٧,٥٩ دولارا للبرميل، في وقت أعلنت وكالة الطاقة الدولية أنّ الأزمة المالية العالمية تركت أثرها العميق على الطلب العالمي على النفط، في الوقت الذي تتأرجح فيه اقتصاديات الدول الصناعية على حافة الركود.
وتوقعت الوكالة أن يقل متوسط الطلب العالمي على النفط بمقدار ٢٤٠ ألف برميل يوميا في عام ،٢٠٠٨ وبمقدار ٤٤٠ ألف برميل بالمقارنة مع تقديرات العام .٢٠٠٩
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد