أمهات "دايت " وخادمات كاملات الدسم

11-12-2006

أمهات "دايت " وخادمات كاملات الدسم

ظاهرة كثرت في مجتمعنا العربي, وفي مجتمعنا السوري, وهي ظاهرة استقدام الخادمات الأجنبيات كالأندونيسيات والسيرلانكيات والفلبينيات وغيرهن. حيث تكلف الخادمة بجميع مهام المنزل إلى جانب رعاية الأطفال وتلبية احتياجاتهم, والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل الخادمة حلّت مكان الأم عند الأطفال؟!‏

* ما أثر ذلك على تكوين شخصية الطفل؟ هل الخادمة هي الحل الوحيد للسيدات العاملات من أجل تأمين أبنائهن؟ أم أصبحت حاجة ماسة للتباهي عند بعض السيدات؟ هل يقع الطفل في أزمة نفسية جرّاء ذلك؟ ما رأي الآباء والأمهات؟ وكيف التعامل السليم مع هذه المسألة؟...‏

للإجابة على هذه التساؤلات أجرينا استطلاعاً التقينا فيه عدداً من الأطفال وبعض الأهالي, وكان للدكتور غريغوار مرشو- دكتوراه دولة في العلوم الإنسانية اختصاصي في التحليل النفسي.رأيه الاختصاصي بالموضوع.‏

سألنا الأطفال الذين لديهم خادمات في منازلهم عن اهتمام الخادمة بهم, وكيف يتعاملون معها وهل يشعرون أنها تعوضهم عن غياب أمهم أحياناً فكانت أجوبتهم:‏

* سارة 10 سنوات أنا سعيدة بوجود خادمة تهتم بي وتكون معي دائماً أثناء غياب أمي وتلبي حاجاتي.‏

*أحمد 9 سنوات الخادمة تلبي لي جميع طلباتي, فهي تجلب لي كأس الماء وأي شيء أطلبه منها, وعندما أطلب شيئاً من أمي تقول لي.. اطلب من سورينا لتحضره لك وأنا مستاء من هذه المسألة.‏

* لارا 7 سنوات الخادمة التي عندنا تأخذني لألعب بالألعاب عندما يكون والداي جالسين في مكان عام, لكني أتشاجر معها كثيراً.‏

* روان 12 سنة أمي هي التي تتولى رعايتنا وتؤمن الطعام لنا والخادمة مقتصر عملها على نظافة المنزل فقط.‏

* رائد 10 سنوات أطلب منها كل شيء وهي تنفذه لي ولكني أتشاجر معها لأنها لا تريد اللعب معي ولا أحب الطعام الذي تحضّره لي.‏

* تمارا 9 سنوات توصلني الخادمة كل يوم صباحاً إلى باص المدرسة وهي تبقى معي في المنزل عندما تذهب أمي وقد اعتدت عليها, ولا يهمني حتى لو تأخرت أمي خارج المنزل.‏

* محمد 6 سنوات تطعمني الخادمة في المطعم فهي تجلس معي على الطاولة بينما والداي يجلسان على طاولة أخرى, لكني لا أحبها.‏

* رامة 8 سنوات أمي تحضّر لنا السندويشات صباحاً قبل الذهاب للمدرسة, أنا وإخوتي, والخادمة توصلنا إلى الباص وعندما نعود تكون أمي قد أعدت الطعام بنفسها, والخادمة قد نظفت البيت.‏

* وعن آراء الآباء والأمهات في وجود الخادمة في المنزل وانعكاسها على أبنائهم حسب رأيهم.‏

* السيدة آمال: وجود الخادمة في المنزل أصبح ضرورياً جداً وخاصة أني امرأة عاملة, وأقضي نصف يومي خارج المنزل فعندما أعود أرى المنزل نظيفاً والأولاد مؤمنة حاجياتهم في فترة غيابي, فيبقى عليّ فقط تحضير الطعام ومن بعدها أتولى رعاية أطفالي, وأحرص أثناء مجالستي معهم أن أعطيهم كل الاهتمام كي أعوضهم عن ساعات غيابي.‏

* السيد (ب-ع): بصراحة وجود الخادمة غيّر نمط الحياة في منزلنا, أصبحت زوجتي غير مبالية في أمور منزلها وغير مهتمة بأولادها, فعندما آتي إلى البيت لا أراها, بل أرى الخادمة هي التي تحضّر لي المائدة للغداء, وهذا طبعاً لا يشعرني بالسعادة كما أنني أقلق على الأولاد لوجودهم معظم الأوقات مع الخادمة ما يدفعني للاتصال بهم بين الحين والآخر للاطمئنان عليهم أثناء وجودي في عملي, وهذا يجعلني قلقاً على نفسية أطفالي مستقبلاً خوفاً من ميولهم للخادمة أكثر من أمهم.‏

* السيدة نور: إن الخادمة تشعرني بالراحة من أعباء المنزل والراحة النفسية أيضاً كوني اجتماعية وأستقبل كثيراً من الضيوف ما يدفعني إلى وجود خادمة تسيّر أمور منزلي أمام ضيوفي ولا أشعر أن هذا الموضوع ينعكس سلباً على أولادي فحاجياتهم مؤمنة على كل حال.‏

* السيد علي: وجود الخادمة عامل مساعد لتخفيف الضغط على سيدة المنزل على ألا يتعدى الأمر إهمال الأهل للأطفال وهذا ما نسعى له جاهدين أنا وزوجتي ونحن متفقان على هذا الموضوع, حيث أننا نتولى رعاية أطفالنا كما يجب كي لا يتعرض الطفل لأزمة نفسية و بالأخص حين ينتهي عقد الخادمة وتعود لبلدها وهو يكون متعلقاً بها.‏

الدكتور غريغوار مرشو دكتوراه دولة بالعلوم الإنسانية - اختصاصي في التحليل النفسي.‏

* إن وجود خادمة أجنبية في المنزل وهي التي تقوم بالاهتمام بالطفل ظاهرة مؤسفة حقاً, فكأننا جلبنا فضاء ثقافياً آخر وعادات مختلفة نجهلها, فالخادمات يأتين و ليس لديهن أي فكرة عن مجتمعنا وواقعنا, ولا يفهمن شيئاً في علم تربية الطفل.‏

فيؤدي ذلك إلى تشبع الطفل بعادات وتقاليد مختلفة عن مجتمعنا فيكون ذلك سبباً رئيسياً في عدم التكيف مع المجتمع المحيط به.‏

إن كثيراً من السيدات لا يعرّفن مسؤوليات الخادمة, فيعتبرنهن نوعاً من التباهي والمفاخرة واستقالة الأم عن دورها التربوي تجاه أولادها إضافة إلى أنه يكرس جانب الأنانية عندها, كما يشعر الطفل بالحنان الخارجي بعيداً عن حنان والديه اللذين يعتبرهما مقصرين معه.‏

فيبقى وجود الأهل فقط للانفاق عليهم أي وجود الأهل متعلق فقط بالجانب المادي, ما يخلق في نفسيته صراعات ويؤدي به إلى شكل من أشكال الفصام الأولي للطفل أي مفصول عن واقعه الاجتماعي.‏

* ما التعامل السليم مع هذه المسألة, وما الحل إذاً برأيك؟‏

** يجب أن يدرك الأهل أولاً سبب مجيء الخادمة, وما الحاجة الأساسية لها, وما دورها في المنزل.‏

ويجب أن يعرف الطفل أن أمه هي التي تقوم بتلبية احتياجاته ويكون المرجع الأساسي له الوالدين كما أنهما مصدر الحنان والعطف له وليس غيرهما.‏

كما يجب على الطفل أن يدرك سبب مجيء الخادمة أي إنها أتت ليس بدلاً من أمه بل لتخدم أمه وتساعدها لتكون متفرغة بشكل أكبر له (الأم طبعاً).‏

وهذه التوعية للطفل في هذا الجانب يجب على الأهل أن يقوموا بها بشكل دائم وألا يغفلوا هذا الجانب أبداً.‏

إذاً الحل: هو أن ندرك أن هذه الظاهرة خطرة جداً على المجتمع وهي ليست مجالاً للتفاخر والتباهي وإنما هي حاجة فقط إذا لزم الأمر.‏


هديل غزال

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...