أيلول شهر الكارثة المالية والمعيشية
اقترب أيلول.. وما أدراك ما أيلول؟ أيلول هذا العام يزداد شراسة عن الأعوام الماضية لما يحمله من هموم للمواطن في بلدنا؛ افتتاح المدارس، رمضان، العيد، التحضير لمؤن الشتاء... كلها أمور حين تخطر في البال تثير تساؤلات عديدة تصب كلها في بوتقة واحدة «المصروف»، فمع اقتراب هذا الشهر تسمع النق يعزف على أكثر من وتر.
- وسط غلاء الأسعار اللاهب، فإن افتتاح المدارس أشبه بكارثة لدى بعض العائلات السورية، إذ إن كل طالب مدرسة، كبر أم صغر، يحتاج إلى ما لا يقل عن 3000 ليرة سورية في شهر أيلول ليدبر أموره بأضعف الإيمان، وماذا لو كانت هذه الـ3000 مضروبة بثلاثة أضعافها في بعض العائلات؟ هذا يعني طبعاً أن الراتب الشهري للبعض قد طار كاملاً، فمثلاً سعر اللباس المدرسي «البدلة» في أدنى حدوده 800 ل.س، الحذاء المدرسي 350 ل.س، الحقيبة 300 ل.س، الدفاتر - إذا افترضنا أن الطالب يحتاج إلى 12 دفتراً سعر كل واحد 15 ل.س، وهذا في أسوأ الأحوال طبعاً– يكون المجموع 180 ل.س، بقية اللوازم «فولار، طاقية، أقلام، علبة هندسة...» 200 ل.س، وملابس وحذاء الرياضة 1000 ل.س، يكون الناتج 2830 ل.س، والأرقام السابقة هي طبعاً الحد الأدنى ليس إلا، فإذا كان راتب الموظف 10000 ل.س ولديه طالبان لا أكثر - شرط أن يكونا دون المرحلة الثانوية، حيث في هذه المرحلة يضاف ثمن الكتب المدرسية - فهذا يعني أنه سيدفع ما يقارب 5700 ل.س من أجل المدارس فقط، ويكمل الشهر «شهر أيلول الحافل» بـ4000 ل.س!!
- فحكاية أخرى، وخاصة أن الكثيرين اضطروا هذا العام للاستغناء عن وجود البازلاء والفول في ثلاجاتهم لكون كل منهما لم يتنازل عن سعر 35 ل.س، وأقله تحتاج العائلة المكونة من خمسة أشخاص لا أكثر إلى تخزين ما يقارب 25 كيلو بازلاء و25 كيلو فول ما يساوي «10 طبخات» من كل صنف أي ما يقارب 1750 ل.س، وهذا في الحد الأدنى أيضاً، إذاً لا بد من تخزين مؤن شهر أيلول لتفادي النقص الحاصل في الأشهر السابقة، فمثلاً عادة ما تخزن العائلات السورية في هذا الشهر الملوخية وسعر الكيلو منها يتراوح بين 60 ل.س و85 ل.س، كذلك البامياء وسعر الكيلو منها بين 120 و150 ل.س، إضافة إلى الفاصولياء التي يتراوح سعر الكيلو بين 55 و75 ل.س، أما المكدوس سيد مؤن شهر أيلول فيكلف الكيلو منه نحو 200 ل.س ولا توجد عائلة في سورية تخزن أقل من 15 كيلو مكدوس.
هذا يعني أن الـ4000 المتبقية من الراتب تحتاج إلى أن نضربها بـ3 لنحل نصف المشكلة، وتطول القائمة وليس أمام الموظف سوى أن يتمنى لو أن راتبه يكتسب صفة المرونة من المطاط ليمط معه إلى آخر الشهر.
- أما رمضان الذي سيحل ضيفاً فوق كل هذا، فحساباته مختلفة عن كل الحسابات، والباعة يزدادون طمعاً مستغلين حاجة المواطن، فترتفع الأسعار بشكل هائل، ورمضان كريم.. وبعد رمضان يحل العيد و«عيد بأي حال عدت يا عيد؟».
قد تبدو الأمور أفضل بالنسبة لعائلات تعتمد أكثر من مورد لتدبير شؤونها ولا يكون راتب رب الأسرة وحيداً في هذه المعركة، إلا أن هذا غير محقق لكثير من عائلاتنا، ومن ثم من المؤكد أنه مع حلول العيد تكون كارثة أيلول قد حلت وفتكت بميزانية المواطن، الأمر الذي سيضطره إلى الإمدادات الخارجية، وعندها ستمتد آثار أيلول أمداً طويلاً، لن يكون من حل أمام المواطن عندها إلا أن يمتلك نفساً أطول بكثير.
بثينة البلخي
المصدر: الوطن السورية
التعليقات
جمعاً إنشاء الله
إضافة تعليق جديد