إذا كان الأستاذ يدخن لم لا نقتدي به؟

15-11-2010

إذا كان الأستاذ يدخن لم لا نقتدي به؟

يشكل التدخين اليوم «ثقافة جديدة» صنعها بعض المراهقين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 سنةً. فبحسب إحصاءات «المؤسسة العامة للتبغ» في سورية، ينفق السوريون 600 مليون دولار سنوياً على التدخين، ويدفع كل مدخن 8 في المئة من دخله السنوي لشراء السجائر يومياً. وبذلك يكون متوسط التكلفة الشهرية هي 30 دولاراً، أي ما يزيد عن حاجاته للمواد الضرورية كالحليب ومشتقاته إضافة إلى الخبز.

في بعض المدارس الحكومية الواقعة في منطقة دمشق القديمة وأحيائها الشعبية يدخن الطلاب ذكوراً وإناثاً في الحمامات وأحياناً في ساحة المدرسة مؤكدين «تجاهل الإدارة الكامل لهم». ويوضح عمر (16 سنة) بعد جدال كلامي مطول، ان «عامل النظافة» هو من يبتاع له السجائر مقابل ضعف السعر بينما يجيب آخر: «إذا كان المدير والأساتذة يدخنون خلال الحصة الدرسية، فلا أرى مشكلة في أن نقتدي بهم».

ويختلف الأمر قليلاً في المدارس الخاصة حيث الحمامات والقاعات الدراسية مزودة أجهزة إنذار ضد التدخين، كما تتصل الإدراة بالأسر المعنية في حال مخالفة أبنائها التعليمات ما يحد من جرأتهم في التدخين داخل الحرم المدرسي. ولكن وبحسب المثل السائد ان «لكل داء دواء» خلص طلبة هذه المدارس إلى حلول بسيطة «ترضي جميع الأطراف»، تبدأ بتسلق المقاعد او المراحيض ليصبح الوجه خارج النافذة، وتنتهي بتغطية أجهزة الإنذار بنوع من القماش القطني ما يمنع وصول الدخان اليها. وتقول راما (17 سنة): «من المؤكد اننا لا نستطيع إخفاء الرائحة تماماً. ولكنهم لا يستطيعون معرفة الفاعل طالما ان الجهاز اللعين لا يصدر أي صوت». بينما تؤكد هبة انها تدخن «في المدرسة فقط. اقتداء بزملائها وتجنباً لسخريتهم».

ويعزو بعض التربويين اسباب انتشار هذه الظاهرة إلى عدم اتخاذ المدارس أي خطوة جادة للحد منها، إضافة إلى إهمال الأهل. ويؤكد هؤلاء ان معظم الشباب في هذا العمر يكون في مرحلة «البحث عن الذات» فيصبح «تقليد الآخر» جزءاً من سلوكه.

وما عزز انتشار ظاهرة التدخين في المدارس وجود «أكشاك» تبيع الدخان بـ «الجملة والمفرق» بمحاذاة المدارس حتى بعد صدور المرسوم التشريعي القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة عام 2009 والذي دخل حيز التنفيذ في بداية شهر نيسان (ابريل) الماضي. ويمنع المرسوم بيع منتجات التبغ بأشكالها للذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، كما يمنع عرضها على رفوف المتاجر وتوزيع منتجاتها في شكل مجاني على الناس أو بيعها في عبوات ذات وحدات قليلة العدد أو مجزأة. ويحظر إنتاج الحلوى والأغذية وألعاب الأطفال المصنعة على شكل منتجات التبغ أو عبواتها. لكن بعض الأكشاك ما زال على حاله. ويقول حسان صاحب كشك في أحد أزقة دمشق القديمة: «أكيد سأعلم بمرور دورية المراقبة قبل وصولها، هذا في حال وجودها أصلاً».

ويشير وسام وهو صاحب محل في شارع عام، إلى التزامه القرار لسهولة وصول «الدورية» إليه، إضافة إلى ان الأمن غالباً ما يرسل شباناً يبدو أنهم أصغر من السن القانونية للإيقاع بالتاجر. ويرى وسام ان المعيار الأخلاقي ضروري في هذه الحالة: «من غير المعقول ان نبيع السجائر لطفل لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، بصرف النظر عن وجود غرامة مالية ام لا».

ويؤكد أحد العاملين في «قسم المكافحة» في «المؤسسة العامة للتبغ» وجود دوريات مراقبة تعمل في شكل منتظم، وتتوزع على جميع المناطق في دمشق. ويضيف: «تبدأ المخالفة بدفع مبلغ 100 دولار مع تعهد خطي بعدم تكرارها. وتصل إلى إغلاق المحل بالكامل».

يذكر أن تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2008 صنف سورية في المرتبة الأولى عربياً في نسبة المدخنين الشباب والتي تبلغ 20 في المئة. بينما تقدر مصادر غير رسمية هذه النسبة بـ 40 في المئة مع غياب الإحصاءات الرسمية لنسبة المدخنين تحت السن القانونية.

فرح عاقل

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...