إسلاميو الجزائر يبثّون من لندن
من يشاهد الإعلان الترويجي لبرنامج «صدى الشارع» الذي تعرضه قناة «المغاربية»، يلاحظ ـــــ بلا شكّ ـــــ صور الشخصيات السياسية والعسكرية الجزائرية التي تمرّ على الشاشة قبل أن تظهر عبارة «هؤلاء لم يسمعوا صدى الشارع». الشخصيات المقصودة هي تلك التي شاركت في الحكم، وتمكّنت مطلع التسعينيات من إيقاف المسار الانتخابي الذي جاء بالإسلاميين عبر صناديق الاقتراع.
بالنسبة إلى قسم كبير من الجمهور، هذا الإعلان وحده كفيل بالتعبير عن سياسة الفضائية التي بدأت بثّها من لندن منتصف الشهر الماضي. ورغم أن المحطة تحمل اسم «المغاربية»، إلا أن تحليل محتواها يؤكّد أنها قناة جزائرية. وهنا لا يتردد مسؤول القناة، سليم صالحي في الكشف أنّ 60 في المئة من البرامج ستُعنى بالشأن الجزائري، وخصوصاً أن القناة تمثل «ثمرة» تعاون بين عدد من الصحافيين ورجال الأعمال الجزائريين في الخارج، أبرزهم أسامة عباسي مدني، نجل مؤسس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة. ولعلّ مشاركة مدني كانت كافية لتتعرّض المحطة لحملة هجوم شرس، تتهمها تارةً بالعمل لإعادة «الجزائر إلى السنوات الدموية»، وطوراً بـ«تنفيذ سياسة قطر الداعمة للجماعات الإسلامية في العالم العربي»، وخصوصاً أن مدني يحمل الجنسية القطرية. إلا أن صالحي ينفي كل هذه الاتهامات، مؤكداً أن مدني «رجل أعمال، وكونه نجل عباسي مدني لا يمنعه من المشاركة في تأسيس قناة تلفزيونية».
وإلى جانب «صدى الشارع»، تقدّم «المغاربية» برنامجاً لافتاً هو «الحدث المغاربي» الذي يبثّ يومياً. وقد استضاف حتى الساعة عدداً كبيراً من المعارضين، مثل نائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بلحاج، وقيادات أخرى من الحزب المحظور. كذلك أطل في البرنامج سياسيون من «جبهة القوى الاشتراكية» المعارضة، ومجموعة من الصحافيين... واستضافت القناة، في مناسبتين متقاربتين زمنياً، الوزير السابق في الحكومة والقيادي الإخواني عبد المجيد مناصرة.
وتطرقت «المغاربية» في برامجها، إلى مواضيع تهمّ الشارع الجزائري، ولا تجد لها مكاناً في وسائل الإعلام الحكومية. ولعلّ أشهر حلقات «صدى الشارع» هي تلك التي ناقشت تقريراً أصدره البرلمان عن «ثورة الغضب» التي شهدها الشارع الجزائري مطلع 2011، وسميّت «أحداث السكر والزيت». هكذا انتقد المتصلون هذه التسمية، رافضين ربط تحرّكهم بالحاجات الاستهلاكية، ومؤكدين أن السبب الحقيقي للغضب هو الفساد وتزوير الانتخابات... إلا أن ذلك لم يمنع البعض من انتقاد المحطة واتهامها بمحاولة استنساخ الربيع العربي وتصديره إلى الجزائر.
ويأتي انطلاق بث «المغاربية» في ظل حراك إعلامي بارز أدى إلى انطلاق بث أكثر من محطة خاصة من خارج الجزائر. ومن أبرز هذه الفضائيات «الجزائرية»، و«الشروق تي في»... ويتردّد حالياً أن رجل الأعمال الشهير الجيلالي مهري ينوي إطلاق محطته الخاصة.لكن يبدو أن كل هذا الحراك لم يغيّر موقف الحكومة على صعيد فتح المجال السمعي والبصري. وقال وزير الاتصال ناصر مهل، إن الوزارة لم تتلقَّ «حتى الآن أي طلب رسمي لإنشاء قناة تلفزيونية خاصة». وأضاف: «لا استثمارات أجنبية في السمعي البصري في الجزائر»، قاطعاً بذلك الطريق على ما تردّد عن نية رجال أعمال خليجيين تأسيس قنوات خاصة في الجزائر.
قادة بن عمار
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد